گروه نرم افزاری آسمان

صفحه اصلی
کتابخانه
جلد دوم
صفحه 100








الصفحۀ 98
من الغصب وهکذا شرب الخمر فی المهلکۀ لیس هو إلا نظیر الأفعال التولیدیۀ فیکون اختیار ترکها بترك العمد إلی أسبابها
ومقدماتها فکما أن من ترك الإحراق بترك الإلقاء فی النار یصدق علیه أنه ترك الإحراق ولو بترك السبب له لا بنحو السالبۀ بانتفاء
الموضوع فکذلک من ترك الخروج من الغصب بترك الدخول فیه أو ترك شرب الخمر فی المهلکۀ بترك إلقاء النفس فیها یصدق
صفحۀ 75 من 245
علیه أنه ترك الخروج من الغصب أو ترك شرب الخمر فی المهلکۀ بترك المقدمۀ له لا بنحو السالبۀ بانتفاء الموضوع إذ فرق عظیم
بین الموضوع وبین المقدمۀ فان الموضوع هو المعروض للمسلوب کما فی قولک زید لم یکن قائما فی الأزل فهذا هو السالبۀ بانتفاء
الموضوع وأما المقدمۀ فهی عبارة عما یتوقف علیه وجود الشیء کالدخول بالنسبۀ إلی الخروج أو إلقاء النفس فی المهلکۀ بالنسبۀ
إلی شرب الخمر فی المهلکۀ ولیس هو معروضا للمسلوب أي للخروج أو للشرب (ولو سلم عدم صدق الترك هنا إلا بنحو السالبۀ
بانتفاء الموضوع فهو مع ذلک مما لا یضر بتمکنه من الترك عقلا بترك الموضوع من أصله کما یتمکن من الفعل بفعل الموضوع
وإتیانه فی الخارج ومن الواضح أن مجرد التمکن من الترك عقلا مما یکفی فی صحۀ النهی عن الفعل وطلب ترکه شرعا فتدبر جیدا
(قوله کذلک لم تکن مانعۀ عن مطلوبیته … إلخ) أي فکما لا تکون الفرعیۀ مانعۀ عن مطلوبیۀ ترك البقاء قبل الدخول وبعده کذلک
لم تکن مانعۀ عن مطلوبیۀ ترك الخروج لکن قبل الدخول لا بعده وذلک لما عرفت من سقوط النهی عنه فعلا بحدوث الاضطرار
إلیه.
(قوله وإن کان العقل یحکم بلزومه إرشادا إلی ما هو أهم وأولی بالرعایۀ من ترکه … إلخ) أي وان کان العقل یحکم فعلا بلزوم
الخروج إرشادا إلی ما هو أهم وهو التخلص عن الغصب.
(98)
( مفاتیح البحث: شرب الخمر ( 4)، یوم عرفۀ ( 1)، الوقوف ( 1)، التصدیق ( 1)، النهی ( 2)، الإختیار، الخیار ( 1)، السب ( 1
صفحه 101
الصفحۀ 99
(أقول) بل الشرع أیضا یحکم فعلا بلزوم الخروج غیریا مولویا کما عرفته منا وانما ذهب المصنف هنا إلی حکم العقل بلزومه إرشادا
دون الشرع مولویا لما تقدم منه من عدم کون الخروج مأمورا به شرعا فی نظره ولکن قد عرفت منا ضعفه ووهنه وان الحق تبعا
للفصول هو کونه مأمورا به مع جریان حکم المعصیۀ علیه (ثم ان فی بعض النسخ) زیادة هنا وهی هکذا وان کان العقل یحکم بلزومه
إرشادا إلی اختیار أقل المحذورین وأخف القبیحین ومن هنا ظهر حال شرب الخمر علاجا وتخلصا عن المهلکۀ وأنه انما یکون مطلوبا
علی کل حال لو لم یکن الاضطرار إلیه بسوء الاختیار والا فهو علی ما هو علیه من الحرمۀ وان کان العقل یلزمه إرشادا إلی ما هو أهم
وأولی بالرعایۀ من ترکه … إلخ.
(أقول) هذه الزیادة مما لا بأس به غیر أنه یظهر منها أن شرب الخمر علاجا وتخلصا عن المهلکۀ حرام شرعا إذا کان الاضطرار إلیه
بسوء الاختیار وهو مع فساده فی حد ذاته مما ینافی ما تقدم منه فی الخروج من الغصب من التصریح بسقوط النهی عنه بحدوث
الاضطرار إلیه ولو کان بسوء الاختیار حیث (قال) والحق أنه منهی عنه بالنهی السابق الساقط بحدوث الاضطرار إلیه وعصیان له بسوء
الاختیار … إلخ ولعل من هنا قد أسقطوا الزیادة فی طبع بغداد والله العالم.
(قوله فمن ترك الاقتحام فیما یؤدي إلی هلاك النفس أو شرب الخمر لئلا یقع فی أشد المحذورین منهما … إلخ) أي فی أشدهما
محذورا وهو شروع فی الجواب الأول عن الدعوي الثانیۀ وقد عرفت منا شرحه وبیانه فلا نعید.
(قوله کسائر الأفعال التولیدیۀ … إلخ) کان اللازم أن یقول نظیر
(99)
( مفاتیح البحث: شرب الخمر ( 3)، یوم عرفۀ ( 2)، مدینۀ بغداد ( 1)، النهی ( 1)، الإختیار، الخیار ( 1
صفحه 102
صفحۀ 76 من 245
الصفحۀ 100
الأفعال التولیدیۀ فان الخروج من الغصب وهکذا شرب الخمر فی المهلکۀ لیس من الأفعال التولیدیۀ بل المباشریۀ فلا تغفل.
(قوله ولو سلم عدم الصدق الا بنحو السالبۀ المنتفیۀ بانتفاء الموضوع … إلخ) شروع فی الجواب الثانی عن الدعوي الثانیۀ وقد عرفت
منا تفصیله آنفا فلا نکرر.
(قوله ان قلت کیف یقع مثل الخروج والشرب ممنوعا عنه شرعا ومعاقبا علیه عقلا … إلخ) حاصل الإشکال أنه کیف یعقل أن یکون
مثل الخروج عن الغصب أو شرب الخمر فی المهلکۀ محرما شرعا ومعاقبا علیه عقلا فیما إذا کان الدخول أو الوقوع فی المهلکۀ بسوء
الاختیار مع بقاء ما یتوقف علیه وهو التخلص عن الغصب أو النجاة من المهلکۀ علی وجوبه شرعا ووضوح سقوط الوجوب بامتناع
المقدمۀ ولو شرعا لا عقلا (وحاصل الجواب) أن المقدمۀ وان کانت محرمۀ شرعا ولکنها لیست کالممتنع عقلا إذا کانت واجبۀ بحکم
العقل إرشادا لئلا یقع فی أشد المحذورین ومن المعلوم أن مع وجوبها العقلی لا بأس ببقاء ذي المقدمۀ علی وجوبه الشرعی (ولو سلم
ذلک أي أن المحرم شرعا کالممتنع عقلا فنلتزم بسقوط وجوب ذي المقدمۀ شرعا مع بقاء وجوب إتیانه عقلا خروجا عن عهدة ما
تنجز علیه سابقا من النهی عن الغصب بتمام أنحائه وفرارا عن الوقوع فی المحذور الأشد وهو البقاء فی الغصب (أقول) والحق أن هذا
الإشکال فاسد من أصله لا یحتاج إلی الجواب أصلا والحري کان أن یضرب علیه فإنه مع اعتراف المصنف قبلا بکون الخروج منهیا
عنه فی السابق وقد سقط نهیه بحدوث الاضطرار إلیه لا یکاد یبقی مجال لهذا الإشکال من أنه کیف یکون مثل الخروج والشرب
محرما شرعا مع بقاء ما یتوقف علیه علی وجوبه (وأضعف منه) جوابه عنه من
(100)
( مفاتیح البحث: شرب الخمر ( 2)، یوم عرفۀ ( 1)، الوقوف ( 2)، الضرب ( 1)، الصدق ( 1)، النهی ( 1)، الوجوب ( 2
صفحه 103
الصفحۀ 101
التفکیک بین حکم الشرع وحکم العقل فالشرع یحرم الخروج والعقل یوجبه ویأمر به وهو غیر معقول (وأضعف من الکل) جوابه
الثانی من الالتزام بسقوط وجوب ذي المقدمۀ شرعا مع بقاء وجوبه عقلا فتأمل جیدا.
(قوله وإلزام العقل به لذلک إرشادا … إلخ) لیس الواو عطفا بل للاستئناف أي وإلزام العقل بالإتیان بذي المقدمۀ إرشادا لأجل
الخروج عن عهدة ما تنجز علیه سابقا والفرار عن الوقوع فی المحذور الأشد کاف لا حاجۀ معه إلی بقاء وجوبه شرعا.
(قوله وقد ظهر مما حققناه فساد القول بکونه مأمورا به مع إجراء حکم المعصیۀ علیه … إلخ) شروع فی الرد علی الفصول القائل بکون
الخروج مأمورا به مع إجراء حکم المعصیۀ علیه لکونه منهیا عنه فی السابق أي قبل الدخول وقد عصاه بسوء اختیاره (ووجه الظهور) ما
تقدم من المصنف فی وجه عدم کونه مأمورا به من أن الخروج وإن کان مقدمۀ للواجب الأهم ولکن التوقف والانحصار به حیث
کان بسوء الاختیار فلا یجب ولکن قد عرفت منا ضعفه بما لا مزید علیه وان سوء الاختیار مما لا دخل له فی نفی وجوبه غیریا بعد
صیرورته مقدمۀ للواجب الأهم ما لم یرفع المولی یده عن الواجب الأهم أو نحن نرفع یدنا عن الملازمۀ التی ادعیناها فی مقدمۀ
الواجب بین وجوب الشیء ووجوب مقدمته وأن الحق علی هذا هو مع صاحب الفصول رحمه الله فی کون الخروج مأمورا به مع
جریان حکم المعصیۀ علیه.
(قوله مع ما فیه من لزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب والحرمۀ ولا یرتفع غائلته باختلاف زمان التحریم والإیجاب قبل
الدخول أو بعده کما فی الفصول مع اتحاد زمان الفعل … إلخ) هذا رد آخر علی الفصول غیر ما أشیر إلیه آنفا وقبل توضیحه لا بأس
بذکر جملۀ من عبائر
صفحۀ 77 من 245
(101)
( مفاتیح البحث: الأحکام الشرعیۀ ( 1)، یوم عرفۀ ( 1)، الوجوب ( 2
صفحه 104
الصفحۀ 102
الفصول مما یناسب المقام ثم الشروع فی النقض والإبرام بما یتضح به المرام فنقول (قال) فی جملۀ ما أفاده هنا (ما هذا لفظه) لا یقال
لو صح ذلک لزم أن یکون الخروج طاعۀ وعصیانا وهو محال لأن الطاعۀ والعصیان أمر ان متنافیان بالضرورة فیمتنع استنادهما إلی
شیء واحدا أو تواردهما علی محل واحد لأنا نقول ان أرید أن الطاعۀ والعصیان متنافیان من حیث نفسیهما فممنوع لأن معناهما موافقۀ
الطلب ومخالفته ولا منافاة بینهما مع تعدد الطلب وان أرید انهما متنافیان من حیث ما أضیفا إلیه من الأمر والنهی فممنوع أیضا لأنهما
انما یتنافیان إذا اجتمعا فی الزمان کما هو شأن التضاد وقد بینهما أن زمن الأمر غیر زمن النهی (إلی أن قال) فیکون للخروج بالقیاس
إلی ما قبل الدخول وما بعده حکمان متضادان أحدهما مطلق وهو النهی عن الخروج والآخر مشروط بالدخول وهو الأمر به وهما غیر
مجتمعین فیه لیلزم الجمع بین الضدین بل یتصف بکل فی زمان (انتهی موضع الحاجۀ من کلامه) رفع مقامه (فیقول المصنف) فی رده
إنه لو قلنا بکون الخروج مأمورا به مع إجراء حکم المعصیۀ علیه للنهی السابق لزم أن یکون الخروج مع وحدة عنوانه حراما وواجبا
(وما تشبث به الفصول) فی دفع التضاد باختلاف زمان الحرمۀ والوجوب وان الحرمۀ کانت فی السابق والأمر به یکون فی اللاحق (مما
لا یجدي) مع اتحاد زمان الفعل وموطنه إذ لا إشکال فی أن الخروج موطنه هو بعد الدخول فمعنی حرمته قبلا أنه یحرم الخروج بعد
الدخول فإذا فرض أنه بمجرد تحقق الدخول فی الخارج یجب الخروج غیریا لزم التضاد لوحدة زمان الفعل نظیر قولک فی یوم
الأربعاء أکرم زیدا یوم الجمعۀ وقولک فی یوم الخمیس لا تکرم زیدا یوم الجمعۀ فهما متناقضان من حیث وحدة زمان الفعل وان
کان زمان الإیجاب والتحریم متعددا فالمجدي لدفع التناقض هو
(102)
( مفاتیح البحث: النهی ( 3)، الکرم، الکرامۀ ( 1)، الحاجۀ، الإحتیاج ( 1
صفحه 105
الصفحۀ 103
تعدد زمان الفعل کما فی قولک أکرم زیدا یوم الجمعۀ ولا تکرم زیدا یوم السبت وان کان زمان الحکمین واحدا لا تعدد زمان
الإیجاب والتحریم مع وحدة زمان الفعل (کما أن ما تشبث به الفصول) أخیرا من کون النهی مطلقا والأمر مشروطا بالدخول (مما لا
یجدي أیضا) فان حرمۀ الشیء علی نحو الإطلاق إلی الآخر والوجوب فی بعض الأحوال متنافیان جدا.
(أقول) ان المصنف کما تقدم قبلا وان لم یلتزم بکون الخروج بعد الدخول واجبا ولکن قد التزم بکونه منهیا عنه فی السابق قبل
الدخول وأنه بالدخول یسقط نهیه لحدوث الاضطرار إلیه (وعلیه) فیتوجه إلیه الإشکال مثل ما یتوجه إلی الفصول عینا غایته أنه یتوجه
إلی الفصول لزوم اتصاف الخروج بالحرمۀ والوجوب مع اتحاد زمان الفعل ویتوجه إلی المصنف لزوم اتصاف الخروج بالحرمۀ وعدم
الحرمۀ مع اتحاد زمان الفعل ومن المعلوم أنه کما تکون الحرمۀ والوجوب متضادین لا یجتمعان فکذلک تکون الحرمۀ وعدم الحرمۀ
متناقضین لا یجتمعان (هذا مضافا) إلی أنه لا محذور عقلا فی اتصاف شیء واحد بالوجوب والحرمۀ مع اختلاف زمانهما واتحاد زمان
الفعل فان المستحیل عقلا هو اتصاف شیء واحد بالوجوب والحرمۀ مع اتحاد زمان الحکمین واتحاد زمان الفعل جمیعا وأما مع
اختلاف زمان الإیجاب والحرمۀ واتحاد زمان الفعل بان یقول المولی فی یوم الأربعاء لا تکرم زیدا یوم الجمعۀ وبعد مجیء یوم
صفحۀ 78 من 245
الخمیس یقول أکرم زیدا یوم الجمعۀ فلا محذور فیه أبدا بل یکون من قبیل النسخ والبداء غایته أن هذا النحو من التحریم والإیجاب
یحتاج إلی داع عقلائی وحکمۀ عقلائیۀ وهی موجودة فی المقام لأن الخروج من الغصب فیه مفسدة الغصب وفیه مصلحۀ التخلص
فالمولی من قبل الدخول فی الغصب یطلب منه ترك الخروج ولو بترك الدخول من أصله فإذا ترك الدخول
(103)
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 2)، النهی ( 1
صفحه 106
الصفحۀ 104
سلم من المفسدة ولا یفوته المصلحۀ وهو التخلص لأنها حاصلۀ بنفسها وبعد تحقق الدخول فی الغصب یرفع المولی یده عن النهی
ویأمر بالخروج مع ما فیه من المفسدة نظرا إلی ما فیه من المصلحۀ الغالبۀ وهی التخلص عن الغصب وهکذا الأمر فی شرب الخمر فی
المهلکۀ حرفا بحرف فیطلب منه أو لا ترکه بترك الوقوع فی المهلکۀ وبعد الوقوع فیها یأمر بفعله لما فیه من المصلحۀ الغالبۀ فتدبر
جیدا فان المقام لا یخلو عن دقۀ.
(قوله کیف ولازمه وقوع الخروج بعد الدخول عصیانا للنهی السابق وإطاعۀ للأمر اللاحق فعلا … إلخ) قد عرفت الجواب عن هذا
الإشکال من نفس کلام الفصول فان التنافی فی کون الخروج إطاعۀ وعصیانا ان کان من حیث نفس الطاعۀ والعصیان فهذا ممنوع
لکون الخروج إطاعۀ لطلب وعصیانا لطلب آخر وان کان التنافی من حیث ما أضیفا إلیه من الأمر والنهی فقد عرفت أنه لا تنافی بینهما
بعد اختلافهما زمانا وان اتحد زمان الفعل وموطنه بالتقریب الذي قد عرفته منا آنفا.
(نعم) لم یکف تقریب الفصول بنفسه فی تصحیحهما وفی دفع التنافی بینهما (بل) لم یصح دعواه الأخیرة من کون النهی مطلقا والأمر
مشروطا فان النهی أمده إلی أن یتحقق الدخول فی الخارج لا إلی الآخر والأمر یحدث بعد الدخول.
(قوله ومبغوضا ومحبوبا کذلک … إلخ) أي فعلا وفیه عدم لزوم ذلک فان الخروج فعلا أي بعد الدخول باق علی ما کان علیه من
المبغوضیۀ السابقۀ لاشتماله علی مفسدة الغصب ولکن المولی انما یأمر به فعلا فرارا عما هو أبغض وأشد وهو البقاء فی الغصب نظیر
أمره بأکل المیتۀ عند الاضطرار إلیه فرارا عما هو أبغض وأشد محذورا وهو هلاك النفس.
(104)
( مفاتیح البحث: شرب الخمر ( 1)، یوم عرفۀ ( 2)، النهی ( 4
صفحه 107
الصفحۀ 105
(قوله وأما القول بکونه مأمورا به ومنهیا عنه … إلخ) وهو القول الرابع فی المسألۀ وقد عرفت أنه مختار المحقق القمی رحمه الله وأنه
نسبه إلی أبی هاشم وأکثر أفاضل متأخرینا بل وظاهر الفقهاء (وقد رد علیه المصنف)ها هنا من قبل أن یذکر دلیله الذي استدل به
وکان الأولی عکس ذلک فهو من قبیل الشرح قبل المتن (وعلی کل حال) قد استدل المحقق القمی لمختاره بعبارات طویلۀ مضطربۀ
غیر وافیۀ بمقصوده وقد لخصها التقریرات بعبارة مختصرة وافیۀ (قال أعلی الله مقامه) حجۀ القول بکونه مأمورا به ومنهیا عنه هو أن
المقتضی وهو إطلاق الأدلۀ الدالۀ علی حرمۀ الغصب ووجوب التخلص موجود ولا مانع منه لأن المانع اما اجتماع الضدین أو التکلیف
بما لا یطاق وشئ منهما لا یصلح لذلک أما الأول فلما عرفت من إجداء تعدد الجهتین فی اجتماعهما وأما الثانی فلأنه لا نسلم بطلان
التکلیف بما لا یطاق فیما إذا کان المکلف سببا له فان الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار (انتهی) وحاصله أن الخروج من الغصب هو
صفحۀ 79 من 245
من صغریات مسألۀ الاجتماع وقد اخترنا فیها الجواز فالخروج بعنوان أنه غصب حرام وبعنوان أنه تخلص واجب والمندوحۀ وان
اعتبرناها هناك حذرا عن لزوم التکلیف بما لا یطاق ولکنها لا تعتبر فی المقام لکون الانحصار بسوء الاختیار والامتناع بالاختیار مما لا
ینافی الاختیار.
(نعم) المحقق المذکور لم یصرح فی کلامه بلفظ أن الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار ولکنه قد أفاد ما یؤدي ذلک عینا (قال) وأما
فیما نحن فیه فإنه وإن کان یلزم تکلیف ما لا یطاق أیضا ولکن لا دلیل علی استحالته إن کان الموجب هو سوء اختیار المکلف کما
یظهر من الفقهاء فی کون المستطیع مکلفا بالحج إذا أخره اختیارا وان فات استطاعته (انتهی کلامه) هذا کله
(105)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 2)، الباطل، الإبطال ( 1)، الحج ( 2)، الإختیار، الخیار ( 1)، الغصب ( 1
صفحه 108
الصفحۀ 106
حاصل الاستدلال (وأما الجواب عنه) فالحق أن یقال.
(أولا) إن الخروج وإن کان غصبا ولکنه لیس تخلصا عن الغصب بل به یحصل التخلص عن الغصب فهو مقدمۀ له وسبب له والمحقق
المذکور ممن لا یقول بوجوب المقدمۀ کی یجتمع فی الخروج النهی النفسی والأمر الغیري وتوضیحه أن الخروج کما أشیر قبلا فی
صدر البحث فی ذیل التعلیق علی قول المصنف کما إذا لم یکن هناك توقف علیه … إلخ مقدمۀ للکون فی خارج الغصب وترك
الکون فی الغصب فان الکون فی خارجۀ وترك الکون فی داخله متلازمان فی عرض واحد فإذا کان مقدمۀ لأحدهما کان مقدمۀ
للآخر أیضا (ثم ان) التخلص هو عنوان وجودي منتزع عن خصوص ترك الکون فی الغصب منطبق علیه انطباق عنوان الصوم علی
تروك خاصۀ ولیس التخلص هو عنوان منطبق علی نفس الخروج الذي هو مقدمۀ له.
(وثانیا) لو سلم أن الخروج بنفسه تخلص عن الغصب فلیست النسبۀ بین العنوانین المنطبقین علی الخروج من الغصب والتخلص عموما
من وجه بل عموم مطلق فان کل تخلص عن الغصب غصب ولا عکس والمحقق المذکور وإن حاول إثبات کون النسبۀ بینهما عموما
من وجه بدعوي إمکان التخلص بوجه آخر غیر الخروج الغصبی بان یحمله غیر الغاصب ویخرجه من دون اختیاره ولکنه ضعیف فإنه
مضافا إلی أن ذلک انما یتم إذا لم یکن الفضاء غصبیا وإلا فخروجه محمولا علی الغیر أیضا غصب أن مفروض البحث هو انحصار
التخلص عن الغصب بالخروج الغصبی المحرم لا بغیره مما لیس بغصب.
(وثالثا) لو سلم کون الخروج ذات عنوانین بینهما عموم من وجه فنحن قد أثبتنا الامتناع فی مسألۀ الاجتماع ومعه لا یکاد یبقی مجال
لدعوي الجواز أصلا.
(106)
( مفاتیح البحث: النهی ( 1)، الغصب ( 2)، الصیام، الصوم ( 1
صفحه 109
الصفحۀ 107
(ورابعا) لو سلم الجواز فی مسألۀ الاجتماع ففی المقام لا نقول به لانتفاء المندوحۀ فإنها کما تقدم قبلا وإن لم تعتبر هی فیما هو المهم
المبحوث عنه من استحالۀ الاجتماع وعدمها استنادا إلی وحده المتعلق أو تعدده ولکن قد قلنا أنه علی الجواز وفعلیۀ کلا الحکمین لا
بد من وجود المندوحۀ وتمکن المکلف من التفکیک بین التکلیفین فی مقام الامتثال کی لا یلزم التکلیف بالمحال أي بغیر المقدور
صفحۀ 80 من 245
(وأما ما قیل) من أن الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار (فهو کلام) فی قبال الأشاعرة المدعین لکون الأفعال غیر اختیاریۀ نظرا إلی أن
الشیء ما لم یجب من ناحیۀ العلۀ لم یوجد فإذا وجب خرج عن تحت الاختیار فیقال لهم إن خروج الشیء عن تحت الاختیار بإیجاد
العلۀ له هو مما لا ینافی الاختیار من جهۀ انتهائه بالأخرة إلی ما بالاختیار ولیس المقصود من ذلک أن الشیء بعد أن امتنع ولو بسوء
الاختیار صح أن یتعلق به التکلیف فعلا فإنه غیر معقول (وأما حکم الفقهاء) بوجوب الحج علی من زالت استطاعته فهو فی صورة بقاء
القدرة العقلیۀ علیه بان تمکن من الحج متسکعا لا مطلقا حتی مع زوال القدرة العقلیۀ رأسا (ثم ان) جمیع ما تقدم من أول بحث
الخروج إلی هنا کان تفصیل الکلام فی قول التقریرات وقول الفصول وقول المحقق القمی وقول المصنف وبقی فی المقام قول واحد
وهو القول الأول فی المسألۀ من کون الخروج منهیا عنه کما فی السابق مع عدم کونه مأمورا به (وقد احتج) القائل به علی ما فی
التقریرات بأنه تصرف فی ملک الغیر وهو غصب عند عدم الاذن وهو منهی عنه وبان الواجب هو عدم التصرف والخروج انما هو
مقدمۀ له فهی لیست بواجبۀ.
(أقول) وضعف هذا القول یظهر من جمیع ما تقدم إلی هنا فإنه مع حدوث الاضطرار إلی الخروج ولو کان بسوء الاختیار لا یکاد
یعقل بقاء
(107)
( مفاتیح البحث: مدرسۀ الأشاعرة ( 1)، الحج ( 2)، الغصب ( 1
صفحه 110
الصفحۀ 108
النهی علی حاله وأما دعوي عدم کون المقدمۀ واجبۀ فقد عرفت ضعفها فی بحث المقدمۀ بما لا مزید علیه فلا نعید.
(قوله ففیه مضافا إلی ما عرفت من امتناع الاجتماع … إلخ) إشارة إلی الجواب الثالث من الأجوبۀ المتقدمۀ.
(قوله فضلا عما إذا کان بعنوان واحد کما فی المقام حیث کان الخروج بعنوانه سببا للتخلص … إلخ) إشارة إلی الجواب الأول من
الأجوبۀ المتقدمۀ ولیس فی کلام المصنف من الجواب الثانی عین ولا أثر.
(قوله عن ترك الحرام المسبب عن الخروج … إلخ) المصنف بمقتضی قوله هذا یعترف ویصرح بان الخروج سبب ومقدمۀ لترك
الکون فی الغصب ولکن سبق منه تعلیقۀ علی قوله المتقدم فی صدر البحث کما إذا لم یکن هناك توقف علیه … إلخ قد أنکر فیها
مقدمیۀ الخروج لترك الکون فی الغصب وإنما هو مقدمۀ للکون فی خارج الغصب ونحن قد ضعفناه بان الکون فی خارج الغصب
وترك الکون فی داخله متلازمان فی عرض واحد فإذا کان مقدمۀ لأحدهما کان مقدمۀ للآخر أیضا وهاهنا أیضا له تعلیقۀ علی قوله
هذا یکرر فیها کلامه المتقدم فی تعلیقته السابقۀ ولکنک بعد ما عرفت منا ضعفه جدا فلا یکاد ینفعه التکرار ولو کان مرارا عدیدة.
(قوله أن الاجتماع هاهنا لو سلم أنه لا یکون بمحال لتعدد العنوان وکونه مجدیا فی رفع غائلۀ التضاد کان محالا لأجل کونه طلب
المحال حیث لا مندوحۀ هنا … إلخ) هذا شروع فی الجواب الرابع من الأجوبۀ المتقدمۀ وقد عرفت أنه أبسطها وأقواها.
(قوله وذلک لما عرفت من ثبوت الموجب للتقیید عقلا … إلخ) فإنه بعد ما ثبت الامتناع عقلا وجب تقیید أحد الحکمین لا محالۀ
فان قلنا
(108)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 5)، النهی ( 1
صفحه 111
صفحۀ 81 من 245
الصفحۀ 109
بالتعارض وجب إخراج المجمع عن تحت أحد الحکمین رأسا فیکون بمنزلۀ التخصیص العرفی کما فی العام والخاص وان قلنا
بالتزاحم کما اخترنا ذلک وتقدم شرحه وجب إسقاط أحد الحکمین عن التنجز فقط فیکون التخصیص عقلیا ناشئا عن تقدیم أحد
الحکمین بإحدي مرجحات باب التزاحم وسیأتی تصریح المصنف بان وزان التخصیص فی المقام وزان التخصیص العقلی الناشئ من
جهۀ تقدیم أحد المقتضیین وتأثیره فانتظر یسیرا.
فی ثمرة بحث الخروج عن الأرض الغصبی (قوله ثم لا یخفی انه لا إشکال فی صحۀ الصلاة مطلقا فی الدار المغصوبۀ علی القول
بالاجتماع … إلخ) هذا شروع فی ثمرة بحث الخروج عن الأرض الغصبی إذا توسطها بسوء الاختیار ولکن قد ذکر المصنف فی المقام
فروعا عدیدة تظهر الثمرة فی الفرع الثالث منها والظاهر أن المراد من قوله مطلقا أنه تصح الصلاة فی الدار المغصوبۀ علی القول
بالاجتماع علی کل حال من غیر فرق بین کونها مع الاضطرار إلی الغصب أم لا کان الاضطرار إلیه بسوء الاختیار أم بغیر سوء الاختیار
کانت الصلاة فی حال الخروج أو فی حال الدخول أو فی حال البقاء ففی جمیع هذه الصور کلها تصح الصلاة فی الغصب علی القول
بجواز الاجتماع وتعدد المتعلق وعدم سرایۀ کل من الأمر والنهی إلی متعلق الآخر وان کان المصلی آثما فی بعض الصور.
(أقول) أما صحۀ الصلاة فی المغصوبۀ علی القول بالاجتماع لا مع الاضطرار إلی الغصب فواضح (وأما مع الاضطرار بسوء الاختیار)
فلان المجوز وإن اعتبر المندوحۀ فی فعلیۀ الحکمین ولا مندوحۀ فی هذا الفرض
(109)
( مفاتیح البحث: النهی ( 1)، الصّلاة ( 5
صفحه 112
الصفحۀ 110
ولکن صرح المحقق القمی فی محکی کلامه المتقدم بعدم بطلان التکلیف بما لا یطاق إذا کان المکلف هو السبب لتوجهه إلیه
مستدلا بان الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار (وأما إذا کان الاضطرار لا بسوء الاختیار) فلا محالۀ یلتزم بسقوط النهی حینئذ وبقاء
الأمر فتصح العبادة قهرا.
(قوله وأما علی القول بالامتناع فکذلک مع الاضطرار إلی الغصب لا بسوء الاختیار … إلخ) نعم تصح الصلاة فی الغصب مع الاضطرار
إلیه لا بسوء الاختیار لکن علی نحو لا تستلزم تصرفا زائدا کما أشیر قبلا (وعلیه) فلا یرکع ولا یسجد إلا بالإیماء ومنه یظهر عدم جواز
البدار حینئذ إلا مع الیأس عن طرو الاختیار والله العالم.
(قوله أو معه ولکنها وقعت فی حال الخروج علی القول بکونه مأمورا به بدون إجراء حکم المعصیۀ علیه … إلخ) هذا هو الفرع الثالث
الذي تظهر فیه ثمرة بحث الخروج عن الأرض الغصبی فبعد القول بالامتناع والاضطرار إلی الغصب بسوء الاختیار (ان قلنا) أن الخروج
مأمور به بدون أن یجري علیه حکم المعصیۀ کما اختاره التقریرات فتصح الصلاة حینئذ فی حال الخروج والا فلا تصح سواء قلنا
بکون الخروج منهیا عنه فعلا کما فی السابق أو قلنا بکونه مأمورا به مع جریان حکم المعصیۀ علیه أو لا منهیا عنه فعلا ولا مأمورا به مع
جریان حکم المعصیۀ علیه (وقد أشار التقریرات) إلی هذه الثمرة فقال (ما لفظه) والأقوي کونه یعنی الخروج مأمورا به فقط ولا یکون
منهیا عنه (إلی أن قال) ولعله ظاهر الفقهاء حیث حکموا بصحۀ الصلاة فی حال الخروج (انتهی) فاستکشف رحمه الله من حکمهم
بصحۀ الصلاة فی حال الخروج کون الخروج مأمورا به عندهم من دون إجراء حکم المعصیۀ علیه.
(أقول) لا إشکال فی صحۀ الصلاة المندوبۀ فی حال الخروج علی
(110)
صفحۀ 82 من 245
( مفاتیح البحث: الباطل، الإبطال ( 1)، السجود ( 1)، النهی ( 1)، الصّلاة ( 5)، السب ( 1)، الجواز ( 1)، الیأس ( 1
صفحه 113
الصفحۀ 111
القول نظرا إلی کفایۀ الإیماء فیها فی حال المشی بدلا عن الرکوع والسجود حتی فی حال الاختیار ولا یعتبر فیها الاستقرار ولا
الاستقبال (وأما الصلاة الفریضۀ) فلا بد من فرض ضیق الوقت فیها علی نحو لا یتمکن من إیقاع الصلاة فی خارج الغصب مع الرکوع
والسجود والاستقرار والاستقبال والا فلا تصح وإذا فرض ضیق الوقت بالنسبۀ إلی الفریضۀ حتی جاز الإتیان بها فی حال الخروج مؤمیا
الرکوع والسجود بلا رعایۀ للاستقرار والاستقبال فلا فرق حینئذ بین القول بإجراء حکم المعصیۀ علیه أم لا وذلک لما عرفت منا فی
صدر البحث من أنه إذا اضطر إلی الصلاة فی الغصب صحت الصلاة فیه إذا لم تستلزم تصرفا زائدا بل هی مأمورة بها ولو کان
الاضطرار إلیها بسوء الاختیار واستحق علیها العقاب بعدا فراجع.
(قوله أو مع غلبۀ ملاك الأمر علی النهی مع ضیق الوقت أما مع الحسنۀ فالصحۀ وعدمها مبنیان علی عدم اقتضاء الأمر بالشیء للنهی
عن الضد واقتضائه … إلخ) عطف علی قوله مع الاضطرار إلی الغصب لا بسوء الاختیار والمعنی هکذا وأما علی القول بالامتناع
فکذلک لا إشکال فی صحۀ الصلاة فی الدار المغصوبۀ مع الاضطرار إلی الغصب لا بسوء الاختیار أو مع غلبۀ ملاك الأمر علی النهی
لکن فی ضیق الوقت وأما مع السعۀ والتمکن من إتیان الصلاة فی غیر الغصب فصحتها مبتنیۀ علی عدم اقتضاء الأمر بالشیء النهی عن
ضده الخاص والا فلا تصح نظرا إلی أن الأمر فی الصورة المفروضۀ یتعلق بالصلاة فی خارج الغصب لخلوها عن المنقصۀ والصلاة فی
الغصب مما یضادها ویعاندها بناء علی أنه لا یبقی مع أحدهما مجال للأخري کما صرح فی المتن فتقع الصلاة فی الغصب منهیۀ عنها
فتفسد.
(أقول) إذا فرض عدم تعلق الأمر بالصلاة فی الغصب مع غلبۀ ملاك
(111)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الرکوع، الرکعۀ ( 3)، الوسعۀ ( 1)، الصّلاة ( 8)، النهی ( 3)، السجود ( 3
صفحه 114
الصفحۀ 112
الأمر الا مع الضیق دون السعۀ فالأمر المتعلق بالصلاة فی خارج الغصب عند السعۀ أمر موسع والأمر الموسع علی القول بالاقتضاء لا
یقتضی الا النهی الموسع والنهی الموسع مما لا یوجب الفساد کما تقدم تحقیقه فی صدر مسألۀ الضد ما لم یتضیق الأمر فیقتضی النهی
المضیق فیوجب الفساد.
(قوله فالصلاة فی الغصب اختیارا فی سعۀ الوقت صحیحۀ … إلخ) تفریع علی عدم الاقتضاء أي وعلیه فالصلاة فی الغصب اختیارا فی
سعۀ الوقت صحیحۀ مع غلبۀ ملاك الأمر علی النهی کما هو المفروض فی الفرع الأخیر فلا تغفل.
(قوله وان لم تکن مأمورا بها … إلخ) بل وتکون مأمورة بها أیضا علی القول بالترتب کما هو الأصح علی ما حققناه.
(قوله الأمر الثانی قد مر فی بعض المقدمات أنه لا تعارض بین مثل خطاب صل ولا تغصب علی الامتناع … إلخ) قد مر ذلک فی
الأمر الثامن حیث قال فیه أنه لا یکاد یکون من باب الاجتماع الا إذا کان فی کل واحد من متعلقی الإیجاب والتحریم مناط حکمه
مطلقا حتی فی مورد التصادق والاجتماع (إلی أن قال) وأما إذا لم یکن المتعلقین مناط کذلک فلا یکون من هذا الباب (إلی أن قال)
فالروایتان الدالتان علی الحکمین متعارضتان إذا أحرز أن المناط من قبیل الثانی (إلی أن قال) والا فلا تعارض فی البین بل کان من
صفحۀ 83 من 245
باب التزاحم بین المقتضیین فربما کان الترجیح مع ما هو أضعف دلیلا لکونه أقوي مناطا فلا مجال حینئذ لملاحظۀ مرجحات الروایات
أصلا بل لا بد من مرجحات المقتضیات المتزاحمات … إلخ (ثم ان المقصود) من صدر هذا التنبیه کما تقدم فی الأمر الثامن هو بیان
أنه إذا أحرز المناطات فی المجمع وکان علی الامتناع من صغریات باب التزاحم فکیف یصنع به وما حکم
(112)
( مفاتیح البحث: النهی ( 4)، الوسعۀ ( 4)، الصّلاة ( 1
صفحه 115
الصفحۀ 113
التزاحم بین المقتضیین وقد عبرنا نحن عن ذلک فیما تقدم بالمقام الثالث واستقصینا الکلام فیه بقدر الحاجۀ فتذکر ولا نعید.
(قوله ثم لا یخفی ان ترجیح أحد الدلیلین وتخصیص الآخر به فی المسألۀ لا یوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأسا…
إلخ) رد علی التقریرات علی ما یظهر من الفوائد (قال فی التقریرات) وأما الترجیح بحسب الدلالۀ فقیل أنه مرعی فی المقام حیث أنه
یحکم بتقدیم النهی فی مورد الاجتماع لأن دلالۀ الأمر علی مطلوبیۀ محل الاجتماع بالإطلاق ودلالۀ النهی علی مبغوضیته بالعموم ولا
شک أن العام أظهر من المطلق فی استیعابه لافراده ویمکن أن یقال إن ملاحظۀ الترجیح فی الدلالۀ یوجب المصیر إلی أن مورد
الاجتماع خارج عن المطلوب بجمیع أحواله وأطواره وهو یوجب فساد المورد بواسطۀ ارتفاع المطلوبیۀ والأمر ولو حال الغفلۀ عن
الحرمۀ وقد عرفت أن المانعین لا یلتزمون به (انتهی) فیقول المصنف إن ترجیح أحد الدلیلین فی المسألۀ مما لا یوجب خروج المجمع
عن تحت الآخر رأسا کما هو مقتضی التقیید والتخصیص بل یوجب خروجه عن تحت فعلیۀ الآخر وتنجزه مع محفوظیۀ مرتبۀ الإنشاء
وإحراز الملاك فیه بوسیلتها وعلیه فإذا وقعت الصلاة فی الغصب لاضطرار أو جهل أو نسیان وقد زال النهی عن التنجز والتأثیر فی
البطلان أثر لا محالۀ ملاك الأمر الموجود فیها فی الصحۀ ولا تفسد.
(أقول) نعم ترجیح أحد الدلیلین فی المسألۀ مما لا یوجب خروج المجمع عن تحت الآخر رأسا کما ذکر المصنف ولکن هذا إذا کان
ترجیحه بمرجحات باب التزاحم لا ترجیحه بأقوائیۀ الدلالۀ کما هو مقصود التقریرات والا فالترجیح بها مما یوجب لا محالۀ خروج
المجمع عن تحت الآخر رأسا
(113)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الغفلۀ ( 1)، الباطل، الإبطال ( 1)، النهی ( 3)، الجهل ( 1)، الصّلاة ( 1)، النسیان ( 1)، الحاجۀ، الإحتیاج ( 1
صفحه 116
الصفحۀ 114
فلا یبقی وجه للصحۀ فی حال الغفلۀ عن الحرمۀ أصلا فاللازم فی قبال الکلام المذکور للتقریرات هو منع الصغري وعدم تسلیم کون
أحد الدلیلین فی المسألۀ أقوي دلالۀ کما سیأتی بل منع کون المسألۀ من باب التعارض کی تصل النوبۀ إلی الترجیح الدلالی بل هی
من باب التزاحم کما عرفت تفصیله فی الأمر الثامن لا منع الکبري أي منع کون ترجیح أحد الدلیلین فی الدلالۀ موجبا لخروج المجمع
عن تحت الآخر رأسا فافهم جیدا.
(قوله بل قضیته لیس إلا خروجه فیما کان الحکم الذي هو مفاد الآخر فعلیا … إلخ) کان الصحیح أن یقول بل قضیته لیس إلا خروجه
عن فعلیۀ الحکم الذي هو مفاد الآخر.
(قوله أو لم یکن واحد من الدلیلین دالا علی الفعلیۀ أصلا … إلخ) فان الصلاة فی هذا الفرض صحیحۀ أیضا لعدم فعلیۀ النهی وتنجزه
صفحۀ 84 من 245
کی یمنع عن الصحۀ وینافی القربۀ ولکن تقدم منا فی المقام الثانی من المقامات المتقدمۀ فی الأمر الثامن أن الدلیلین دائما بصدد
الحکم الفعلی فلا معنی لکون أحدهما بصدد الحکم الاقتضائی فضلا عن أن یکون کلاهما کذلک.
(قوله کما هو الحال فیما إذا کان الخطابات من أول الأمر متعارضین ولم یکونا من باب الاجتماع أصلا … إلخ) أي کما هو الحال من
حیث الإشکال فی صحۀ الصلاة لا من حیث فساد الإشکال فلا تشتبه.
(قوله وذلک لثبوت المقتضی فی هذا الباب … إلخ) علۀ لفساد الإشکال فی صحۀ الصلاة فی صورة الجهل أو النسیان ونحوهما.
(قوله کما إذا لم یقع بینهما تعارض ولم یکونا متکفلین للحکم الفعلی … إلخ) بل ولو کانا متکفلین للحکم الفعلی فإنه قد وفق بین
الفعلیین فی الأمر التاسع بحملهما علی الاقتضائی لو لم یکن أحدهما أظهر وإلا فخصوص الظاهر
(114)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الغفلۀ ( 1)، المنع ( 5)، الجهل ( 1)، النهی ( 1)، الصّلاة ( 3
صفحه 117
الصفحۀ 115
وقد عامل معهما فی المقام معاملۀ المتزاحمین حیث حکم بتقدیم الأقوي منهما دلالۀ أو سندا وبطریق الإن أحرز أن مدلوله أقوي
مقتضیا من الآخر.
(قوله وزان التخصیص العقلی … إلخ) الفرق بین التخصیص العقلی والتخصیص العرفی أن التخصیص العرفی کما فی العام والخاص
هو مما ینقطع به الحکم من أصله والتخصیص العقلی کما فی المتزاحمین هو مما ینقطع به الحکم عن المرتبۀ الفعلیۀ والتنجز مع بقاء
مرتبۀ الإنشاء علی حالها.
(قوله المقتضی لصحۀ مورد الاجتماع مع الأمر أو بدونه فیما کان هناك مانع عن تأثیر المقتضی للنهی له أو عن فعلیته … إلخ) (أما
قوله) المقتضی لصحۀ مورد الاجتماع فهو صفۀ للتخصیص العقلی (وأما التردید) فی صحۀ مورد الاجتماع بین کونها مع الأمر أو بدونه
فهو للإشارة إلی ما تقدم منه فی الأمر العاشر من الحکم بصحۀ الصلاة فی الغصب علی الامتناع وترجیح جانب النهی إذا کانت الصلاة
بلا التفات إلی الحرمۀ قصورا وان لم تکن امتثالا للأمر بناء علی تبعیۀ الأحکام لما هو الأقوي من جهات المصالح والمفاسد واقعا لا
لما هو المؤثر منها فعلا للحسن أو القبح (فان قلنا) بتبعیۀ الأحکام لما هو الأقوي فالصلاة فی الغصب نسیانا أو جهلا عن قصور صحیحۀ
ولا أمر لها لما فرض من تبعیۀ الأحکام للجهۀ الغالبۀ وهی جهۀ النهی (وإن قلنا) بتبعیتها لما هو المؤثر منها فعلا للحسن أو القبح
فالصلاة فی الغصب نسیانا أو جهلا عن قصور صحیحۀ ولها الأمر لما فرض من تبعیۀ الأحکام للجهۀ المؤثرة للحسن أو القبح وهی جهۀ
الأمر التی قد أثرت فعلا فی الحسن الصدوري (وأما مقصوده) من المانع عن تأثیر المقتضی للنهی له فهو النسیان أو الجهل القصوري
ونحوهما کالاضطرار (بقی شیء) وهو التردید بین کون المانع مانعا عن تأثیر المقتضی للنهی له أو عن فعلیته وهو علی الظاهر مما لا
وجه له فان المانع عن
(115)
( مفاتیح البحث: الجهل ( 3)، النهی ( 2)، الصّلاة ( 2
صفحه 118
الصفحۀ 116
تأثیر المقتضی للنهی له لیس إلا النسیان أو الجهل قصورا أو الاضطرار وهو مما لا یرفع النهی من أصله الا فعلیته والا فبأي وسیلۀ قد
صفحۀ 85 من 245
أحرزنا المناط فی المجمع وکان من باب التزاحم وحکمنا بصحۀ الصلاة فی الغصب مع النسیان أو الجهل القصوري أو مع الاضطرار
(مضافا) إلی أن نسیان الحکم أو الجهل به لو کان رافعا للحکم من أصله وکان النهی منوطا بالذکر والعلم لزم الدور کما لا یخفی وان
لم یجر ذلک فی نسیان الموضوع أو الجهل به فتفطن.
(قوله کما مر تفصیله … إلخ) أي فی الأمر العاشر کما أشیر آنفا.
فی مرجحات النهی علی الأمر (قوله وقد ذکروا لترجیح النهی وجوها منها أنه أقوي دلالۀ … إلخ) قد ذکر القائلون بالامتناع لترجیح
جانب النهی علی الأمر وجوها.
(منها) أنه أقوي دلالۀ ووجه أقوائیته فی الدلالۀ کما یظهر من العبارة المتقدمۀ للتقریرات أن دلالۀ الأمر علی وجوب مورد الاجتماع
یکون بالإطلاق ودلالۀ النهی علی حرمته یکون بالعموم والعموم أقوي دلالۀ من الإطلاق فیقدم علیه (وقد أورد علیه) بان عموم النهی
أیضا لا یکون الا بوسیلۀ مقدمات الحکمۀ الجاریۀ فی المتعلق کمادة الغصب ونحوها فإذا لا فرق بین إطلاق الأمر وعموم النهی من
حیث کونهما مستفادین من الحکمۀ لا بالوضع فلا ترجیح (وقد انتصر بعضهم) للوجه المذکور فأورد علی الإیراد بما حاصله أنه لو
کان العموم فی النهی مستندا إلی مقدمات الحکمۀ لم یکن استعمال مثل لا تغصب فی بعض أفراد الغصب ولو بالقرینۀ مجازا لعدم
تمامیۀ المقدمات حینئذ فلا یبقی موجب للتجوز وهو فاسد بل العموم فیه مستند إلی دلالۀ النهی علیه
(116)
( مفاتیح البحث: الجهل ( 4)، النهی ( 10 )، الصّلاة ( 1)، النسیان ( 2)، الوجوب ( 1
صفحه 119
الصفحۀ 117
بالالتزام نظرا إلی وقوع الطبیعۀ فی حین النهی فلا ینتهی عنها الا بالانتهاء عن جمیع أفرادها فیکون العموم للنهی من المدالیل الالتزامیۀ
وان لم تکن لفظیۀ بل عقلیۀ لعدم اللزوم البین بالمعنی الأخص (وفیه) أن العموم فی النهی وان کان مستفادا من دلالته علیه بالالتزام
کما ذکره المنتصر ولکن الاستدلال لنفی استفادته من الحکمۀ بما ذکره فی المقام فی غیر محله فان الاستعمال فی بعض الأفراد سواء
کان بمخصص متصل أو منفصل لا یکاد یکون مجازا کما سیأتی شرحه فی العام والخاص من غیر فرق بین کون العموم مستفادا من
الحکمۀ أو من الوضع أو من الدلالۀ علیه بالالتزام کما فی النهی والنفی الداخلین علی الطبیعۀ (ثم ان المصنف) قد حکم بین المورد
والمنتصر بما حاصله أن دلالۀ النهی أو النفی علی العموم مما لا شبهۀ فیه ولکن العموم فی المقام لیس مستفادا من خصوص الحکمۀ
فقط کما زعم المورد ولا من خصوص دلالۀ النهی علیه فقط بالالتزام کما زعم المنتصر بل بکلیهما جمیعا فبمقدمات الحکمۀ تتعین
دائرة الغصب سعۀ وضیقا ثم بالنهی الداخل علیه یستوعب تمام أفراده کما هو الحال فی لفظ کل رجل فاستفادة العموم منه یکون
بمجموع الأمرین لا ببعضهما دون بعض ولکن قد رجع عنه أخیرا بقوله اللهم الا أن یقال … إلخ کما رجع عنه فی العام والخاص
أیضا علی ما سیأتی تفصیله بدعوي أن لفظ الکل أو النهی أو النفی الداخل علی الجنس بنفسه کاف فی الدلالۀ علی استیعاب تمام
أفراد المدخول من دون حاجۀ إلی مقدمات الحکمۀ فی المتعلق (وعلیه) فیکون الحق مع المنتصر من حیث کون العموم فی النهی
مستندا إلی مجرد الدلالۀ علیه بالالتزام والإطلاق فی الأمر یکون مستندا إلی مقدمات الحکمۀ فیکون النهی أقوي دلالۀ فیقدم.
(أقول) لو سلم أن الحق مع المنتصر کما رجع المصنف أخیرا بان کان
(117)
( مفاتیح البحث: الوسعۀ ( 1)، النهی ( 8
صفحۀ 86 من 245
صفحه 120
الصفحۀ 118
العموم فی جانب النهی مستفادا من الدلالۀ علیه بالالتزام والإطلاق فی جانب الأمر مستفادا من مقدمات الحکمۀ (فیرد علیه أولا) أن
مجرد ذلک مما لا یوجب أقوائیۀ الدلالۀ والأظهریۀ فی جانب النهی بحسب المتفاهم العرفی بحیث لو أعطی مثل خطابی صل ولا
تغصب بید العرف عرفوا منهما أن الصلاة فی الغصب داخل تحت النهی وخارج عن تحت الأمر کما هو الحال فی العام والخاص نظیر
قوله صل ولا تصل فی الغصب حیث یرون فیهما أن المجمع داخل تحت الخاص لا العام نظرا إلی أظهریۀ الخاص فیه دون العام.
(وثانیا) ان المسألۀ لیست من باب التعارض کی تصل النوبۀ إلی مرجحات هذا الباب وهی أقوائیۀ الدلالۀ ثم أقوائیۀ السند إذا تساویا
فی الدلالۀ بل من باب التزاحم فقد یقدم الأقوي فیه مناطا وإن کان أضعف دلالۀ أو سندا (وعلیه) فالصحیح فی مقام ترجیح جانب
النهی علی الأمر بعد القول بالامتناع وکون المجمع من باب التزاحم لا التعارض کما أثبتناه فی الجهۀ الأولی فی ذیل الأمر الثامن هو
أن یقال کما تقدم شرحه فی الجهۀ الثانیۀ إن النهی إنما یقدم علی الأمر من جهۀ کونه تعیینیا لا بدل له والأمر تخییریا له البدل فکل
فرد من أفراد الغصب یحرم علی التعیین بخلاف أفراد الصلاة فیجب علی التخییر ولو عقلا ومهما وقع التزاحم بین تکلیفین کذلک قدم
ما لا بدل له علی ما له البدل وأما الترجیح بأغلبیۀ المناط کما تقدم من المصنف فی صدر هذا التنبیه الثانی فقد عرفت منا أنه لا یکاد
یکون إلا بعد تساوي الطرفین من حیث اللابدلیۀ والبدلیۀ کما إذا انحصر الواجب فی المقام بفرد واحد لا بدل له لا الترجیح بها من
الأول.
(قوله وإن کان لا یلزم مجاز أصلا لو أرید منه خاص بالقرینۀ … إلخ) کما فی قوله أکرم کل رجل عالم فإنه لا تجوز فیه أصلا لا فی
لفظۀ کل
(118)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الکرم، الکرامۀ ( 1)، الصّلاة ( 4)، النهی ( 5)، الأکل ( 1)، الجواز ( 1
صفحه 121
الصفحۀ 119
لاستعمالها فی استیعاب تمام أفراد المدخول أي الرجل العام ولا فی المدخول إذا کان بنحو تعدد الدال والمدلول فان الرجل قد دل
علیه الطبیعۀ المهملۀ والخصوصیۀ الموجبۀ للتضییق قد استفیدت من کلمۀ العالم.
(قوله ومنها ان دفع المفسدة أولی من جلب المنفعۀ وقد أورد علیه فی القوانین بأنه مطلقا ممنوع … إلخ) هذا هو الوجه الثانی من
وجوه ترجیح جانب النهی علی الأمر وحاصل رد القوانین علیه أن فی ترك الواجب أیضا مفسدة إذا کان تعیینیا وقد أجاب عنه
المصنف بما حاصله أن فی ترك الواجب فوت المصلحۀ وهی غیر درك المفسدة.
(قوله ولکن یرد علیه أن الأولویۀ مطلقا ممنوعۀ بل ربما یکون العکس أولی … إلخ) قد أورد المصنف علی هذا الوجه الثانی من
وجوه شتی.
(منها) وهو أصحها أن أولویۀ دفع المفسدة من جلب المنفعۀ علی الإطلاق ممنوعۀ إذ قد ینعکس الأمر فیکون منفعۀ أهم وجلبها أولی
من دفع المفسدة.
(ومنها) أنه لو سلم إطلاق الأولویۀ فهی أجنبیۀ عن المقام فإنها جاریۀ فیما إذا دار الأمر بین الواجب والحرام فان أتی بالواجب لم
یترك الحرام وان ترك الحرام لم یأت بالواجب کما إذا توقف إنقاذ غریق علی اجتیاز أرض غصبی لا فیما إذا دار الأمر فی فعل
صفحۀ 87 من 245
واحد بین الوجوب والحرمۀ کما فی المجمع علی الامتناع فإنه یدور أمره بین رجحان جانب النهی أو الأمر (وفیه) أنه لا وجه
لتخصیص القاعدة علی تقدیر صحتها بما إذا دار الأمر بین الواجب والحرام فان الملاك فی جریانها لیس الا دوران الأمر بین مفسدة
الحرام ومصلحۀ الواجب وهو بعینه موجود فی مثل المجمع لما فیه من المفسدة والمصلحۀ جمیعا بل وتجري القاعدة حتی فی الفعل
الذي دار أمره ثبوتا بین کونه اما
(119)
( مفاتیح البحث: النهی ( 2
صفحه 122
الصفحۀ 120
حراما فیه المفسدة أو واجبا فیه المصلحۀ فان القاعدة علی القول بها کما تقدم بها الحرام علی الواجب فکذلک یقدم بها احتمال
الحرمۀ علی احتمال الوجوب (ومنها) أنه لو سلم أن القاعدة لیست أجنبیۀ عن المقام فهی انما تجدي إذا حصل القطع بالأولویۀ إذ لا
عبرة بالأولویۀ الظنیۀ ونحوها.
(ومنها) أنه لو سلم أن القاعدة مما تجدي حتی إذا لم یحصل القطع بالأولویۀ وکنا مترددین فی رجحان جانب النهی علی الأمر لعدم
القطع بالأولویۀ فهی انما تجري إذا لم یکن هناك مجال لجریان الأصل العملی عن الحرمۀ من جهۀ العلم الإجمالی کما فی دوران
الأمر بین الوجوب والحرمۀ التعیینیین وأما المجمع الدائر أمره بین الوجوب التخییري والحرمۀ التعیینیۀ فلا مانع عن جریان أصالۀ البراءة
عن حرمته الفعلیۀ فان الوجوب التخییري کما سیأتی فی محله مما لا تجري البراءة عنه حتی مع قطع النظر عن العلم الإجمالی فیبقی
الأصل العملی فی جانب الحرمۀ بلا مانع عنه فیجري وتصح الصلاة فی الغصب لوجود المقتضی فیها وفقد المانع عن التقرب بها وهو
النهی الفعلی المرتفع بالبراءة وان قیل بجریان الاشتغال فی الأقل والأکثر الارتباطیین وذلک لأن المانع هناك واقعی فإذا رفعنا المانع
بالبراءة فی الظاهر فلا یرتفع بها فی الواقع علی تقدیر وجوده فجاز أن نقول إنه لا یقطع ببراءة الذمۀ الا بالاحتیاط ولکن المانع فی
المقام علی تقدیر وجوده هو الحرمۀ الفعلیۀ لا الحرمۀ الواقعیۀ فإذا ارتفعت الفعلیۀ بالأصل العملی فلا یبقی مانع عن الصحۀ أصلا
(وفیه) ما سیأتی من المنع الأکید عن عدم جریان البراءة عن الوجوب التخییري وذلک لما ستعرف من جریان بعض أدلتها عنه وان لم
یجر کلها فإذا جري الأصل عن الوجوب التخییري عارض قهرا الأصل الجاري عن الحرمۀ التعیینیۀ ولم یتم الإیراد الرابع الأخیر
للمصنف أصلا.
(120)
( مفاتیح البحث: النهی ( 2)، الصّلاة ( 1
صفحه 123
الصفحۀ 121
(قوله ولو سلم فهو أجنبی عن المقام فإنه فیما إذا دار بین الواجب والحرام … إلخ) هذا هو الإیراد الثانی مما أورده علی کون دفع
المفسدة أولی من جلب المنفعۀ وقد ذکر فی تعلیقته علی الکتاب فی وجه کونه أجنبیا عن المقام (ما هذا لفظه) فان الترجیح به إنما
یناسب ترجیح المکلف واختیاره للفعل أو الترك بما هو أوفق بغرضه لا المقام وهو مقام جعل الأحکام فان المرجح هناك لیس إلا
حسنها أو قبحها العقلیان لا موافقۀ الأغراض ومخالفتها تأمل تعرف (انتهی) (وفیه) أن القاعدة علی تقدیر تسلیمها لیست إلا من جهۀ
استقلال العقل بان دفع المفسدة أولی من جلب المنفعۀ واستقلال العقل بها مما لا یختص بالمکلف فی مقام اختیاره للفعل أو الترك
صفحۀ 88 من 245
أو بالشارع فی مقام جعل الأحکام وتشریعه بل هو بالنسبۀ إلی الکل علی حد سواء فیجب مراعاتها.
(قوله نعم لو قیل بان المفسدة الواقعیۀ الغالبۀ مؤثرة فی المبغوضیۀ ولو لم تکن العلیۀ بمحرزة … إلخ) استدراك عن حکمه فی الإیراد
الرابع الأخیر بصحۀ المجمع لأجل البراءة عن حرمته الفعلیۀ أي نعم لو قیل بان المفسدة الغالبۀ فی الواقع مؤثرة فی المبغوضیۀ فمع
احتمال غلبۀ المفسدة فی المجمع لا تکاد تجدي البراءة فإنها وان فرض کونها رافعۀ للحرمۀ الفعلیۀ ولکنها لا ترفع احتمال غلبۀ
المفسدة فی الواقع الموجبۀ لمبغوضیته واقعا ومع احتمال المبغوضیۀ لا یکاد یتأتی قصد القربۀ فتجري قاعدة الاحتیاط قهرا ویجب
الإتیان بغیر المجمع تفریغا للذمۀ عما اشتغلت به یقینا ولو لم نقل بالاحتیاط عند الشک فی الجزئیۀ والشرطیۀ لأن الشک حینئذ لیس
فی اعتبار شیء فی المأمور به بنحو الشبهۀ الحکمیۀ کی تجري البراءة عنه عقلا ونقلا بل الشک فی حصول ما هو المعتبر فیه قطعا وهو
قصد القربۀ.
(121)
صفحه 124
الصفحۀ 122
(أقول) ان المصنف کما تقدم غیر مرة قد حکم تبعا للمشهور علی الامتناع وترجیح جانب النهی بصحۀ الصلاة فی الغصب نسیانا أو
جهلا عن قصور نظرا إلی وجود المقتضی فیها وفقد المانع عن التقرب بها وهو النهی الفعلی المنجز ولم یر أن المفسدة الغالبۀ فیها
الموجبۀ لمبغوضیتها واقعا مانعۀ عن التقرب بها فکیف یتوقف فی المقام لأجل احتمال غلبۀ المفسدة فیه الموجب لاحتمال المبغوضیۀ
الواقعیۀ (اللهم الا أن یقال) إن مع الجهل أو النسیان یتمشی قصد القربۀ بخلاف المقام لفرض الالتفات فیه من أجل احتمال غلبۀ
المفسدة واقعا الموجب لاحتمال المبغوضیۀ الواقعیۀ (الا أنه کیف) أفتی بصحۀ الصلاة فی الغصب اضطرارا إذا کان لا بسوء الاختیار
کما أشار إلیه فی صدر التنبیه الأول وصرح به فی أواخره أیضا ومن المعلوم أن الغصب بمجرد الاضطرار إلیه ولو کان بغیر سوء
الاختیار لا یکاد ینقلب عما هو علیه من المفسدة الغالبۀ والمبغوضیۀ الواقعیۀ غایته أنه لا یکون صدوره مبغوضا علیه وهو یکفی فی
الصحۀ فإذا صحت الصلاة فی الغصب ولو مع الاضطرار لا بسوء الاختیار بل قلنا نحن حتی مع سوء الاختیار وان استحق العقاب علیه
بعدا مع اشتمال الصلاة علی المفسدة الغالبۀ الموجبۀ للمبغوضیۀ الواقعیۀ ففی المقام الذي لیس فیه الا احتمال غلبۀ المفسدة بطریق
أولی.
(قوله فتأمل … إلخ) إشارة إلی ضعف الاستدراك عن حکمه فی الإیراد الرابع الأخیر بصحۀ المجمع ورجوع ثانیا إلی الحکم بالصحۀ
وللمصنف تعلیقۀ طویلۀ فی المقام قد صرح فی آخرها بوجه التأمل (وتفصیله) أنه ذکر فی بدو الأمر أن للمفسدة مراتب عدیدة مرتبۀ
مغلوبۀ ومرتبۀ مساویۀ للمنفعۀ ومرتبۀ غالبۀ والأخیرة هی التی تؤثر فی المبغوضیۀ دون غیرها وأن مجرد إحراز المفسدة مما یکفی فی
تأثیرها فی المبغوضیۀ ان کانت غالبۀ واقعا کما أن للحرمۀ
(122)
( مفاتیح البحث: الوقوف ( 1)، الجهل ( 2)، النهی ( 2)، الصّلاة ( 4
صفحه 125
الصفحۀ 123
مراتب ضعیفۀ ومتوسطۀ وقویۀ ومجرد إحرازها مما یکفی فی تنجز المرتبۀ القویۀ لو کانت قویۀ واقعا وفی استحقاق عقاب تلک
المرتبۀ القویۀ (ثم ساق الکلام) إلی أن أخذ فی تصحیح المجمع ثانیا فادعی أنه لا یعتبر فی العبادة أزید من إتیان العمل قربۀ إلی الله
صفحۀ 89 من 245
ولا کون العمل ذاتا راجحا وان اعتبر أن لا یقع منه مبغوضا علیه (ثم قال) ما هذا لفظه وقولنا فتأمل إشارة إلی ذلک (انتهی).
(أقول) نعم الا أنه یعتبر فی العبادة مضافا إلی ذلک وجود الملاك أیضا وبه صحت الصلاة فی الغصب نسیانا أو جهلا بالموضوع ولو
لا وجود الملاك فیها لم یکف مجرد الإتیان بها قربۀ إلی الله تعالی وعدم وقوعها مبغوضۀ علیه والملاك فی المقام وان کان محرزا
ولکن مع ذلک لا تتم الصحۀ التی قد حکم بها فی الإیراد الرابع الأخیر فان المقتضی وان کان محرزا ولکن المانع وهو الحرمۀ الفعلیۀ
محتمل وجوده لأن البراءة لا تجري عنها بعد ما عرفته منا من معارضتها للبراءة عن الوجوب الفعلی أیضا ولو کان تخییریا (وعلیه)
فالصحیح هو الاعتراف بعدم صحۀ المجمع فی مفروض الإیراد الرابع الأخیر فتأمل جیدا فان المقام لا یخلو عن دقۀ.
(قوله ومنها الاستقراء فإنه یقتضی ترجیح جانب الحرمۀ علی جانب الوجوب کحرمۀ الصلاة فی أیام الاستظهار وعدم جواز الوضوء من
الإناءین المشتبهین … إلخ) هذا هو الوجه الثالث من وجوه ترجیح جانب النهی علی الأمر (وقد أورد علیه المصنف) من وجوه.
(منها) أنه لا دلیل علی اعتبار الاستقراء ما لم یفد القطع.
(ومنها) أنه لو سلم اعتباره مطلقا فموضوع الاستقراء مما لا یتحقق بهذا المقدار أي بالظفر علی موردین فی الشرع من حرمۀ الصلاة فی
أیام
(123)
( مفاتیح البحث: الجهل ( 1)، النهی ( 1)، الصّلاة ( 3)، الوضوء ( 1)، الجواز ( 1)، الإناء، الأوانی ( 1
صفحه 126
الصفحۀ 124
الاستظهار أي بعد العادة وقبل تجاوز العشرة ومن عدم جواز الوضوء من الإناءین المشتبهین ووجوب إهراقهما والتیمم کما فی النص.
(ومنها) أنه لو سلم ثبوته بهذا المقدار فلیس حرمۀ الصلاة فی أیام الاستظهار ولا عدم جواز الوضوء من الإناءین المشتبهین مربوطا
بترجیح جانب الحرمۀ علی الوجوب.
(أما الأول) فلان حرمتها فی تلک الأیام لیس إلا لأجل قاعدة الإمکان الجاریۀ فی الدم أي کل دم أمکن أن یکون حیضا بان لم یکن
قبل البلوغ أو بعد الیأس أو مع عدم فصل أقل الطهر فهو حیض وهکذا لأجل قاعدة الاستصحاب المطابقۀ لقاعدة الإمکان القاضیتین
بکون الدم فی أیام الاستظهار حیضا یترتب علیه جمیع أحکامه وآثاره ومنها حرمۀ الصلاة.
(وأما الثانی) فلعدم کون حرمۀ الوضوء من الماء النجس ذاتیا کی یکون عدم جواز الوضوء من الإناءین المشتبهین من ترجیح جانب
الحرمۀ علی الوجوب بل تشریعیا ولا تشریع فیما إذا توضأ منهما احتیاطا وأما عدم جواز التوضی مع ذلک منهما ولو احتیاطا بل یجب
إراقتهما کما فی موثقۀ الساباطی فهو للتعبد الشرعی أو للابتلاء بنجاسۀ البدن ظاهرا بحکم الاستصحاب حال ملاقاة الماء الثانی للبدن
فإنه بمجرد ملاقاته له ولو لأجل تطهیر مواضع الملاقاة بالأول قبل أن ینفصل الغسالۀ أو یتعدد الغسل فیما یحتاج إلی التعدد یقطع
بنجاسۀ البدن أما بسبب ملاقاته مع الأول أو مع الثانی نعم إذا انفصل الغسالۀ أو تعدد الغسل فیما یحتاج إلی التعدد یزول العلم لجواز
نجاسۀ الأول وطهارة الثانی مع بقاء الشک فیها لجواز العکس أي طهارة الأول ونجاسۀ الثانی فتستصحب النجاسۀ (وفیه) أن المکلف
إذا توضأ بأحدهما وصلی ثم طهر المواضع بالآخر وتوضأ به وصلی قطع ببراءة ذمته یقینا وإن ابتلی بنجاسۀ البدن ظاهرا بحکم
(124)
،( مفاتیح البحث: الطهارة ( 2)، النجاسۀ ( 3)، الحیض، الإستحاضۀ ( 1)، الصّلاة ( 4)، الغسل ( 2)، الوضوء ( 4)، الجواز ( 4)، الیأس ( 1
( الإناء، الأوانی ( 3
صفحۀ 90 من 245
صفحه 127
الصفحۀ 125
الاستصحاب کما ذکر المصنف ولکنه لا یهم بعد القطع ببراءة ذمته (وعلیه) فالصحیح فی الجواب أن یقال إن المنع عن التوضی منهما
والأمر بإراقتهما والتیمم إنما هو للتعبد المحض کما تقدم أو لتسهیل الأمر علی المکلف لا للابتلاء بالنجاسۀ الظاهریۀ بحکم
الاستصحاب فإنه مما لا محذور فیه بعد إمکان تحصیل القطع بفراغ الذمۀ من الصلاة کما عرفت.
(قوله هذا لو قیل بحرمتها الذاتیۀ فی أیام الحیض … إلخ) کما هو الحق المختار علی ما حقق فی محله لقوله علیه السلام إذا کانت
المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة ولقوله علیه السلام عند اشتباه دم الحیض بدم العذرة فلتتق الله فان کان من دم الحیض فلتمسک عن
الصلاة حتی تري الطهر إلی غیر ذلک.
(قوله فعدم جواز الوضوء منهما ولو کذلک … إلخ) أي ولو احتیاطا.
(قوله وعدم استعمال مطهر بعده … إلخ) عطف علی حال ملاقاة المتوضئ من الإناء الثانیۀ أي وحال عدم استعمال مطهر بعد التوضی
من الإناء الأولی بمعنی أنه لم یطهر المواضع بماء ثالث فإنه إذا فعل ذلک لم یقطع بحصول النجاسۀ حال ملاقاة المتوضئ من الإناء
الثانیۀ.
(قوله نعم لو طهرت علی تقدیر نجاستها بمجرد ملاقاتها بلا حاجۀ إلی التعدد أو انفصال الغسالۀ لا یعلم تفصیلا بنجاستها … إلخ)
استدراك عن القطع بحصول النجاسۀ حال ملاقاة المتوضئ من الإناء الثانیۀ (ووجه الاستدراك) أنه لو کان أحد الإناءین المشتبهین
کرا بان علم إجمالا أنه اما هذا الماء القلیل نجس أو ذاك الماء البالغ کرا فتوضأ بالقلیل وطهر المواضع بالکر فلا یقطع حینئذ عند
الملاقاة مع الثانی بنجاسۀ البدن لجواز کون الأول نجسا والثانی طاهرا طهرت المواضع بملاقاتها معه من دون حاجۀ إلی انفصال
(125)
مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الطهارة ( 3)، الحیض، الإستحاضۀ ( 3)، النجاسۀ ( 2)، ال ّ ص لاة ( 3)، الوضوء ( 1)، الجواز ( 1)، الإناء،
( الأوانی ( 1)، العذرة ( 1
صفحه 128
الصفحۀ 126
الغسالۀ أو التعدد کی یقطع قبل الانفصال أو التعدد بنجاسۀ البدن (وفیه) أن ملاقاة المواضع مع الثانی الکر دفعۀ واحدة غیر معقول دقۀ
بل تدریجی قطعا فإذا انغمس بعض یده فی الماء الثانی الکر قبل انغماس الکل علم فعلا بنجاسۀ یده لا محالۀ أما البعض المنغمس ان
کان الثانی نجسا وأما البعض الغیر المنغمس ان کان الأول نجسا وهذا واضح.
(قوله وان علم بنجاستها حین ملاقاة الأولی أو الثانیۀ إجمالا … إلخ) لا یقال انه لو علم إجمالا بنجاسۀ المواضع أما حین الملاقاة مع
الأولی أو مع الثانیۀ فتستصحب النجاسۀ (لأنه یقال) انه کما علم إجمالا بنجاسۀ المواضع اما حین الملاقاة مع الأولی أو مع الثانیۀ
فکذلک علم إجمالا بطهارتها اما حین الملاقاة مع الأولی أو مع الثانیۀ أي بعد تطهیر المواضع بها وسیأتی فی بعض تنبیهات
الاستصحاب إن شاء الله تعالی أن فی تعاقب الحالتین کالطهارة والنجاسۀ ونحوهما لا یکاد یجري الاستصحاب فی شیء من الحالتین.
(قوله فلا مجال لاستصحابها بل کانت قاعدة الطهارة محکمۀ … إلخ) تفریع علی قوله المتقدم لا یعلم تفصیلا بنجاستها … إلخ.
هل یلحق تعدد الإضافات بتعدد العنوانات أم لا (قوله الأمر الثالث الظاهر لحوق تعدد الإضافات بتعدد العنوانات والجهات … إلخ)
مقصوده من العنوانات والجهات معلوم واضح وهو متعلقا الأمر والنهی کالصلاة والغصب وأما مقصوده من الإضافات فهو إضافۀ
صفحۀ 91 من 245
(126)
( مفاتیح البحث: النهی ( 1)، النجاسۀ ( 1)، الطهارة ( 1
صفحه 129
الصفحۀ 127
متعلقی الأمر والنهی إلی متعلقیهما کإضافۀ الإکرام إلی العلماء فی أکرم العلماء وإضافۀ الإکرام أیضا إلی الفساق فی لا تکرم الفساق
فیکون المعنی لدي الحقیقۀ هکذا هل یلحق تعدد متعلقی المتعلقین کالعلماء والفساق فی المثالین بتعدد المتعلقین کالصلاة والغصب
فی صل ولا تغصب فکلما أن الثانی من باب الاجتماع لکون النسبۀ بین متعلقی الأمر والنهی عموما من وجه فکذلک الأول من باب
الاجتماع لکون النسبۀ بین متعلقی المتعلقین عموما من وجه أم لا یلحق (فیقول المصنف) الظاهر لحوق تعدد الإضافات بتعدد
العنوانات فکما أن تعدد العنوان بناء علی الجواز مما یجدي فی تعدد المتعلق فکذلک تعدد الإضافۀ بناء علیه مما یجدي أیضا فی
تعدده فیکون مثل أکرم العلماء ولا تکرم الفساق من باب الاجتماع کصل ولا تغصب عینا فعلی الجواز لا تعارض ولا تزاحم فی
المجمع وعلی الامتناع یکون المجمع من باب التزاحم وأما ما یتراءي من القوم من معاملتهم مع مثل أکرم العلماء ولا تکرم الفساق
معاملۀ تعارض العامین من وجه فی مادة الاجتماع فهو مبنی علی الامتناع وعدم وجود المقتضی لأحد الحکمین فی المجمع.
(أقول) والحق عدم لحوق تعدد الإضافات بتعدد العنوانات فعلی الامتناع کما هو المختار یعامل مع صل ولا تغصب معاملۀ المتزاحمین
فی المجمع ویرجع فیه إلی مرجحات باب التزاحم کما تقدم ومع أکرم العلماء ولا تکرم الفساق یعامل معاملۀ المتعارضین فی المجمع
ویرجع فیه إلی مرجحات باب التعارض والفارق هو فهم العرف فإنهم یرون التنافی فی الأول فی مقام الامتثال وفی الثانی فی مقام
الجعل والتشریع وقد أشیر فی الأمر الثامن فی الجهۀ الأولی إلی ضابطتی التزاحم والتعارض وسیأتی تفصیلهما بنحو أبسط فی صدر
التعادل والتراجیح إن شاء الله تعالی فمعاملۀ القوم مع مثل أکرم العلماء ولا تکرم
(127)
( مفاتیح البحث: النهی ( 2)، الکرم، الکرامۀ ( 5)، الصّلاة ( 2
صفحه 130
الصفحۀ 128
الفساق معاملۀ المتعارضین فی المجمع انما هو لأجل کونهما من باب التعارض لا لکونهما من باب التزاحم ولم یحرز وجود المقتضی
لأحد الحکمین فی المجمع فإنه دعوي بلا شاهد وتأویل بلا برهان (بل لا یبعد) أن یري العرف التنافی فی مقام الجعل والتشریع حتی
فیما کانت النسبۀ بین نفس المتعلقین عموما من وجه إذا کانا فی الأحکام الوضعیۀ کالطهارة والنجاسۀ أو الصحۀ والفساد ونحوهما
ففی مثل قوله النباتات طاهرة والمسکرات نجسۀ یعامل معهما فی النبات المسکر معاملۀ المتعارضین لا معاملۀ باب الاجتماع فلا
المجوز یقول فیهما بان المجمع طاهر ونجس ولا الممتنع یرجع فیه إلی مرجحات باب التزاحم کأقوائیۀ المناط ونحوها فتأمل جیدا فان
المقام من مزال الإقدام وقد زل فیه بعض الأساتیذ العظام.
هل النهی یقتضی الفساد أم لا (قوله فصل فی أن النهی عن الشیء هل یقتضی فساده أم لا ولیقدم أمور الأول أنه قد عرفت فی المسألۀ
السابقۀ الفرق بینها وبین هذه المسألۀ … إلخ) أي قد عرفت فی صدر مسألۀ الاجتماع أن الجهۀ المبحوثۀ عنها فی تلک المسألۀ کانت
سرایۀ کل من الأمر والنهی إلی متعلق الآخر لاتحاد متعلقیهما وجودا وعدم سرایته لتعددهما کذلک وان الجهۀ المبحوثۀ عنها فی هذه
المسألۀ هی مفسدیۀ النهی للعبادة أو المعاملۀ وعدمها بعد الفراغ عن أصل توجهه وسرایته إلیها.
صفحۀ 92 من 245
(128)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 2)، النهی ( 4)، الطهارة ( 1)، الشهادة ( 1
صفحه 131
الصفحۀ 129
هل المسألۀ لفظیۀ أو عقلیۀ (قوله الثانی انه لا یخفی ان عد هذه المسألۀ من مباحث الألفاظ إنما هو لأجل أنه … إلخ) وحاصل ما فی
هذا الأمر الثانی بمزید توضیح منا أن هذه المسألۀ وإن کانت عقلیۀ واقعا لکون الکلام فیها فی الملازمۀ بین الحرمۀ والفساد عقلا
ولکن حیث أن فی جملۀ الأقوال قول بدلالۀ النهی علی الفساد فی المعاملات مع إنکار الملازمۀ بینهما عقلا تعد المسألۀ من مباحث
الألفاظ وتکون لفظیۀ لا عقلیۀ (وفیه ما لا یخفی) إذ بمجرد أن فی الأقوال قول بدلالۀ النهی علی الفساد فی المعاملات مع إنکار
الملازمۀ بین الحرمۀ والفساد عقلا وإن کان یعرف أن النزاع عند هذا القائل هو فی دلالۀ اللفظ علی الفساد لا فی الملازمۀ العقلیۀ
ولکن لا یعرف أن النزاع عند سایر الأعلام أیضا کذلک (هذا) مضافا إلی أن هذا القول مما لم نعثر علیه بعد الفحص عنه فی الکتب
الأصولیۀ التی بأیدینا ولعل المصنف قد اشتبه فی النقل والله العالم (قوله ولا ینافی ذلک أن الملازمۀ علی تقدیر ثبوتها فی العبادة إنما
تکون بینه وبین الحرمۀ … إلخ) رد علی صاحب التقریرات رحمه الله (وتفصیله) أنه قال فی الهدایۀ الأولی من هذه المسألۀ (ما لفظه)
قد عرفت فی المسألۀ السابقۀ الفرق بینها وبین هذه المسألۀ علی وجه التفصیل ومحصله هو أن المسؤول عنه فی تلک المسألۀ هو
إمکان اجتماع هذین النحوین من الطلب فی مورد واحد وامتناعه والمسؤول عنه فی هذه المسألۀ هو ثبوت الملازمۀ بین تعلق النهی
بشیء وبین فساد ذلک الشیء (إلی أن قال) ومن هنا یظهر أن المسألۀ لا ینبغی أن تعد من مباحث الألفاظ فان هذه الملازمۀ علی
تقدیر ثبوتها انما هی موجودة
(129)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، النهی ( 3
صفحه 132
الصفحۀ 130
بین مفاد النهی المتعلق بشیء وبین فساد ذلک الشیء وان لم یکن ذلک النهی مدلولا بالصیغۀ اللفظیۀ وعلی تقدیر عدمها انما یحکم
بانتفائها بین المعنیین (انتهی) ومحصله أن محل الکلام فی المسألۀ نفیا وإثباتا انما هو الملازمۀ بین الحرمۀ والفساد عقلا وان لم تکن
الحرمۀ مستفادة من اللفظ أصلا کما إذا استفید من عقل أو إجماع ونحوهما وعلیه فالمسألۀ لیست لفظیۀ بل عقلیۀ (وحاصل رد
المصنف) علیه أنه لا ینافی ذلک أن یکون النزاع مع ذلک فی دلالۀ الصیغۀ علی الفساد وعدمها غایته انها تدل علی الحرمۀ بالمطابقۀ
وعلی الفساد الملازم للحرمۀ بالالتزام (وفیه) أن إرجاع البحث عن الملازمۀ بین الحرمۀ والفساد عقلا إلی البحث عن دلالۀ النهی علی
الفساد بالالتزام وان أمکن بالتقریب المذکور ولکن یلزم حینئذ حصر النزاع بما إذا کان هناك لفظ قد استفیدت الحرمۀ منه وأما إذا
لم یکن هناك لفظ بان استفیدت الحرمۀ من دلیل لبی من عقل أو إجماع ونحوهما فلا یکون هناك بحث أصلا وهو کما تري (هذا
مضافا) إلی أنه یعتبر فی دلالۀ اللفظ علی شیء بالالتزام من اللزوم البین بالمعنی الأخص کما فی الحاتم والجود وفی العمی والبصر
وهو مفقود فی المقام إذ لا لزوم بهذا النحو بین الحرمۀ التی هی مفاد النهی بالمطابقۀ وبین الفساد علی نحو لا یمکن تصورها بدون
تصور الفساد وهذا واضح.
(130)
صفحۀ 93 من 245
( مفاتیح البحث: الجود ( 1)، النهی ( 4
صفحه 133
الصفحۀ 131
ملاك البحث یعم النهی التحریمی والتنزیهی والنفسی والغیري جمیعا (قوله الثالث ظاهر لفظ النهی وإن کان النهی التحریمی إلا أن
ملاك البحث یعم التنزیهی … إلخ) لا إشکال فی أن المراد من النهی المأخوذ فی عنوان البحث لیس هو النهی الوضعی المسوق
للإرشاد إلی الفساد کالنهی عن بیع الغلام حتی یحتلم أو عن نکاح العبد حتی یأذن مولاه أو عن لبس غیر المأکول فی الصلاة حتی
یصلی فی غیره ونحو ذلک بل المراد منه هو النهی التکلیفی ولکن المراد هل هو خصوص التحریمی منه أم یشمل التنزیهی أیضا
فیقول المصنف إن ملاك البحث یعم التنزیهی.
(أقول) نعم یعم التنزیهی ولذا قد قلنا فی مسألۀ الاجتماع بفساد العبادات المکروهۀ التی لا بدل لها مما لا یمکن القول فیه بکون النهی
لأقلیۀ الثواب کالصلوات المبتدئۀ عند الطلوع والغروب وکصوم یوم العاشوراء بناء علی کراهته ونحوهما بمعنی عدم وقوعها عبادة
مقربۀ إلی الله تعالی وإن تحققت مسمیاتها وماهیاتها کما فی العبادات المحرمۀ کصوم یوم العیدین ونحوه فإنها وان کانت فاسدة
لحرمتها بمعنی عدم کونها عبادة مقربۀ إلی الله تعالی ولکن مع ذلک تتحقق ماهیاتها ومسمیاتها وبها تحصل المخالفۀ والعصیان قطعا
ولکن المصنف مع اعترافه فی المقام بعموم ملاك البحث للتنزیهی لم یلتزم هناك بفساد العبادات المکروهۀ ولو فی خصوص ما لا
بدل له.
(قوله ومعه لا وجه لتخصیص العنوان … إلخ) رد علی صاحب
(131)
( مفاتیح البحث: یوم عاشوراء ( 1)، النهی ( 7)، الصّلاة ( 2)، الکراهیۀ، المکروه ( 2)، البیع ( 1
صفحه 134
الصفحۀ 132
التقریرات رحمه الله حیث قال (ما لفظه) الثانی ظاهر النهی المأخوذ فی العنوان هو النهی التحریمی وإن کان مناط البحث فی التنزیهی
موجودا وذلک لا یوجب تعمیم العنوان (انتهی) فیقول المصنف إن مع عموم الملاك وشموله للنهی التنزیهی لا وجه لتخصیص
العنوان بالتحریمی فقط وهو جید.
(قوله واختصاص عموم ملاکه بالعبادات لا یوجب التخصیص به کما لا یخفی … إلخ) دفع إشکال مترقب فی المقام (وحاصل
الإشکال) أنه لا إشکال فی أن عموم ملاك البحث للنهی التنزیهی هو مما یختص بالعبادات فقط دون المعاملات إذ لا وجه لاقتضاء
التنزیهی الفساد فی المعاملات کما لا یخفی فهذا قد یکون قرینۀ علی أن المراد من النهی المأخوذ فی العنوان هو خصوص التحریمی
فقط الجاري فی العبادات والمعاملات جمیعا لا ما یعم التنزیهی المختص بالعبادات فقط (وحاصل الدفع) أن اختصاص عموم ملاك
البحث بالعبادات فقط دون المعاملات مما لا یوجب تخصیص العنوان بالتحریمی فقط دون غیره بل المبحوث عنه هو مطلق النهی
سواء کان تحریمیا أو تنزیهیا غایته أن التحریمی یجري فی العبادات والمعاملات جمیعا والتنزیهی یختص بالعبادات فقط.
(قوله کما لا وجه لتخصیصه بالنفسی فیعم الغیري إذا کان أصلیا وأما إذا کان تبعیا … إلخ) أي کما لا وجه لتخصیص النهی المأخوذ
فی العنوان بالنفسی فقط بل یعم الغیري أیضا (إذا کان أصلیا) فکما أنه إذا نهی مثلا عن الصلاة فی أیام الحیض نفسیا یقع الکلام فی
مفسدیته لها فکذلک إذا نهی عن الصلاة غیریا لأجل الإزالۀ یقع الکلام فی مفسدیته لها (وأما إذا کان الغیري تبعیا) فهو داخل فی
صفحۀ 94 من 245
ملاك البحث لا فی عنوان البحث بنفسه (والسر فی ذلک) أن الغیري الأصلی علی ما تقدم شرحه فی مقدمۀ الواجب عبارة
(132)
( مفاتیح البحث: النهی ( 5)، الحیض، الإستحاضۀ ( 1)، الصّلاة ( 2
صفحه 135
الصفحۀ 133
عما تعلقت به إرادة مستقلۀ من جهۀ الالتفات إلیه بما هو علیه مما یوجب طلبه والغیري التبعی عبارة عما لم تتعلق به إرادة مستقلۀ لعدم
الالتفات إلیه بل تعلقت به إرادة إجمالیۀ تبعیۀ وعلی هذا فالغیري الأصلی یکون من مقولۀ اللفظ حیث یلتفت إلی الشیء بما هو علیه
ویتعلق به إرادته المستقلۀ فیجعله فی قالب الطلب ویقول مثلا أدخل السوق واشتر اللحم فیکون داخلا فی عنوان البحث والغیري التبعی
یکون من مقولۀ المعنی کما إذا قال اشتر اللحم فوجب دخول السوق تبعا لغیره فیکون خارجا عن عنوان البحث قهرا بعد ما عرفت من
کون النزاع فیه فی دلالۀ اللفظ أي فی دلالۀ النهی علی الفساد وعدمها ولکن مع ذلک یعمه ملاك البحث لأن دلالۀ النهی علی الفساد
علی القول بها لیس الا من جهۀ دلالته علی الحرمۀ والحرمۀ موجودة بعینها فی النهی التبعی.
(أقول) هذا ان قلنا بکون المسألۀ لفظیۀ کما زعم المصنف والا بان قلنا أن المسألۀ عقلیۀ کما تقدم منا نظرا إلی وقوع الکلام فیها فی
الملازمۀ بین الحرمۀ والفساد لا فی دلالۀ النهی علیه فالنهی التبعی داخل فی نفس البحث لا فی ملاکه.
(قوله من غیر دخل لاستحقاق العقوبۀ علی مخالفته فی ذلک کما توهمه القمی قدس سره … إلخ) رد علی المحقق القمی أعلی الله
مقامه الذي یظهر من بعض کلماته خروج النهی الغیري عن محل الکلام لعدم استحقاق العقاب علیه (قال) فی المقدمۀ السادسۀ ما هذا
لفظه ان النهی المستلزم للفساد لیس الا ما کان فاعله معاقبا (انتهی) ولازم ذلک أن النهی الغیري مطلقا خارج عن عنوان البحث سواء
کان أصلیا أو تبعیا نظرا إلی عدم کونه موجبا لاستحقاق العقوبۀ علی مخالفته وان کان مما یوجب استحقاق العقوبۀ علی مخالفۀ ذي
المقدمۀ (فیجیب عنه المصنف) بعدم دخالۀ استحقاق العقاب علی المخالفۀ
(133)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، النهی ( 7
صفحه 136
الصفحۀ 134
وعدمه فی مفسدیۀ النهی وعدمها بل الملاك فی مفسدیته علی القول بها هو نفس الحرمۀ وهی موجودة بعینها فی النهی الغیري
کالنهی النفسی بعینه.
(قوله ویؤید ذلک أنه جعل ثمرة النزاع فی أن الأمر بالشیء یقتضی النهی عن ضده فساده إذا کان عبادة … إلخ) أي ویؤید ما ذکرنا
من عموم ملاك البحث للنهی الغیري وان دلالۀ النهی علی الفساد علی القول بها انما یکون لأجل دلالته علی الحرمۀ من غیر دخل
لاستحقاق العقوبۀ علی مخالفتها ما جعله القوم ثمرة لمسألۀ الضد من فساد الضد الخاص علی القول بالاقتضاء إذا کان عبادة کالصلاة
ونحوها إذ من المعلوم أن حرمۀ الضد بناء علی الاقتضاء لیست الا غیریۀ مقدمیۀ فمع کونها کذلک قد التزموا بمفسدیتها للعبادة وهذا
مما یکشف عن عدم دخالۀ استحقاق العقاب وعدمه فی مفسدیۀ النهی وعدمها.
(أقول) نعم ولکن من المحتمل أن القائلین بالاقتضاء وفساد الضد إذا کان عبادة هم یلتزمون باستحقاق العقاب علی الحرمۀ الغیریۀ وان
کان هذا الاحتمال بعیدا جدا ولعل المصنف لهذا الاحتمال قد جعل الأمر المذکور مؤیدا لا دلیلا برأسه وعلی کل حال لا وجه
صفحۀ 95 من 245
لاختصاص النزاع بالنهی النفسی دون الغیري.
فی تعیین المراد من العبادة (قوله الرابع ما یتعلق به النهی اما یکون عبادة أو غیرها والمراد بالعبادة هاهنا … إلخ) المقصود من عقد هذا
الأمر الرابع هو تعیین المراد من العبادة التی یقع البحث عن اقتضاء النهی فسادها کما أن الغرض من ذلک
(134)
( مفاتیح البحث: النهی ( 7
صفحه 137
الصفحۀ 135
هو دفع ما قد یشکل الأمر فی تصویر تعلق النهی بها فان العبادة لیست الا ما تعلق به أمر عبادي لا یکاد یسقط الا بقصد القربۀ وما تعلق
به أمر کذلک بل مطلق الأمر ولو کان توصلیا کیف یعقل تعلق النهی بها کی یفسدها أو لا یفسدها (فیقول المصنف) فی دفع هذا
الإشکال ما محصله بتوضیح منا ان المراد من العبادة هاهنا هو أحد أمرین.
(الأول) ما یکون عبادة ذاتا ومقربا إلی الله تعالی لو لا حرمته شرعا من دون أن یحتاج عبادیته إلی تعلق أمر به بل ولا یضر بعبادیته
حرمته شرعا کما سیأتی من المصنف فی المقام الأول وان أضر بمقربیته إلی الله تعالی وهذا کالسجود والخضوع والخشوع والتسبیح
والتقدیس ونحو ذلک وفی هذا القسم لا إشکال فی تصویر تعلق النهی به إذ لا یحتاج عبادیته إلی أمر کی یقال أنه مع الأمر به کیف
ینهی عنه.
(الثانی) ما لو تعلق الأمر به کان أمر وأمرا عبادیا لا یکاد یسقط الا بقصد القربۀ کسائر أمثاله وأقرانه وهذا کصوم یوم العیدین أو
الصلاة فی أیام الحیض بناء علی حرمتها ذاتا ونحوهما وفی هذا القسم أیضا لا إشکال فی تصویر تعلق النهی به إذ لا أمر به فعلا کی
یشکل الأمر فی تعلق النهی به بل یتعلق به بلا مانع عنه ولا محذور ویقال مثلا ان صوم العیدین الذي لو تعلق به الأمر کان أمره أمرا
عبادیا کصوم سایر الأیام هل النهی المتعلق به یفسده أم لا.
(قوله لا ما أمر به لأجل التعبد به ولا ما یتوقف صحته علی النیۀ ولا ما لا یعلم انحصار المصلحۀ فیها فی شیء … إلخ) هذه تعاریف
ثلاثۀ للعبادة (الأول) لصاحب التقریرات.
(والثانی) للمحقق القمی بل ولغیر واحد من القوم علی ما ذکره التقریرات (والظاهر) أن المراد من النیۀ هو قصد القربۀ لا قصد العنوان
(135)
( مفاتیح البحث: الوقوف ( 1)، النهی ( 6)، الحیض، الإستحاضۀ ( 1)، الصّلاة ( 1)، الصیام، الصوم ( 1
صفحه 138
الصفحۀ 136
والا فمثل أداء الدین أیضا یتوقف صحته علی النیۀ ولیس بعبادة قطعا.
(الثالث) للمحقق القمی أیضا (قال فی القوانین) فی المقدمۀ الأولی المراد بالعبادات هنا ما احتاج صحتها إلی النیۀ (ثم قال) وبعبارة
أخري ما لم یعلم انحصار المصلحۀ فیها فی شیء انتهی (فیقول المصنف) ان العبادة بشیء من هذه المعانی الثلاثۀ مما لا یمکن تعلق
النهی بها.
(أقول) أما الأول فنعم فان ما أمر به لأجل التعبد به مما لا یعقل تعلق النهی به ولکن الثانی والثالث مما یعقل غیر انهما لا یسلمان عما
أورد علیهما بالانتقاض طردا أو عکسا أو بغیره کما أفاد المصنف وسیأتی تفصیله.
صفحۀ 96 من 245
(قوله مع ما أورد علیها بالانتقاض طردا أو عکسا أو بغیره کما یظهر من مراجعۀ المطولات … إلخ) (وقد أورد فی الفصول) علی
التعریف الثالث عکسا وطردا (قال أعلی الله مقامه) وقد تعرف العبادة بما لم یعلم انحصار المصلحۀ فیها فی شیء وهذا غیر سدید
لانتقاضه عکسا بالعبادة التی علم انحصار المصلحۀ فیها بالامتثال بغیرها ونحوه کالطهارة وطردا بالواجبات التی لیست عبادة ولا ینحصر
مصالحها فی شیء کوجوب توجیه المیت إلی القبلۀ انتهی (وقد أورد فی التقریرات) علی التعریف الثانی بالدور وأشار إلیه المصنف
بقوله أو بغیره أي بغیر الانتقاض طردا أو عکسا.
(أقول) وتقریب الدور بلسان واضح أن معرفۀ العبادة یتوقف علی معرفۀ صحۀ العبادة نظرا إلی أخذ صحتها فی تعریفها ومعرفۀ صحۀ
العبادة موقوفۀ علی معرفۀ نفس العبادة توقف معرفۀ المقید علی معرفۀ قیده فإذا تتوقف معرفۀ العبادة علی معرفۀ العبادة وهذا هو الدور.
(قوله کون مثلها من التعریفات لیس بحد ولا رسم بل من قبیل شرح الاسم … إلخ) قد تقدم منا فی مقدمۀ الواجب فی صدر المطلق
والمشروط
(136)
( مفاتیح البحث: الوقوف ( 2)، النهی ( 2)، الموت ( 1
صفحه 139
الصفحۀ 137
معنی کل من التعریف اللفظی المعبر عنه بشرح الاسم والتعریف الحقیقی المعبر عنه بالحد والرسم فراجع ولا نعید.
فی تعیین المراد من المعاملۀ (قوله الخامس أنه لا یدخل فی عنوان النزاع إلا ما کان قابلا للاتصاف بالصحۀ والفساد … إلخ) المقصود
من عقد هذا الأمر الخامس هو تعیین المراد من المعاملۀ التی یقع البحث عن اقتضاء النهی فسادها وعدمه وقد قسم المعاملۀ فی
التقریرات علی ثلاثۀ أقسام.
(الأول) ما یتصف بالصحۀ والفساد کالعقود والإیقاعات وغسل النجاسات.
(الثانی) ما لا یتصف بالصحۀ والفساد مع ترتب الأثر الشرعی علیه کالغصب والإتلاف والید والجنایات وأسباب الوضوء ونحوها
(والظاهر) أن وجه عدم اتصاف هذا القسم الثانی بالصحۀ والفساد مع کونه مما یترتب علیه الأثر الشرعی هو عدم ترکبه من أجزاء
وشرائط کی یکون قابلا لطرو النقص والتمام علیه بخلاف مثل العقود والإیقاعات وغسل النجاسات فإنها مرکبۀ من أمور خاصۀ حتی
مثل الغسل لما یعتبر فیه من التعدد ولو فی بعض النجاسات کالبول ویعتبر فیه العصر فیما یقبل العصر وانفصال الغسالۀ إذا کان بالقلیل
ونحو ذلک.
(الثالث) ما لا یتصف بالصحۀ والفساد مع عدم ترتب أثر شرعی علیه وقد مثل له بشرب الماء (والظاهر) أن وجه عدم اتصاف هذا
القسم الثالث بالصحۀ والفساد مضافا إلی عدم ترکبه عدم ترتب أثر شرعی علیه (ثم ان
(137)
( مفاتیح البحث: النهی ( 1)، النجاسۀ ( 3)، الغسل ( 3)، الوضوء ( 1)، العصر (بعد الظهر) ( 2
صفحه 140
الصفحۀ 138
التقریرات) قد اختار أن الداخل تحت عنوان النزاع هو القسم الأول من الأقسام الثلاثۀ أي المعاملۀ بالمعنی الأعم مع قابلیتها للاتصاف
بالصحۀ والفساد فلا یختص النزاع بالمعاملۀ بالمعنی الأخص وهی العقود والإیقاعات ولا یعم مطلق المعاملۀ بالمعنی الأعم مما لا یقبل
صفحۀ 97 من 245
الاتصاف بالصحۀ والفساد (وقد أفاد) فی وجه عدم التعمیم إلی مطلق المعاملۀ بالمعنی الأعم ما محصله أن مع عدم قابلیۀ الاتصاف
بالصحۀ والفساد لا وجه للبحث عن اقتضاء النهی للفساد فیه وعدمه (کما أنه قد أفاد) فی وجه عدم الاختصاص بالمعاملۀ بالمعنی
الأخص وتعمیمه إلی مطلق ما یقبل الاتصاف بالصحۀ والفساد کغسل النجاسات أمرین (أحدهما) عموم الأدلۀ.
(ثانیهما) ما ذکره الشیخ فی محکی المبسوط من الاستدلال علی عدم حصول الطهارة فیما لو استنجی بالمطعوم ونحوه مما تعلق النهی
بالاستنجاء به بما هذا لفظه قال کل ما قلنا لا یجوز استعماله لحرمته أو لکونه نجسا ان استعمل فی ذلک ونقی به الموضع لا یجزي لأنه
منهی عنه والنهی یقتضی الفساد قال فی التقریرات وقد نقله فی المعتبر ولم یعترض علیه بخروجه عن محل الکلام کغیره وإنما
اعترضوا علیه بعدم اقتضاء النهی للفساد (ثم ان المصنف) قد اتبع التقریرات فاختار أن الداخل فی عنوان النزاع هو القسم الأول من
الأقسام الثلاثۀ المتقدمۀ غیر أنه زعم أن وجه عدم اتصاف القسم الثانی بالصحۀ والفساد عدم انفکاك الأثر عنه وأن وجه عدم اتصاف
الثالث بهما أنه لا أثر له (وفیه ما لا یخفی) فان الثانی مما یجوز انفکاك الأثر عنه أحیانا کما إذا أتلف مال الغیر لحفظ الغیر من الغرق
أو الحرق ونحوهما مما کان علی نحو الإحسان إلیه والصحیح فی وجه عدم الاتصاف فی کل من القسم الثانی والثالث بالصحۀ
والفساد مضافا إلی عدم ترتب الأثر علی القسم الثالث هو ما
(138)
( مفاتیح البحث: النهی ( 4)، الغسل ( 1)، النجاسۀ ( 1)، الجواز ( 2)، الطهارة ( 1
صفحه 141
الصفحۀ 139
عرفته منا من عدم ترکبهما من أجزاء وشرائط لیتصفا بالتمامیۀ والنقصان ولعله إلی ذلک کله قد أشار أخیرا بقوله فافهم.
(قوله فافهم … إلخ) قد أشیر الآن إلی وجه قوله فافهم فلا تغفل.
فی التکلم حول الصحۀ والفساد (قوله السادس أن الصحۀ والفساد وصفان إضافیان یختلفان بحسب الآثار والأنظار … إلخ) المقصود
من عقد هذا الأمر السادس بیان أمرین بل بیان أمور ثلاثۀ ذکرها المصنف بغیر ترتیب.
(الأول) ان اختلاف المتکلم والفقیه فی تعریف الصحۀ والفساد مما لا یوجب اختلافا فی المعنی وهو التمامیۀ وعدم التمامیۀ فالأول
عرف الصحۀ فی العبادات بما یوافق الأمر أو الشریعۀ والثانی بما یسقط معه القضاء والإعادة (والسر) فی عدم الاختلاف أن کلا منهما
قد عبر عن الصحۀ بما یهمه من الأثر فان المتکلم بصدد امتثال أمر المولی واستحقاق المثوبات فعبر عن الصحۀ بما یوافق الأمر أو
الشریعۀ والفقیه بصدد حکم فعل المکلف فعبر عن الصحۀ بما یسقط معه وجوب القضاء والإعادة والمراد من سقوطهما فی المقام
سقوطهما علی تقدیر ثبوتهما فلا یرد النقض بصحیح العیدین والجمعۀ إذ لیس فیهما قضاء کی یسقطه صحیحهما (وقد أشار
المصنف) إلی هذا الأمر الأول بقوله وهکذا الاختلاف بین الفقیه والمتکلم فی صحۀ العبادة انما یکون لأجل الاختلاف فیما هو المهم
لکل منهما من الأثر … إلخ.
(الثانی) أن اختلاف الصحۀ والفساد بحسب الآثار والأنظار مما لا یوجب أیضا اختلافا فی المعنی فالإتمام مثلا مکان القصر نسیانا مما
یوجب الإعادة
(139)
( مفاتیح البحث: الوجوب ( 1
صفحه 142
صفحۀ 98 من 245
الصفحۀ 140
فی الوقت دون القضاء فی خارج الوقت فیکون صحیحا بحسب أثر وفاسدا بحسب آخر وهکذا المأمور به الاضطراري المعبر عنه
بالواقعی الثانوي أو المأمور به الظاهري فیکون موافقا للأمر الاضطراري أو للأمر الظاهري ومخالفا للأمر الواقعی الأولی فیکون صحیحا
بحسب أمر وفاسدا بحسب آخر وحیث ان إجزاءهما عن الواقعی الأولی محل الکلام فیکون الإتیان بهما صحیحا مسقطا للقضاء
والإعادة بنظر وفاسدا غیر مسقط للقضاء والإعادة بنظر آخر (وقد أشار المصنف) إلی هذا الأمر الثانی بقوله فربما یکون شیء واحد
صحیحا بحسب أثر أو نظر وفاسدا بحسب آخر (قال) ومن هنا صح أن یقال ان الصحۀ فی العبادة والمعاملۀ لا تختلف بل فیهما بمعنی
واحد وهو التمامیۀ وانما الاختلاف فیما هو المرغوب منهما من الآثار … إلخ.
(الثالث) أن الصحۀ والفساد وصفان إضافیان یختلفان بحسب الآثار والأنظار کما عرفت آنفا (وقد أشار) إلی هذا الأمر الثالث بقوله
السادس أن الصحۀ والفساد … إلخ.
(أقول) ان تعبیر المصنف عن الصحۀ والفساد بأنهما وصفان إضافیان لا یخلو عن مناقشۀ فان الصحۀ والفساد وان کانا قد یختلفان
بحسب الآثار والأنظار فیکون عمل واحد صحیحا بالنسبۀ إلی أثر دون أثر أو بالنسبۀ إلی نظر دون نظر ولکن لیس دائما کذلک لجواز
أن یکون عمل واحد صحیحا بحسب تمام الآثار والأنظار کما جاز أن یکون عمل واحد فاسدا بحسب تمام الآثار والأنظار ولیست
الصحۀ والفساد من قبیل الإطلاق والاشتراط المتقدمین فی مقدمۀ الواجب من حیث کونهما وصفین إضافیین دائما لا واقع معین لهما
فی عالم الثبوت نظرا إلی أنه ما من مطلق الا وهو مشروط ببعض الأمور ولا أقل من الشرائط العامۀ وما من مشروط الا وهو مطلق
(140)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1
صفحه 143
الصفحۀ 141
إلی جملۀ من الأمور وهی التی لم یؤخذ شرطا فی لسان الدلیل بل الصحۀ والفساد قد یکونان إضافیین وقد یکونان واقعیین.
(قوله وحیث أن الأمر فی الشریعۀ یکون علی أقسام من الواقعی الأولی والثانوي والظاهري والأنظار تختلف فی أن الأخیرین یفید ان
الإجزاء أو لا یفیدان … إلخ) شروع فی بیان کیفیۀ اختلاف الصحۀ والفساد بحسب الآثار والأنظار فالإتیان بالمأمور به الاضطراري أي
الواقعی الثانوي وهکذا الإتیان بالمأمور به الظاهري یکون موافقۀ للأمر الاضطراري أو الظاهري فیکون صحیحا بالنسبۀ إلیه ومخالفۀ
للأمر الواقعی الأولی فیکون فاسدا بالنسبۀ إلیه (وقد أشار) إلی ذلک بقوله کان الإتیان بعبادة موافقۀ لأمر ومخالفۀ لآخر … إلخ بل
الإتیان بالاضطراري والظاهري حیث یکون إجزاؤهما عن الواقع محل الخلاف کما تقدم فیکون صحیحا مسقطا للقضاء والإعادة بنظر
وفاسدا غیر مسقط لهما بنظر آخر (وقد أشار) إلیه بقوله أو مسقطا للقضاء والإعادة بنظر وغیر مسقط لهما بنظر آخر … إلخ.
(قوله فالعبادة الموافقۀ للأمر الظاهري تکون صحیحۀ عند المتکلم والفقیه … إلخ) إشارة إلی کلام لهم حول النسبۀ بین التفسیرین أي
تفسیر المتکلم والفقیه (قال فی التقریرات) ثم انهم قد ذکروا أن النسبۀ بین التفسیرین عموم مطلق لأن العبادة التی توجب سقوط
القضاء یجب مطابقتها للأمر ولیس کل ما یطابق الأمر مسقطا للقضاء لأن الصلاة بالطهارة المستصحبۀ مطابقۀ للأمر یعنی الظاهري
ولیست مسقطۀ للقضاء لأنه یجب إذا انکشف الخلاف (انتهی) (فیقول المصنف) وقد وجه کلامه حول المأمور به الظاهري الذي
ادعوا أنه مطابق للأمر ولیس مسقطا للقضاء أي صحیح عند المتکلم دون الفقیه (ما محصله) أن المراد من الأمر فی تفسیر المتکلم
للصحۀ إن کان ما یعم
(141)
صفحۀ 99 من 245
( مفاتیح البحث: الصّلاة ( 1
صفحه 144
الصفحۀ 142
الأمر الظاهري ونحن قلنا باجزاء الظاهري عن الواقعی فالمأمور به الظاهري صحیح علی کلا التفسیرین جمیعا وإن لم نقل باجزاء
الظاهري عن الواقعی وکان المراد من الأمر فی تفسیر المتکلم للصحۀ خصوص الواقعی فالمأمور به الظاهري غیر صحیح علی کلا
التفسیرین وهو معنی قول المصنف وعدم اتصافها بها عند الفقیه بموافقته بناء علی عدم الاجزاء وکونه مراعی بموافقۀ الأمر الواقعی
عند المتکلم بناء علی کون الأمر فی تفسیرها خصوص الواقعی … إلخ.
(أقول) نعم ولکن إذا لم نقل باجزاء الظاهري عن الواقعی کما حققناه فی محله وکان المراد من الأمر فی تفسیر المتکلم للصحۀ ما یعم
الأمر الظاهري کما هو الظاهر فحینئذ یکون المأمور به الظاهري صحیحا عند المتکلم دون الفقیه أي یکون مطابقا للأمر ولیس مسقطا
للقضاء فتدبر جیدا.
(قوله وکونه مراعی بموافقۀ الأمر الواقعی … إلخ) أي وکون الاتصاف بالصحۀ مراعی بموافقۀ الأمر الواقعی.
(قوله تنبیه وهو أنه لا شبهۀ فی أن الصحۀ والفساد عند المتکلم وصفان اعتباریان … إلخ) (قال فی التقریرات) فی تذنیب الأمر الرابع
(ما لفظه) ان الصحۀ والفساد وصفان اعتباریان ینتزعان من الموارد بعد ملاحظۀ العقل انطباق المورد لما هو المأمور به أو لما هو
المجعول سببا وعدمه مطلقا سواء کان فی العبادات أو فی المعاملات وسواء فسرت الصحۀ بما فسرها المتکلمون أو بما فسرها الفقهاء
(انتهی) ومحصله أن الصحۀ والفساد سواء کانا فی العبادات أو فی المعاملات کانا بتفسیر المتکلم أو بتفسیر الفقیه هما وصفان
انتزاعیان غایته أنه فی العبادات ینتزعان من مطابقۀ المورد لما هو المأمور به وفی المعاملات من مطابقته لما هو المجعول سببا هذا فی
نظر التقریرات (وأما المصنف) ففی العبادات فصل بین تفسیري المتکلم والفقیه (فعلی تفسیر
(142)
صفحه 145
الصفحۀ 143
المتکلم) هما وصفان اعتباریان ینتزعان من مطابقۀ المأتی به لما هو المأمور به کما اختاره التقریرات (وأما علی تفسیر الفقیه) أي
سقوط القضاء والإعادة ففی المأمور به الواقعی هی لازم عقلی بمعنی أن العقل یحکم بأنه مسقط للقضاء والإعادة وفی غیره من
الاضطراري والظاهري علی القول بالاجزاء فیهما هی حکم شرعی بمعنی أن الشرع یحکم بأنه مسقط للقضاء والإعادة منۀ منه علی
العباد وتخفیفا عنهم مع ثبوت المقتضی لهما لفوت الواقعی الأولی.
(نعم) الصحۀ فی الموارد الخاصۀ والمصادیق الجزئیۀ للإضطراري والظاهري لیست حکما شرعیا وانما تتصف الموارد بالصحۀ بمعنی
انطباقها لما هو المأمور به کما أفاد التقریرات هذا کله فی العبادات (وأما المعاملات) فالصحۀ فیها حکم شرعی ولو إمضاء نعم فی
الموارد الخاصۀ والمصادیق الجزئیۀ لیست حکما شرعیا بل تتصف الموارد بالصحۀ بمعنی انطباقها لما هو المجعول سببا کما هو الحال
فی الأحکام التکلیفیۀ عینا فان المصداق الجزئی من الواجب أو الحرام تتصف بالوجوب أو الحرمۀ بمعنی انطباقه لما هو الواجب
الکلی أو الحرام الکلی.
(أقول) ویرد علیه.
(أولا) ان الشارع الحاکم فی الاضطراري والظاهري بکونهما مسقطین للقضاء والإعادة بناء علی الإجزاء فیهما هو بنفسه أیضا یحکم
صفحۀ 100 من 245
فی مصادیقهما الجزئیۀ بذلک وهکذا فی المعاملات غایته أن حکمه فی الکلی کلی وفی المصادیق الجزئیۀ جزئی.
(وثانیا) ان الصحۀ إذا قلنا بأنها عند الکل بمعنی واحد کما تقدم وهو التمامیۀ وأن اختلاف المتکلم والفقیه فی التعریف انما هو لتعبیر
کل منهما بما یهمه من الأثر فهی لا محالۀ وصف اعتباري منتزع عن واحدیۀ الشیء لتمام
(143)
( مفاتیح البحث: الأحکام الشرعیۀ ( 2
صفحه 146
الصفحۀ 144
ما یعتبر فیه من الأجزاء والشرائط سواء کان الشیء من المرکبات الشرعیۀ کالصلاة والصوم والحج وما أشبهها أو من المرکبات العرفیۀ
المترتبۀ علیها الآثار الشرعیۀ کالعقود والإیقاعات ونحوهما أو المترتبۀ علیها الخواص والآثار العرفیۀ کما فی الحبوب والمعاجین
وغیرهما المرکبۀ عن أمور خاصۀ فالصحۀ فی الکل بمعنی واحد وهو التمامیۀ منتزعۀ عن واجدیۀ الشیء لتمام ما یعتبر فیه جزءا وشرطا
من غیر فرق فی ذلک کله بین العبادات أو المعاملات ولا بین کلیها أو جزئیها فتدبر جیدا.
(قوله لیس بحکم وضعی مجعول بنفسه أو بتبع تکلیف … إلخ) فالوضعی المجعول بنفسه هو کما إذا قال السورة جزء للصلاة
والوضعی المجعول بتبع التکلیف هو کما إذا أمر بقراءة السورة فی الصلاة وبتبع جعل الوجوب لها قد جعلت الجزئیۀ.
(قوله الا أنه لیس بأمر اعتباري ینتزع کما توهم … إلخ) مقصوده من المتوهم هو صاحب التقریرات کما تقدم فإنه الذي ادعی أن
الصحۀ والفساد وصفان اعتباریان ینتزعان من انطباق المورد لما هو المأمور به أو لما هو المجعول سببا مطلقا سواء کان فی العبادات أو
فی المعاملات وسواء فسرت الصحۀ بما فسرها المتکلمون أو بما فسرها الفقهاء.
(قوله وفی غیره فالسقوط ربما یکون مجعولا … إلخ) أي وفی غیر المأمور به الواقعی الأولی من المأمور به الاضطراري والظاهري
ربما یکون السقوط مجعولا شرعا أي علی القول بالإجزاء فیهما.
(قوله کما ربما یحکم بثبوتهما … إلخ) أي بثبوت القضاء والإعادة فی المأمور به الاضطراري والظاهري بناء علی عدم الإجزاء فیهما.
(قوله بالوجوب أو الحرمۀ أو غیرهما … إلخ) من الأحکام التکلیفیۀ کالاستحباب والکراهۀ ونحوهما.
(144)
( مفاتیح البحث: أجزاء الصلاة ( 1)، الصیام، الصوم ( 1)، الحج ( 1)، الصّلاة ( 1
صفحه 147
الصفحۀ 145
فی تحقیق حال الأصل فی المسألۀ (قوله السابع لا یخفی أنه لا أصل فی المسألۀ یعول علیه … إلخ) وحاصل الکلام فی هذا الأمر
السابع أنه إذا أثبتنا فی المسألۀ الأصولیۀ أن النهی یدل علی الفساد أو أنه لا یدل علیه فهو وان عجزنا عن ذلک نفیا وإثباتا وشک فی
دلالته علی الفساد وعدمه فلا أصل لنا فی المسألۀ یقتضی دلالۀ النهی علی الفساد أو عدم دلالته علیه (نعم فی المسألۀ الفقهیۀ) وهی
فساد العبادة أو المعاملۀ المنهیۀ عنها وعدمه الأصل یقتضی الفساد (أما فی المعاملات) بعد فرض عدم عموم أو إطلاق یقتضی الصحۀ
فیها فلأنها بعد ما تعلق النهی بها وشک فی دلالته علی فسادها إذا تحققت هی فی الخارج فلا محالۀ یقع الشک فی حصول الأثر
المترتب علیها من ملکیۀ أو زوجیۀ أو بینونۀ ونحو ذلک فیستصحب عدم حصول الأثر وهذا هو معنی أصالۀ الفساد المشتهرة علی
الألسن فی المعاملات (وفیه) أن مقتضی الأصل وان کان عدم حصول الأثر المترتب علیها ولکن هذا إذا لم یکن هناك أصل سببی
صفحۀ 101 من 245
یرتفع به الشک فانا مهما شککنا فی اعتبار شیء فی السبب شرعا کاعتبار الماضویۀ أو العربیۀ ونحوهما فی عقد النکاح مثلا والصلاة
بالطهارة المستصحبۀ مطابقۀ للأمر یعنی الظاهري ولیست مسقطۀ للقضاء لأنه عقلا بعد الفحص عنه بحد الیأس فالبراءة الجاریۀ عن
المشکوك مما یوجب تحدید أجزاء السبب وحصرها بحسب الظاهر بالاجزاء المعلومۀ فإذا تحققت هی فلا محالۀ یترتب علیها الأثر
ولا یبقی مجال لاستصحاب عدمه وسیأتی نظیر ذلک فی الواجب الارتباطی إذا دار أمره بین الأقل والأکثر فتجري البراءة عن وجوب
الأکثر وبها یرتفع الإجمال والتردد
(145)
( مفاتیح البحث: الصّلاة ( 1)، النهی ( 3)، السب ( 2)، الیأس ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 148
الصفحۀ 146
بحسب الظاهر وتعینه فی الأول کما صرح به المصنف هناك فتکون واردة علی أصل الاشتغال أو استصحاب الاشتغال بعد الإتیان
بالأقل فکما ان البراءة هناك واردة علی أصل الاشتغال أو علی استصحابه فکذلک البراءة فی المقام واردة علی أصالۀ الفساد
واستصحاب عدم الأثر (وأما فی العبادات) فلان العبادة بعد ما تعلق النهی بها کما فی صوم العیدین وشک فی اقتضاء حرمتها فسادها
هی مما لا أمر له قطعا وهو مما یکفی فی بطلان العبادة والاکتفاء بقصد الملاك فی العبادة المزاحمۀ بالأهم إنما هو من جهۀ شمول
إطلاق الأمر لها وهو یکفی فی إحراز الملاك فیها وان کان الأمر ساقطا فعلا عن التنجز لأجل المزاحمۀ بالأهم وهذا بخلاف المقام
فان مع تعلق النهی بالعبادة بالخصوص یکون الأمر بها منقطعا من أصله فلا أمر ولا محرز للملاك أصلا.
(أقول) نعم إلا أن هذا التقریب إنما یتم فی العبادات التی تحتاج عبادیتها إلی تعلق أمر بها کالصلاة والزکاة والصیام والحج ونحوها
وأما العبادات الذاتیۀ التی تقدمت الإشارة إلیها من المصنف فی الأمر الرابع ولا یحتاج عبادیتها إلی تعلق أمر بها کالسجود والخضوع
والخشوع والتسبیح والتقدیس ونحو ذلک فلا یکاد یتم فیها هذا التقریب فإذا تعلق بها النهی وشک فی مفسدیۀ النهی لها فلا وجه
للالتزام بأصالۀ الفساد فیها من أجل عدم الأمر بها إذ المفروض أن عبادیتها لیست بسبب الأمر کی یقال إن النهی إذا شک فی
مفسدیته لها فعدم الأمر بها کاف فی بطلانها بل مقتضی القاعدة فی هذا القسم من العبادات إذا فرض الشک فی مفسدیۀ النهی له هو
الصحۀ وبقائه علی ما کان علیه من قبل النهی فتأمل جیدا.
(146)
( مفاتیح البحث: الباطل، الإبطال ( 1)، الحج ( 1)، النهی ( 7)، الصیام، الصوم ( 1
صفحه 149
الصفحۀ 147
فی أقسام تعلق النهی بالعبادة (قوله الثامن ان متعلق النهی اما أن یکون نفس العبادة أو جزئها أو شرطها الخارج عنها أو وصفها الملازم
لها کالجهر والإخفات للقراءة أو وصفها الغیر الملازم … إلخ) المقصود من عقد هذا الأمر الثامن بیان أقسام تعلق النهی بالعبادة وبیان
حکم کل منها علی حده من حیث الدخول فی محل النزاع وعدمه (فیقول) إن النهی:
(تارة) یتعلق بنفس العبادة کالنهی عن الصلاة فی أیام الحیض بناء علی حرمتها الذاتیۀ أو النهی عن الصوم فی یوم العیدین أو نحو
ذلک من العبادات المحرمۀ.
(وأخري) یتعلق بجزء العبادة کما إذا نهی عن سور العزائم فی الصلاة (وثالثۀ) یتعلق بشرط العبادة الخارج عنها کما إذا نهی عن تطهیر
صفحۀ 102 من 245
الثوب أو البدن بماء الغصب للصلاة أو الطواف ونحوهما.
(ورابعۀ) یتعلق بوصفها الملازم لها کما إذا نهی عن الجهر بالقراءة فان الجهر بالقراءة مما لا ینفک عن القراءة وان جاز انفکاك
القراءة عن الجهر بها وهکذا الأمر فی النهی عن الإخفات بالقراءة ولو عدل المصنف عن المثال المذکور إلی النهی عن الجهر بالصلاة
أو الإخفات بها کما فی قوله تعالی ولا تجهر بصلاتک ولا تخافت بها کان أولی فان الأولی نهی عن الوصف الملازم لجزء العبادة
والثانی نهی عن الوصف الملازم لنفس العبادة.
(وخامسۀ) یتعلق بوصفها الغیر الملازم لها أي القابلۀ للانفکاك عنها وهذا علی نحوین.
(147)
مفاتیح البحث: الجهر والإخفات ( 5)، الطواف، الطوف، الطائفۀ ( 1)، النهی ( 7)، الصّلاة ( 3)، الحیض، الإستحاضۀ ( 1)، الصیام، الصوم
(1)
صفحه 150
الصفحۀ 148
(فتارة) یکون الوصف الغیر الملازم غیر متحد مع العبادة فی مورد الاجتماع کالجهر مع القراءة فان الجهر غیر القراءة والقراءة غیر
الجهر وقد جاز انفکاك کل منهما عن الآخر وهکذا الأمر فی الإخفات والفرق بین هذا والقسم الرابع أن النهی فی القسم الرابع تعلق
بخصوص الجهر بالقراءة أو بالإخفات بها فلا ینفک عنها وهاهنا تعلق بمطلق الجهر أو الإخفات وهو قابل للانفکاك عن القراءة فلا
تغفل.
(وأخري) یکون متحدا مع الصلاة فی مورد الاجتماع کالغصب مع أفعال الصلاة فإنه فی مورد الاجتماع یکون عین الرکوع والسجود
والقیام والهوي والنهوض ونحو ذلک وهی عینه.
(قوله کالغصبیۀ لأکوان الصلاة المنفکۀ عنها … إلخ) وفی التمثیل ما لا یخفی فإنه مثال للوصف الغیر الملازم للعبادة المتحد معها
وجودا وهذا غیر صحیح فان الأکوان لیست هی من أجزاء الصلاة کی إذا اتحد الغصب معها اتحد مع الصلاة والصحیح کان أن یقول
کالغصب لأفعال الصلاة کما مثلنا به فهو وصف مفارق یتحد مع العبادة وجودا عند الاجتماع معها.
(قوله لا ریب فی دخول القسم الأول فی محل النزاع وکذا القسم الثانی … إلخ) شروع فی بیان حکم کل قسم من الأقسام الخمسۀ
علی حده من حیث الدخول فی محل النزاع وعدمه بعد الفراغ عن ذکر الأقسام کلها.
(قوله الا أن یستلزم محذورا آخر … إلخ) کفوت الموالاة إذا کان الجزء المحرم الفاسد طویلا لا یلتئم ما بعده بما قبله.
(قوله وأما القسم الثالث فلا یکون حرمۀ الشرط والنهی عنه موجبا لفساد العبادة … إلخ) وفاقا لصاحب التقریرات (قال) فی آخر الأمر
السابع فحرمۀ الشرط لا دلیل علی سرایتها إلی المشروط فلا یقتضی الفساد
(148)
( مفاتیح البحث: أفعال الصلاة ( 2)، أجزاء الصلاة ( 1)، الجهر والإخفات ( 5)، الرکوع، الرکعۀ ( 1)، النهی ( 2)، السجود ( 1)، الصّلاة ( 3
صفحه 151
الصفحۀ 149
قطعا فان النهی عن شیء مباین للشیء کیف یعقل اقتضائه الفساد (انتهی).
(قوله وأما القسم الرابع فالنهی عن الوصف اللازم مساوق للنهی عن موصوفه … إلخ) (وفیه ما لا یخفی) فان الوصف ما لم یکن
صفحۀ 103 من 245
متحدا مع الموصوف وجودا کما فی النحو الثانی من القسم الخامس فلا وجه لسرایۀ الحرمۀ من الوصف إلی الموصوف وإن فرض
کونه ملازما له واستحالۀ کون الموصوف واجبا حینئذ وجوبا منجزا وإن کان حقا ولکن لا یجب أن یکون محکوما بحکمه کما تقدم
غیر مرة فإذا لم یکن الموصوف محکوما بحکم الوصف أي لم یکن حراما شرعا کفی فی صحته قصد الملاك المحرز فیه بإطلاق
الأمر الساقط عن مرتبۀ التنجز.
(وبالجملۀ) الجهر بالقراءة مع القراءة شیئان خارجا کالبیاض والجسم وإن کان الأول مما لا یتحقق إلا مع الثانی فإذا کانا أمرین وجودا
فلا وجه لسرایۀ الحرمۀ من أحدهما إلی الآخر وإن کانا متلازمین خارجا فإذا لم یحرم الموصوف فلا وجه لفساده بل یصححه
الملاك المحرز فیه بوسیلۀ إطلاق الأمر کما فی سایر الموارد فان المولی إذا أمر بالقراءة فقد شمل جمیع أفرادها وإذا نهی عن وصفها
الملازم لها الغیر المتحد معها وجودا سقط أمر الموصوف من جهۀ الملازمۀ مع الحرام عن مرتبۀ التنجز وبقی الملاك فیه محرزا
بوسیلۀ الإطلاق فتصح القراءة ولا تفسد.
(قوله وأما النهی عن العبادة لأجل أحد هذه الأمور … إلخ) وحاصله أنه إذا نهی عن العبادة لأجل النهی عن الجزء أو الشرط أو
الوصف فان کان من قبیل الوصف بحال المتعلق کما فی قولک زید منطلق أبوه (وبعبارة أخري) کان اسناد النهی إلیها بالعرض
والمجاز من قبیل اسناد الجري إلی المیزاب وکان المنهی عنه حقیقۀ هو الجزء أو الشرط أو الوصف لا نفس
(149)
( مفاتیح البحث: الجهر والإخفات ( 1)، النهی ( 4
صفحه 152
الصفحۀ 150
العبادة فحال هذا النهی حال النهی عن أحد هذه الأمور من حیث کونه داخلا فی محل النزاع أم لا (وأما إذا کان) النهی عن العبادة
علی نحو الحقیقۀ بان کان المقصود هو تحریم نفس العبادة وان کان السبب لتحریمها مبغوضیۀ جزئها أو شرطها أو وصفها بحیث کان
أحد هذه الأمور واسطۀ فی الثبوت کالنار لحرارة الماء لا فی العروض کالماء فی اسناد الجري إلی المیزاب فحال هذا النهی حال النهی
فی القسم الأول من الأقسام المتقدمۀ أي النهی عن نفس العبادة بل هو عینه حقیقۀ.
(قوله ربما تزید علی العشرة علی ما قیل … إلخ) القائل هو صاحب التقریرات (قال) فی صدر الهدایۀ الثانیۀ من المسألۀ (ما لفظه)
فاعلم أنهم اختلفوا فی مورد النزاع فی دلالۀ النهی علی الفساد علی أقوال ربما تزید علی العشرة (انتهی).
فی اقتضاء النهی الفساد فی العبادات (قوله من بسط المقال فی مقامین الأول فی العبادات فنقول وعلی الله الاتکال … إلخ) والأولی
فی تقریب الاستدلال علی اقتضاء النهی الفساد فی العبادات أن یقال بنحو الاختصار ان النهی مما یدل علی الحرمۀ والحرمۀ مما لا
تجتمع مع التقرب المعتبر فی العبادات قطعا فتفسد قهرا إذا تعلق بها النهی وهذا من غیر حاجۀ إلی إطالۀ الکلام ومزید النقض والإبرام
کما فعل المصنف.
(قوله بالعبادة بنفسها … إلخ) أي لا بشرطها ولا بوصفها ولکن قد عرفت أن تعلق النهی بوصفها الغیر الملازم المتحد معها وجودا مما
(150)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، النهی ( 12 )، السب ( 1
صفحه 153
الصفحۀ 151
صفحۀ 104 من 245
السرایۀ إلیها بل وحتی الملازم الغیر المتحد معها وجودا فی نظر المصنف (وعلیه) فلا وجه لتخصیص اقتضاء الفساد بالنهی المتعلق
بالعبادة بنفسها دون غیره.
(قوله ولو کانت جزء عبادة بما هو عبادة کما عرفت … إلخ) أي کما عرفت أن جزء العبادة عبادة حیث قال فیما تقدم وکذا القسم
الثانی بلحاظ أن جزء العبادة عبادة.
(قوله لدلالته علی حرمتها ذاتا … إلخ) الحرمۀ الذاتیۀ هی التی تکون عن مفسدة فی الفعل وتوجب مبغوضیته شرعا ولو لم یأت به عن
تشریع وافتراء علی المولی فی قبال الحرمۀ التشریعیۀ وهی التی تکون عند الإتیان بالفعل علی نحو التشریع والافتراء علی المولی فیکون
صدوره حینئذ قبیحا مبغوضا علی المکلف وان لم یکن فی حد ذاته قبیحا مبغوضا واقعا.
(قوله لا یقال هذا لو کان النهی عنها دالا علی الحرمۀ الذاتیۀ ولا یکاد یتصف بها العبادة … إلخ) (وحاصل الإشکال) أن اقتضاء النهی
الفساد فی العبادات انما یتم إذا کان النهی المتعلق بها دالا علی الحرمۀ الذاتیۀ ولا یکاد یتصف بها العبادة وبعبارة أخري لا یعقل
تحریمها ذاتا فان المکلف إذا لم یقصد القربۀ فلا عبادة کی تحرم بالنهی ذاتا وتفسد وإذا قصدها فهذا غیر مقدور له إذ لا أمر فی
البین کی یقصد ویتحقق به العبادة وتحرم ذاتا وتفسد الا إذا قصد القربۀ تشریعا ومعه یتصف الفعل بالحرمۀ التشریعیۀ دون الذاتیۀ
لامتناع اجتماع المثلین (وقد أجاب المصنف) عن الإشکال من وجوه.
(الأول) أن المراد من تحریم العبادة فی المسألۀ کما تقدم فی الأمر الرابع هو تحریم ما لو تعلق الأمر به کان أمره أمرا عبادیا لا یکاد
یسقط الا بقصد القربۀ کسائر أقرانه وأمثاله نظیر صوم العیدین أو الصلاة فی أیام الحیض بناء علی حرمتها ذاتا ونحو ذلک ومن
المعلوم أن تحریم ذلک ذاتا فی کمال الإمکان
(151)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 2)، النهی ( 3)، الحیض، الإستحاضۀ ( 1)، الصّلاة ( 1)، الصیام، الصوم ( 1
صفحه 154
الصفحۀ 152
هذا فی العبادات الغیر الذاتیۀ (وأما العبادات الذاتیۀ) کالرکوع والسجود والخضوع والخشوع ونحوها مما لا یحتاج عبادیتها إلی تعلق
أمر بها بل ولا یضر بعبادیتها حرمتها شرعا وان أضرت بمقربیتها کما تقدم فجواز تحریمها ذاتا أوضح وأظهر کما لا یخفی.
(الثانی) أن تحریم الفعل المأتی به بقصد القربۀ تشریعا أمر ممکن میسور من دون أن یجتمع فیه المثلان فان التشریعیۀ تتعلق بفعل
القلب وهو الاعتقاد بوجوبه وعقد القلب علیه مع العلم بعدمه کما هو الحال فی التجري أیضا من حیث کون العقاب فیه علی فعل
القلب فی نظر المصنف علی ما سیأتی أي علی قصد العصیان والعزم علی الطغیان وأما الحرمۀ الذاتیۀ فتتعلق هی بفعل الجوارح لا
بفعل القلب فیتعدد المتعلق ولا اجتماع المثلین (وفیه) ان الحرمۀ التشریعیۀ فی المقام وحرمۀ التجري هناك تتعلقان جمیعا بفعل
الجوارح کسائر الأحکام التکلیفیۀ وأما فعل القلب وهو الاعتقاد بوجوب ما لیس بواجب عمدا أو قصد العصیان والعزم علی الطغیان
فهو السبب لتحقق عنوان التشریع أو التجري للفعل وهو المصحح للعقاب علیه وان کان مجرد فعل القلب أیضا من دون صدور فعل من
الجوارح مما یوجب استحقاق العقاب عقلا لکن دون عقاب من صدر عنه الفعل فی الخارج ولم یقتصر علی فعل القلب فقط ولعله
إلی هذا کله قد أشار أخیرا بقوله فافهم (وعلیه) فالحق فی الجواب الثانی أن یقال انه لا مانع من اجتماع الحرمتین فی فعل واحد
الحرمۀ التشریعیۀ والذاتیۀ جمیعا لکونهما اعتباریین فیندك بعضهما فی بعض ویتأکد بعضهما ببعض فیکون هناك حرمۀ واحدة أکیدة
متعلقۀ بفعل واحد.
(الثالث) انه لو سلم أن النهی فی العبادات لا یکون دالا علی الحرمۀ الذاتیۀ نظرا إلی الإشکال المتقدم فالنهی فیها مما یدل علی الفساد
صفحۀ 105 من 245
من جهۀ
(152)
( مفاتیح البحث: النهی ( 1)، السجود ( 1)، السب ( 1
صفحه 155
الصفحۀ 153
أخري وهی دلالته علی حرمتها التشریعیۀ فإنه لا أقل من دلالته علی سقوط الأمر عنها وانها لیست بمأمورة بها من أصلها وهو یکفی
فی فسادها وعدم وقوعها عبادة مقربۀ (وفیه) أن ذلک إنما یتم فی العبادات الغیر الذاتیۀ مما کانت عبادیتها تحتاج إلی تعلق الأمر بها
کالصلاة والزکاة والصیام وما أشبهها وأما العبادات الذاتیۀ التی لا تحتاج عبادیتها إلی تعلق أمر بها کالسجود والرکوع والخضوع
والخشوع ونحوها إذا تعلق النهی بها وفرض عدم کونه للحرمۀ الذاتیۀ فالنهی عنها وإن کان دالا علی عدم الأمر بها ولکن مجرد عدم
الأمر بها مما لا یکفی فی فسادها کما لا یخفی.
(قوله مع أنه لا ضیر فی اتصافه بهذه الحرمۀ مع الحرمۀ التشریعیۀ … إلخ) إشارة إلی الجواب الثانی من الإشکال وقد عرفت تفصیله مع
ما فیه (قوله فافهم … إلخ) قد أشیر آنفا إلی وجه قوله فافهم فلا تغفل.
(قوله هذا مع أنه لو لم یکن النهی فیها دالا علی الحرمۀ لکان دالا علی الفساد لدلالته علی الحرمۀ التشریعیۀ … إلخ) إشارة إلی
الجواب الثالث عن الإشکال وقد عرفت أیضا تفصیله مع ما فیه (مضافا) إلی أنه لا یخلو عن سوء التعبیر فان النهی مما لا یدل علی
الحرمۀ التشریعیۀ ومراده أن النهی یدل علی سقوط الأمر وانقطاع العموم أو الإطلاق من أصله فیکون العمل تشریعا قهرا.
(قوله نعم لو لم یکن النهی عنها الا عرضا … إلخ) استدراك عن قوله لکان دالا علی الفساد أي نعم لو لم یکن النهی عن العبادة إلا
بالعرض والمجاز من قبیل اسناد الجري إلی المیزاب وکان المنهی عنه حقیقۀ غیرها کما إذا نهی عن فعل الصلاة عند تنجس المسجد
وکان المقصود من النهی عنها هو النهی عن ترك الإزالۀ فلا یکون النهی حینئذ مقتضیا لفساد العبادة بناء علی
(153)
( مفاتیح البحث: أفعال الصلاة ( 1)، یوم عرفۀ ( 2)، النهی ( 9)، السجود ( 1
صفحه 156
الصفحۀ 154
ما تقدم فی بحث الضد من عدم اقتضاء الأمر بالشیء النهی عن الضد الخاص وعلیه فیخصص بمثل هذا النهی العرضی عموم قولنا
النهی فی العبادات یقتضی الفساد أو یقید به إطلاقه.
فی عدم اقتضاء النهی الفساد فی المعاملات (قوله المقام الثانی فی المعاملات ونخبۀ القول أن النهی الدال علی حرمتها لا یقتضی
الفساد … إلخ) وقد أفاد فی وجه عدم الفساد أنه لا ملازمۀ لغۀ ولا عرفا بین حرمۀ المعاملۀ وفسادها (سواء کانت) الحرمۀ متعلقۀ بنفس
السبب بما هو فعل مباشري کالإیجاب والقبول فی وقت النداء علی نحو کان المبغوض هو نفس الإیجاب والقبول من دون أن یکون
الأمر المترتب علیهما مبغوضا شرعا (أو کانت) الحرمۀ متعلقۀ بالمسبب بما هو فعل تسبیبی علی نحو کان المبغوض شرعا هو نفس
الأمر المترتب علی السبب دون السبب بنفسه کتملیک المسلم من الکافر أو المصحف منه فإنه فعل تسبیبی حاصل بالسبب الخاص
فالسبب وان کان حراما شرعا غیریا ولکن المبغوض النفسی هو نفس تملیک المسلم أو المصحف من الکافر الحاصل بهذا السبب
الخاص (أو کانت) الحرمۀ متعلقۀ بالتسبب بسبب خاص کما إذا نهی عن تملیک الزیادة بوسیلۀ البیع الربوي علی نحو کان المبغوض
صفحۀ 106 من 245
هو التملیک بهذا السبب الخاص فلو حصل التملیک بسبب آخر غیر البیع الربوي کالهبۀ ونحوها لم یبغضه الشارع (قوله وانما یقتضی
الفساد فیما إذا کان دالا علی حرمۀ ما لا یکاد یحرم مع صحتها مثل النهی عن أکل الثمن أو الثمن … إلخ) بل یمکن أن یقال ان
النهی فی هذا القسم أیضا مما لا یدل علی الفساد فان تحریم ثمن الخمر
(154)
( مفاتیح البحث: النهی ( 7)، البیع ( 2)، الأکل ( 1)، السب ( 5
صفحه 157
الصفحۀ 155
أو الکلب أو الخنزیر أو ثمن کل شیء حرمه الله تعالی کما فی الحدیث مما لا یستلزم عقلا عدم نفوذ المعاملۀ وذلک لجواز حصول
النقل والانتقال شرعا وصیرورة الثمن ملکا للبائع والثمن ملکا للمشتري ومع ذلک یحرم علی البائع أکل الثمن وعلی المشتري أکل
الثمن تعبدا (بل الظاهر) أن وجه حرمۀ الثمن أو المثمن لیس مجرد فساد المعاملۀ وعدم حصول النقل والانتقال بسببها وأنه مال الغیر
فلا یجوز أکله فإنه لو کانت الحرمۀ لذلک لجاز أکله فیما لو علم بطیب نفس المشتري أو البائع علی کل تقدیر مع أنه لا یجوز قطعا
ولو علم برضائه کذلک.
(قوله فی بیع أو بیع شیء … إلخ) کما إذا حرم أکل الثمن أو المثمن فی بیع خاص کبیع الربوي أو بیع شیء خاص کبیع الخمر أو
الکلب أو الخنزیر ونحوها.
(قوله لکنه فی المعاملات بمعنی العقود والإیقاعات … إلخ) لا وجه لتخصیص ظهور النهی فی الإرشاد إلی الفساد دون الحرمۀ الذاتیۀ
بالمعاملات بالمعنی الأخص فقط أي العقود والإیقاعات بل لا یبعد ظهوره حتی فی المعاملات بالمعنی الأعم مما یقبل الاتصاف
بالصحۀ والفساد کغسل النجاسات والمتبع علی کل حال هو الظهور فان کان النهی ظاهرا فی الإرشاد بقرینۀ حال أو مقال فهو والا فلا
بد من الأخذ بما هو ظاهر النهی لو لا القرینۀ وهو الحرمۀ وقد عرفت انها مما لا تقتضی الفساد الا فی العبادات.
(قوله نعم ربما یتوهم استتباعها له شرعا من جهۀ دلالۀ غیر واحد من الأخبار علیه … إلخ) (قال فی الفصول) واحتج من أثبت دلالته
علی فساد المعاملۀ شرعا فیما إذا تعلق بعینها أو لازمها بما یرجع محصله إلی وجوه (إلی أن قال) الثالث ظاهر جملۀ من الاخبار منها ما
رواه زرارة فی الصحیح
(155)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الغسل ( 1)، النهی ( 3)، النجاسۀ ( 1)، الأکل ( 5)، الجواز ( 2)، البیع ( 4
صفحه 158
الصفحۀ 156
عن أبی جعفر علیه السلام قال سألته عن مملوك تزوج بغیر اذن سیده فقال ذلک إلی سیده إن شاء أجازه وإن شاء فرق بینهما قلت
أصلحک الله ان الحکم ابن عتیبۀ وإبراهیم النخعی وأصحابهما یقولون ان أصل النکاح فاسد ولا تحل له إجازة السید له فقال أبو جعفر
علیه السلام انه لم یعص الله انما عصی سیده فإذا أجازه فهو له جائز (قال) وفی روایته الأخري بعد أن ذکر حکمه علیه السلام بصحۀ
نکاح العبد مع لحوق الإجازة قال فقلت لأبی جعفر علیه السلام فإنه فی أصل النکاح کان عاصیا فقال أبو جعفر علیه السلام انما أتی
شیئا حلالا ولیس بعاص لله وانما عصی سیده ولم یعص الله ان ذلک لیس کإتیانه ما حرم الله تعالی علیه من نکاح فی عدة وأشباهه
(ثم قال) ووجه الدلالۀ أن الروایتین دلتا علی أن نکاح العبد الغیر المأذون انما لم یفسد مع لحوق الإجازة لأنه لم یعص الله فیه وانما
صفحۀ 107 من 245
عصی سیده فیدل علی أن عصیان الله فی النکاح الذي من أقسام المعاملۀ یوجب الفساد (انتهی) (وقال المحقق القمی) رحمه الله وقد
یستدل بما ورد فی بعض الأخبار من صحۀ عقد المملوك إذا کان بغیر اذن مولاه ثم رضی به معللا بأنه لم یعص الله بل عصی سیده
فإنه یدل علی أنه إذا کان فیه معصیۀ بالنسبۀ إلیه تعالی وکان منهیا عنه فیکون فاسدا (انتهی) هذا حاصل ما توهم من استتباع الحرمۀ
للفساد شرعا فی المعاملات من جهۀ دلالۀ غیر واحد من الاخبار وستعرف الجواب عنه فی الحاشیۀ الآتیۀ.
(قوله ولا یخفی ان الظاهر أن یکون المراد بالمعصیۀ المنفیۀ هاهنا أن النکاح لیس مما لم یمضه الله ولم یشرعه … إلخ) وحاصل
الجواب عن التوهم المذکور بمزید توضیح منا أن المراد من العصیان فی قوله علیه السلام أنه لم یعص الله انما عصی سیده لیس هو
العصیان التکلیفی لأنه قد عصی الله تکلیفا لا محالۀ فان من عصی سیده فقد عصی الله بل المراد هو العصیان الوضعی أي
(156)
( مفاتیح البحث: الإمام محمد بن علی الباقر علیه السلام ( 3)، إبراهیم النخعی ( 1)، الزوج، الزواج ( 1
صفحه 159
الصفحۀ 157
لم یأت بما لم یمضه الله ولم یشرعه کالنکاح فی العدة وأشباهه بل عصی سیده بمعنی أنه أتی بما لم یأذن به سیده ولو لم یسبق منه
نهی عنه ومن المعلوم أن العصیان الوضعی مما یوجب الفساد وعدم ترتب الأثر شرعا فافهم جیدا.
(قوله وهکذا حال سایر أخبار الواردة فی هذا الباب … إلخ) وهو باب تزویج الإماء والعبید (فی الوافی) وباب أنه لا یجوز للعبد أن
یتزوج ولا یتصرف فی ماله الا بإذن مولاه (فی الوسائل) وفیه أیضا باب أن العبد إذا تزوج بغیر اذن مولاه کان العقد موقوفا علی
الإجازة منه فراجع.
فیما حکی عن أبی حنیفۀ والشیبانی من دلالۀ النهی علی الصحۀ (قوله تذنیب حکی عن أبی حنفیۀ والشیبانی دلالۀ النهی علی الصحۀ
وعن الفخر أنه وافقهما فی ذلک … إلخ) المراد من الفخر هو فخر المحققین نجل العلامۀ لا امام المشککین أحد علماء العامۀ (قال)
فی التقریرات حکی عن أبی حنیفۀ والشیبانی دلالۀ النهی علی الصحۀ والمنقول عن نهایۀ العلامۀ التوقف ووافقهما فخر المحققین فی
نهایۀ المأمول وأحال الأمر علی شرح التهذیب (انتهی).
(أقول) أما دلالۀ النهی علی الصحۀ (ففی المعاملات) حق لا ریب فیه فان تحریم الشیء فرع القدرة علیه والا لم یصح تحریمه ومن
المعلوم أن القدرة علی الشیء مما یساوق صحته وإمکان تحققه فی الخارج (وأما فی العبادات) فان کان المقصود من الصحۀ التی
یقتضیها النهی هو تحقق ماهیاتها ومسمیاتها
(157)
( مفاتیح البحث: النهی ( 5)، الزوج، الزواج ( 3)، الجواز ( 1
صفحه 160
الصفحۀ 158
فهذا أیضا حق لما عرفت مشروحا فی التعبدي والتوصلی من خروج قصد القربۀ عن ماهیۀ العبادات ومسمیاتها وجواز تحقق الماهیۀ
بدونه وإن کان المقصود من الصحۀ التی یقتضیها النهی هو وقوع الفعل عبادة مقربۀ إلی الله فهذا ممنوع أشد المنع لما عرفت فی
الاستدلال علی اقتضاء النهی الفساد فی العبادات عدم اجتماع الحرمۀ مع وقوع الفعل عبادة مقربۀ إلیه وإن اجتمعت فی العبادات عدم
اجتماع الحرمۀ مع وقوع الفعل عبادة مقربۀ إلیه وإن اجتمعت فی العبادات الذاتیۀ مع عبادیتها دون مقربیتها (والظاهر) أن مراد القائل
صفحۀ 108 من 245
من دلالۀ النهی علی الصحۀ هو المعنی الأول أي تحقق الماهیۀ والمسمی فالنهی یدل علی الصحۀ أي علی إمکان تحقق ماهیۀ المنهی
عنه ومسماه.
(قوله والتحقیق أنه فی المعاملات کذلک إذا کان عن المسبب أو التسبب … إلخ) وحاصل تحقیقه فی المقام أن النهی (فی
المعاملات) مما یدل علی الصحۀ إذا کان عن المسبب أو عن التسبب وقد عرفت التمثیل لهما فیما تقدم (ووجه الدلالۀ) اعتبار القدرة
فی متعلق النهی عقلا کالأمر ولا یکاد یقدر علی المسبب أو التسبب إلا فیما إذا کانت المعاملۀ مؤثرة صحیحۀ وأما إذا کان النهی عن
السبب فلا یکاد یدل علی الصحۀ وذلک لجواز کونه مقدورا وان لم یکن مؤثرا صحیحا نعم لا یدل النهی فیه علی الفساد کما تقدم
ولکنه غیر الدلالۀ علی الصحۀ کما لا یخفی (وفیه) أن النهی فی السبب أیضا مما یدل علی الصحۀ وذلک لعین ما اعترف به فی
المسبب والتسبب من اعتبار القدرة فی متعلق النهی ودعوي جواز کون السبب مقدورا وان لم یکن صحیحا مما لا وجه له فان السبب
وان جاز أن یکون مقدورا مع عدم تأثیره فی النقل والانتقال لفقد شرط أو لوجود مانع ولکن صحۀ کل شیء بحسبه ولیس صحۀ
السبب بمعنی أن یترتب علیه الأثر خارجا فان الأثر مترتب علی مجموع السبب والشرط وفقد المانع لا علی السبب وحده بل صحۀ
السبب هو بمعنی أنه إذا انضم إلیه الشرط وفقد
(158)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 3)، النهی ( 9)، السب ( 8)، الجواز ( 1
صفحه 161
الصفحۀ 159
المانع أثر أثره أي فی النقل والانتقال ومن المعلوم حصول هذا المعنی فی السبب ولو مع النهی عنه کما لا یخفی هذا کله تحقیق
المصنف فی المعاملات مع ما فیه من المناقشۀ (وأما العبادات) فقد قسمها إلی قسمین:
(الأول) ما کان منها عبادة ذاتیۀ کالرکوع والسجود والخضوع والخشوع ونحوها مما لا یحتاج عبادیتها إلی تعلق أمر بها وفی هذا
القسم ذهب إلی کونه مقدورا مع النهی عنه کما إذا کان مأمورا به (وفیه) أن مجرد المقدوریۀ مما لا یکشف عن الصحۀ فان العبادات
الذاتیۀ وان کانت عبادة حتی مع النهی عنها کما تقدم غیر مرة ولکنها لیست مقربۀ إلی الله تعالی وهو مما یکفی فی عدم صحتها
وفسادها بمعنی عدم ترتب الأثر المرغوب منها علیها اللهم الا إذا کان المقصود من صحتها حینئذ هو تحقق عبادیتها إذ المفروض انها
عبادة ذاتیۀ لا تتخلف عبادیتها حتی مع النهی عنها.
(الثانی) ما کان منها عبادة لاعتبار قصد القربۀ فیه لو کان مأمورا به وفی هذا القسم ذهب إلی عدم کونه مقدورا مع النهی عنه الا إذا
قیل بجواز اجتماع الأمر والنهی فی شیء واحد بعنوان واحد (وفیه) أن المراد من القسم الثانی هو العبادة التقدیریۀ أي ما لو تعلق الأمر
به کان أمره أمرا عبادیا لا یکاد یسقط الا مع قصد القربۀ کما تقدم فی الأمر الرابع ویشهد به قوله فی المقام لو کان مأمورا به وقوله
أیضا بمعنی أنه لو کان مأمورا به کان الأمر به أمر عبادة لا یسقط الا بقصد القربۀ … إلخ ومن الواضح المعلوم عدم توقف القدرة
علی العبادة التقدیریۀ مع النهی عنها علی القول بجواز الاجتماع فی شیء واحد بعنوان واحد فان الذي یتوقف علی ذلک هو العبادة
الفعلیۀ أي ما تعلق الأمر به فعلا أمرا عبادیا لا یکاد یسقط الا مع قصد القربۀ لا العبادة التقدیریۀ والظاهر أن إلیه أشار أخیرا بقوله فافهم.
(159)
( مفاتیح البحث: النهی ( 7)، الوقوف ( 1)، السجود ( 1)، السب ( 1
صفحه 162
صفحۀ 109 من 245
الصفحۀ 160
(ثم) ان للمصنف تعلیقۀ فی المقام قد لخص فیها تحقیقه علی نحو تسلم مما أوردناه علیه فی المعاملات والعبادات جمیعا (قال) لدي
التعلیق علی قوله والتحقیق … إلخ ما لفظه ملخصه أن الکبري وهی أن النهی حقیقۀ إذا تعلق بشیء ذي أثر کان دالا علی صحته
وترتب أثره علیه لاعتبار القدرة فیما تعلق به النهی کذلک یعنی حقیقۀ وان کانت مسلمۀ الا أن النهی کذلک لا یکاد یتعلق بالعبادات
ضرورة امتناع تعلق النهی کذلک بما تعلق به الأمر وتعلقه بالعبادات بالمعنی الأول وان کان ممکنا الا أن أثر المرغوب منها عقلا أو
شرعا غیر مترتب علیها مطلقا بل علی خصوص ما لیس بحرام منها وهکذا الحال فی المعاملات فان کان الأثر فی معاملۀ مترتبا علیها
ولازما لوجودها کان النهی عنها دالا علی ترتبه علیها لما عرفت یعنی لاعتبار القدرة فیما تعلق به النهی حقیقۀ (انتهی).
فی المنطوق والمفهوم (قوله المقصد الثالث فی المفاهیم … إلخ) کان الأولی أن یقول المقصد الثالث فی المنطوق والمفهوم کما هو
دأب الأصولیین والظاهر أن العدول عن ذلک لأجل الفرار عن تعرض حال المنطوق وعلی کل حال یقع الکلامها هنا فی جهات
عدیدة.
(الأولی) فی تعریف المنطوق والمفهوم (وقد عرف الحاجبی) المنطوق بما دل علیه اللفظ فی محل النطق والمفهوم بما دل علیه اللفظ
لا فی محل النطق (وقد فسر العضدي) التعریف الأول بقوله أن یکون حکما لمذکور وحالا من أحواله وفسر التعریف الثانی بقوله بان
یکون حکما لغیر مذکور وحالا
(160)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، النهی ( 6
صفحه 163
الصفحۀ 161
أحواله وقد أطیل فیهما الکلام بین الأعلام بالنقض والإبرام طردا وعکسا علی ما یظهر من التقریرات وغیره کما یظهر منه أن لکل من
الآمدي والعلامۀ أعلی الله مقامه تعریف آخر غیر ما ذکره الحاجبی والعضدي (والصحیح لدي المصنف) أن المفهوم حکم غیر
مذکور ومنه یعرف تعریف المنطوق فیکون حکما مذکورا وإلیه أشار بقوله فصح أن یقال ان المفهوم انما هو حکم غیر مذکور لا أنه
حکم لغیر مذکور … إلخ والظاهر أن وجه العدول عن الثانی أنه لو قیل ان المفهوم حکم لغیر مذکور فیرد علیه النقض بمفهوم الشرط
ونحوه فان مفهوم قوله ان جاءك زید فأکرمه علی القول به عبارة عن عدم وجوب إکرام زید عند عدم مجیئه وهو حکم للمذکور أي
لإکرام زید المذکور فی المنطوق فیختل تعریف المفهوم بعدم العکس وتعریف المنطوق بعدم الطرد وهذا بخلاف ما إذا عرف
المنطوق بأنه حکم مذکور والمفهوم بأنه حکم غیر مذکور فلا إیراد ولا نقض.
(أقول) ولو عرف المنطوق بما نطق به والمفهوم بما لا ینطق به کان أسهل وأخصر مع عدم النقض علیهما لا طردا ولا عکسا.
(الثانیۀ) هل المنطوق والمفهوم من صفات المدلول أم من صفات الدلالۀ (قال فی التقریرات) الظاهر من موارد إطلاق اللفظین فی
کلمات أرباب الاصطلاح انهما وصفان منتزعان من المدلول (إلی أن قال) خلافا لظاهر العضدي تبعا للحاجبی والمحکی عن الشهید
حیث جعلوهما من الأوصاف الطاریۀ للدلالۀ ولا وجه لذلک وأما ما قیل من أن تقسیم الدلالۀ إلیهما یدل علی ذلک ففیه أن التقسیم
المذکور لم نعثر علیه فی کلام من یري انهما من الأوصاف المنتزعۀ من المدلول نعم عدهم دلالۀ الإشارة یعنی کدلالۀ الآیتین علی
أقل الحمل من المنطوق دلیل علیه (قال) والظاهر إرادة دخول مدلولها فیه (انتهی)
(161)
( مفاتیح البحث: الشهادة ( 1)، الوجوب ( 1
صفحۀ 110 من 245
صفحه 164
الصفحۀ 162
ثم ان المصنف قد مال إلی مختار التقریرات حیث قال وإن کان بصفات المدلول أشبه … إلخ والظاهر أن قوله بعد هذا وتوصیف
الدلالۀ أحیانا کان من باب التوصیف بحال المتعلق … إلخ إشارة إلی توصیفها فی مقام تقسیم الدلالۀ بمعنی أن توصیف الدلالۀ
بالمنطوق والمفهوم إنما هو من باب التوصیف بحال المتعلق نظیر زید منطلق أبوه أي فالمدلول إما منطوق أو مفهوم لا الدلالۀ کما أن
الظاهر أن هذا الجواب قد اقتبسه من قول التقریرات المتقدم فی جواب عدهم دلالۀ الإشارة من المنطوق من أن الظاهر إرادة دخول
مدلولها فیه أي مدلول الإشارة فی المنطوق.
(الثالثۀ) هل المنطوق والمفهوم یختصان بالمدالیل المرکبۀ دون المفردة أم لا مختار التقریرات هو الأول (قال) فی الأمر الثانی ثم إن
المدالیل المفردة لیست من المنطوق کما أن لوازمها العقلیۀ أو غیرها لیست من المفهوم فان المقسم فیهما هو المدلول المرکب.
(أقول) بل کما یطلق المنطوق والمفهوم علی المدالیل المرکبۀ مثل إن جاءك زید فأکرمه أو إن لم یجئک فلا تکرمه فکذلک لا
بأس بإطلاقهما علی المدلول المفرد فمدلول المطابقی للفظ حاتم مثلا یکون منطوقا ومدلوله الالتزامی وهو الجود یکون مفهوما غیر
أن الاصطلاح علی الظاهر قد جري بإطلاقهما علی المدالیل المرکبۀ ولا مشاحۀ فی الاصطلاح.
(الرابعۀ) إنهم قسموا المنطوق إلی صریح وغیر صریح (فالصریح) هو المدلول المطابقی بل التضمنی أیضا وان أشکل فیه غیر واحد
منهم (قال المحقق القمی) ولی فی کون التضمنی صریحا إشکال (إلی أن قال) فالأولی جعله من باب الغیر الصریح انتهی (وقال فی
الفصول) وألحقوا به أي بالمدلول المطابقی التضمنی ولیس علی ما ینبغی انتهی (وغیر الصریح) ینقسم إلی المدلول بدلالۀ
(162)
( مفاتیح البحث: الجود ( 1
صفحه 165
الصفحۀ 163
الاقتضاء والإیماء والإشارة (فالمدلول بدلالۀ الاقتضاء) هو ما توقف صدق الکلام علیه کقوله صلی الله علیه وآله وسلم رفع عن أمتی
الخطأ والنسیان فان المراد منه رفع المؤاخذة عنهم لا رفع نفس الخطأ والنسیان والا لزم الکذب أو توقف صحته عقلا علیه کما فی قوله
تعالی واسئل القریۀ فإنه إذا لم یقدر الأهل لم یصح الکلام ولم یستقم أو توقف صحته شرعا علیه کقول القائل أعتق عبدك عنی علی
الف أي مملکا لی علی الف إذ لا یصح العتق شرعا الا فی ملک هکذا مثلوا (والمدلول بدلالۀ الإیماء) هو ما دل علیه اللفظ لاقترانه
بما یستبعد معه عدم إرادته کدلالۀ قول النبی صلی الله علیه وآله وسلم کفر بعد قول الأعرابی هلکت وأهلکت واقعت أهلی فی نهار
رمضان علی علیۀ الوقاع للکفارة فان مع اقتران کلمۀ کفر بقول الأعرابی هلکت وأهلکت.. إلخ یستبعد عدم کون الوقاع علۀ للکفارة
هکذا مثلوا أیضا (والمدلول بدلالۀ الإشارة) هو ما یلزم من الکلام من دون قصد المتکلم له کدلالۀ الآیتین علی أقل الحمل فقوله
تعالی والوالدات یرضعن أولادهن حولین کاملین وقوله تعالی وحمله وفصاله ثلاثون شهرا یدلان علی کون أقل الحمل ستۀ أشهر مع
عدم کونه مقصودا للمتکلم فی شیء من الآیتین.
(أقول) ان عد المدلول بدلالۀ الاقتضاء والإیماء والإشارة من المنطوق ولو من غیر صریحه مما لا وجه له سیما الإشارة التی صرحوا
بأنها غیر مقصودة للمتکلم فان المنطوق علی ما عرفت عبارة عما نطق به أو ما دل علیه اللفظ فی محل النطق ولیس شیء منها مما نطق
به أو مما دل علیه اللفظ فی محل النطق (وعلیه) فتقسیم المنطوق إلی صریح وغیر صریح وان مدلول الاقتضاء والإیماء والإشارة من
صفحۀ 111 من 245
الغیر الصریح فی غیر محله والمناسب عد الجمیع أي الاقتضاء والإیماء والإشارة من أقسام المفهوم (ثم ان) التأمل فی دخول
(163)
مفاتیح البحث: الرسول الأکرم محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله ( 1)، شهر رمضان المبارك ( 1)، یوم عرفۀ ( 1)، الکذب، التکذیب
( 1)، التصدیق ( 1)، النسیان ( 2)، العتق ( 2 )
صفحه 166
الصفحۀ 164
التضمنی فی المنطوق الصریح کما تقدم من المحقق القمی وصاحب الفصول وصرح به التقریرات أیضا فی الأمر الخامس فقال
بأولویۀ إلحاقه بالإلتزامی الغیر الصریح فی غیر محله أیضا فان التضمنی جزء المطابقی فهو مما نطق به ضمن النطق بالمطابقی ومعه لا
وجه لدرجه فی المنطوق الغیر الصریح وجعله فی صف المدلول بدلالۀ الاقتضاء والإیماء والإشارة.
(وبالجملۀ) الحق ان المنطوق هو قسم واحد وهو الصریح فقط حتی أن العلامۀ علی ما یظهر من التقریرات فی الأمر الرابع قد أخذ
الصراحۀ فی تعریف المنطوق فعرفه بما دل اللفظ علیه بصریحه وعلی هذا فینحصر المنطوق بالمدلول المطابقی والتضمنی فقط دون
غیرهما.
(الخامسۀ) هل المفهوم یطلق علی مطلق المدلول الالتزامی ولو لم یکن لفظیا بینا بالمعنی الأخص أم لا بل لا یطلق الا علی خصوص
المدلول الالتزامی اللفظی البین بالمعنی الأخص الذي لا ینفک تصوره عن تصور الملزوم (ظاهر الفصول) هو الثانی قال فی الفصل
الأول من المسألۀ (ما هذا لفظه) ومنها أي ومن الإشکالات الواردة علی الحدود المذکورة أن حد المفهوم منقوض بدلالۀ الأمر
بالشیء علی الأمر بمقدمته وبدلالته علی فساد الضد علی القول به ونحو ذلک مع أن شیئا منها لا یسمی مفهوما اصطلاحا ویمکن دفعه
بان المعتبر فی المفهوم والمنطوق أن یکونا مدلول اللفظ أو دلالته بقرینۀ أن المقسم عندهم أحدهما ولا نسلم أن اقتضاء الأمر لما ذکر
یعد من دلالۀ اللفظ بل من دلالۀ العقل.
(أقول) والظاهر أن الأمر کما أفاد الفصول فالمراد من المفهوم هو مدلول اللفظ أو دلالۀ اللفظ علی الخلاف السابق فی الجهۀ الثانیۀ
من کونهما من صفات المدلول أو الدلالۀ والمدلول الالتزامی الغیر البین بالمعنی الأخص
(164)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1
صفحه 167
الصفحۀ 165
کما فی دلالۀ الأمر علی وجوب المقدمۀ أو علی حرمۀ الضد علی القول بها أو دلالۀ النهی علی الفساد ولو فی العبادات لیس من
مدلول اللفظ فلا یطلق علیه المفهوم فی الاصطلاح.
(قوله عن حکم إنشائی … إلخ) کما فی قولک ان جاءك زید فأکرمه فمفهومه علی القول به ان لم یجئک زید فلا تکرمه وهو حکم
إنشائی (قوله أو إخباري … إلخ) کما فی قولک ان جئتنی أکرمتک فمفهومه علی القول به ان لم تجئنی ما أکرمتک وهو حکم
إخباري.
(قوله تستتبعه خصوصیۀ المعنی الذي أرید من اللفظ بتلک الخصوصیۀ … إلخ) فان المفهوم تابعۀ لخصوصیۀ فی المعنی المنطوق به
الموجبۀ للمفهوم وهی العلیۀ المنحصرة للشرط ونحوه علی القول باستفادتها منه.
صفحۀ 112 من 245
(قوله ولو بقرینۀ الحکمۀ … إلخ) فان ثبوت الخصوصیۀ للمعنی المنطوق به المستتبعۀ للمفهوم قد یدعی استناده إلی التبادر وقد یدعی
استناده إلی الانصراف وقد یدعی استناده إلی مقدمات الحکمۀ وهو أضعف الوجوه کما ستعرف (قوله وکان یلزمه لذلک … إلخ)
أي وکان الحکم الإنشائی أو الاخباري یلزم المعنی الذي أرید من اللفظ لأجل تلک الخصوصیۀ.
(قوله وافقه فی الإیجاب والسلب … إلخ) کما فی قوله تعالی ولا تقل لهما أف المستفاد منه حرمۀ الضرب والشتم بالأولویۀ ویسمی
بمفهوم الموافقۀ ولحن الخطاب وفحوي الخطاب.
(قوله أو خالفه … إلخ) کما فی قولک ان جاءك زید فأکرمه فان المنطوق إیجابی والمفهوم سلبی ویسمی بمفهوم المخالفۀ ودلیل
الخطاب کما أن المجموع من الموافقۀ والمخالفۀ یسمی بلازم الخطاب فی قبال المدلول المطابقی أو التضمنی المنطوق به.
(165)
( مفاتیح البحث: النهی ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 168
الصفحۀ 166
(قوله کما أشرنا إلیه فی غیر مقام لأنه من قبیل شرح الاسم … إلخ) قد أشار إلی ذلک فی الأمر الرابع من بحث النهی فی العبادات
والمعاملات مختصرا وقبله فی المطلق والمشروط من بحث مقدمۀ الواجب مفصلا.
(قوله کما فی التفسیر اللغوي … إلخ) کتفسیره بان السعدانۀ نبت فإنه تعریف لفظی شارح للاسم یحصل به المیز فی الجملۀ.
(قوله کما لا یهمنا بیان أنه من صفات المدلول أو الدلالۀ … إلخ) إشارة إلی الجهۀ الثانیۀ من الجهات الخمس التی قد عقدناها فی
المقام فلا تغفل.
(قوله وتوصیف الدلالۀ أحیانا … إلخ) إشارة إلی توصیف الدلالۀ بالمنطوق والمفهوم أحیانا فی مقام تقسیم الدلالۀ وقد تقدم تفصیل
ذلک فی الجهۀ الثانیۀ من الجهات الخمس فتذکر.
(قوله أو بالقرینۀ العامۀ … إلخ) یعنی بها الانصراف ومقدمات الحکمۀ وستعرف تفصیلهما قریبا فانتظر.
فی مفهوم الشرط (قوله فصل الجملۀ الشرطیۀ هل تدل علی الانتفاء عند الانتفاء … إلخ) بمعنی أنه إذا قال إن جاءك زید فأکرمه فهل
یدل قوله هذا علی أنه کلما انتفی المجیء انتفی وجوب الإکرام بحیث لو قال بعدا وإن أحسن إلیک فأکرمه کان ذلک مخصصا
لمفهوم إن جاءك زید فأکرمه أم لا بل لا یدل قوله هذا علی الانتفاء عند الانتفاء سوي الثبوت عند الثبوت المتسالم علیه عند الکل
(فیه) خلاف بین الأعلام (والحق) أنه یدل علی الانتفاء عند الانتفاء فی الجملۀ ولا بد لتحقیق الحال من التکلم فی مقامات ثلاثۀ.
(166)
( مفاتیح البحث: النهی ( 1)، الخمس ( 2)، الوجوب ( 1
صفحه 169
الصفحۀ 167
(الأول) أن الجملۀ الشرطیۀ هل هی ظاهرة فی اللزوم أي فی الملازمۀ الوجودیۀ بین الشرط والجزاء کما فی قولک إن کانت الشمس
طالعۀ فالنهار موجود بحیث کلما کان الشرط کان الجزاء أم لا بل ظاهرة فی مجرد الثبوت عند الثبوت ولو من باب الاتفاق کما فی
قولک إن کان زید ضعیفا فإیمانه قوي أو إن کان زید مریضا فعقله سالم وهکذا (الظاهر) أنه لا کلام فی ظهورها فی اللزوم واستفادة
الملازمۀ الوجودیۀ بین الشرط والجزاء کما أن الظاهر أن ذلک مستند إلی الوضع بشهادة التبادر والانسباق الحاقی (وعلیه) فاستعمالها
صفحۀ 113 من 245
فی الثبوت عند الثبوت من باب الاتفاق کما فی المثالین مما لا یصح الا بضرب من التأویل نعم لا بأس باستعمالها فی الملازمۀ
الاتفاقیۀ کما فی قولک کلما جئتنی کنت نائما أو کلما جئتک کنت غائبا وهکذا.
(الثانی) أن الجملۀ الشرطیۀ هل هی ظاهرة فی علیۀ الشرط للجزاء وبعبارة أخري هل هی ظاهرة فی اللزوم بنحو الترتب أي ترتب
الجزاء علی الشرط ترتب المعلول علی العلۀ کترتب النهار علی طلوع الشمس أم لا (الحق) کما اختاره صاحب التقریرات أنه لا ینبغی
الإشکال فی ظهورها فی علیۀ الشرط للجزاء وسببیته له.
(نعم) لیس هذا الظهور مستندا إلی الوضع بحیث لو استعملت فیما لم یکن الشرط علۀ للجزاء بل کان الجزاء علۀ للشرط کما فی
قولک إن کان النهار موجودا فالشمس طالعۀ أو کان الشرط والجزاء معلولین لعلۀ ثالثۀ کما فی قولک ان کان النهار موجودا فالعالم
مضیء کان استعمال الجملۀ مجازا لغۀ فان استعمالها فی جمیع هذا کله لیس بمجاز لعدم عنایۀ ولا رعایۀ علاقۀ (والظاهر) أنه لیس
هذا الظهور مستندا إلی کثرة الاستعمال أیضا ولا إلی أکملیۀ علاقۀ العلیۀ عن سایر العلاقات والملازمات إذ لو سلم أکثریۀ الاستعمال
فهی لیست بمقدار
(167)
صفحه 170
الصفحۀ 168
توجب الانصراف إلیها لکثرة الاستعمال فیما لم یکن الشرط علۀ أیضا کما أنه لو سلم أکملیۀ علاقۀ العلیۀ عن سایر العلاقات
والملازمات فهی لیست أیضا بمثابۀ توجب الانصراف إلیها بل الظاهر أن ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی علیۀ الشرط للجزاء وترتب الجزاء
علیه ترتب المعلول علی العلۀ مستند إلی ترکیب الجملۀ الشرطیۀ وجعل الشرط مقدما والجزاء تالیا فنفس هذا الترکیب مع قطع النظر
عن کل قرینۀ مما یوجب الظهور فی سببیۀ الشرط للجزاء وترتب الجزاء علیه خارجا کما هو مرتب علیه فی القضیۀ اللفظیۀ.
(وبالجملۀ) ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی علیۀ الشرط للجزاء وسببیته له مما لا ینبغی إنکاره وان فرض عدم العلم بمدرکه ومنشأه فان
الظهور متبع علی کل حال من أینما حصل وتحقق.
(الثالث) أن الجملۀ الشرطیۀ بعد تسلیم ظهورها فی علیۀ الشرط للجزاء وسببیته له هل هی ظاهرة فی علیته المنحصرة أي ان الشرط علیۀ
للجزاء ولا علۀ له سواه أم لا (وعلی هذا) یبتنی القول بالمفهوم والانتفاء عند الانتفاء وذلک لوضوح انتفاء المعلول بانتفاء علته
المنحصرة ولا یکاد یبتنی علی مجرد ظهورها فی اللزوم أو مجرد ظهورها فی علیۀ الشرط للجزاء من دون الانحصار به فان مجرد
الظهور فی الملازمۀ الوجودیۀ وانه کلما کان الشرط کان الجزاء کما عرفته فی المقام الأول أو ظهورها فی علیۀ الشرط للجزاء کما
عرفته فی المقام الثانی مما لا یستلزم المفهوم والانتفاء عند الانتفاء أي کلما انتفی الشرط انتفی الجزاء فان الملازمۀ من طرف الوجود
لا یستلزم الملازمۀ من طرف العدم کما أن علیۀ الشرط للجزاء أیضا لا یستلزم ذلک لجواز انتفاء العلۀ وقیام علۀ أخري مکانها نعم إذا
کان الشرط علۀ منحصرة للجزاء فعند ذلک إذا انتفی الشرط انتفی الجزاء لا محالۀ (والحق) تبعا للمصنف أن الجملۀ الشرطیۀ غیر
(168)
صفحه 171
الصفحۀ 169
ظاهرة فی العلیۀ المنحصرة لا وضعا لعدم عنایۀ ولا رعایۀ علاقۀ فیما إذا استعملت الجملۀ فی غیر العلیۀ المنحصرة کما فی قولک إن
جاءك زید فأکرمه وان أحسن إلیک فأکرمه أو إذا زالت الشمس فصل وإذا طلع الفجر فصل وهکذا ولا انصرافا لعدم منشأ صحیح
صفحۀ 114 من 245
للانصراف کما ستعرف شرحه ولا إطلاقا بمعونۀ مقدمات الحکمۀ کما ستعرف أیضا شرحه وإن کان المنسوب إلی المشهور علی ما
فی التقریرات هو القول بالمفهوم نظرا إلی ظهورها فی العلیۀ المنحصرة بل الظاهر من التقریرات التزامهم بوضعها لذلک بحیث لو
استعملت فی غیرهما کانت مجازا لغۀ وهو محل المنع جدا.
(نعم) مقتضی ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی علیۀ الشرط للجزاء هو الانتفاء عند الانتفاء فی الجملۀ کما إذا انتفی الشرط وانتفی کل علۀ
أخري سواه فینتفی الجزاء حینئذ وإن لم یظهر من المصنف الاعتراف بهذا المقدار ولکن الإنصاف ظهورها فیه بهذا القدر والا لبطل
التعلیق ولزم اللغو غالبا فإنه وان جاز أحیانا أن یکون التعلیق لغیر الانتفاء عند الانتفاء ولو فی الجملۀ کما إذا کان التعلیق لأجل مزید
الاهتمام بمورد الشرط کما فی قولک إن رزقت ولدا فاشکر ربک فان وجوب الشکر مما لا ینتفی بانتفاء الشرط بل ثابت علی کل
حال أو کان التعلیق لأجل توهم عدم شمول الحکم لمورد الشرط کما فی قولک إن سبک أحد فلا تسبه فان حرمۀ السب مما لا
ینتفی أیضا بانتفاء الشرط بل تثبت بطریق أولی ولکن التعلیق غالبا لیس من هذا القبیل (وعلیه) فالجملۀ الشرطیۀ لو خلیت عن کل
قرینۀ فهی ظاهرة بطبعها فی کون التعلیق لأجل علیۀ الشرط وسببیته للجزاء ولو لا بنحو الانحصار وهو یستلزم الانتفاء عند الانتفاء فی
الجملۀ وإن لم تکن ظاهرة فی العلیۀ المنحصرة کی یستلزم الانتفاء عند الانتفاء مطلقا أي کلما انتفی الشرط انتفی الجزاء.
(169)
( مفاتیح البحث: الشکر ( 1)، السب ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 172
الصفحۀ 170
(قوله أو بقرینۀ عامۀ … إلخ) من الانصراف ومقدمات الحکمۀ کما ستعرف الکلام فیهما مفصلا.
(قوله بأحد الوجهین … إلخ) من الوضع أو القرینۀ العامۀ.
(قوله علی تلک الخصوصیۀ المستتبعۀ … إلخ) وهی العلیۀ المنحصرة کما عرفت تفصیلها آنفا فی المقام الثالث.
(قوله وأما القائل بعدم الدلالۀ ففی فسحۀ فان له منع دلالتها علی اللزوم … إلخ) بل لیس له المنع عن ذلک أبدا لما عرفت فی المقام
الأول من ظهورها فی اللزوم وانسباقه منها وسیأتی اعتراف المصنف بان المنع عن دلالتها علی اللزوم فی غایۀ السقوط.
(قوله أو منع دلالتها علی الترتب … إلخ) کما إذا کان الشرط والجزاء معلولین لعلۀ ثالثۀ لا ترتب بینهما کما فی قولک ان کان النهار
موجودا فالعالم مضیء ولکن قد عرفت منا فی المقام الثانی ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی علیۀ الشرط وسببیته للجزاء وترتب الجزاء علیه
ترتب الجزاء علیه ترتب المعلول علی العلۀ وإن لم یکن ظهورها فی ذلک مستندا إلی الوضع کما تقدم (وعلیه) فلیس للقائل بعدم
الدلالۀ المنع عن دلالتها علی الترتب أیضا.
(قوله أو علی نحو الترتب علی العلۀ … إلخ) أي للقائل بعدم الدلالۀ المنع عن دلالتها علی الترتب بنحو الترتب علی العلۀ بعد تسلیم
أصل الترتب کما إذا کان الشرط ملازما لما هو علۀ الجزاء لا علۀ له بنفسه (هذا) ولکن الإنصاف بعد تسلیم ظهور الجملۀ فی الترتب
لا مجال لإنکار ظهورها فی الترتب بنحو الترتب علی العلۀ لا علی ملازم العلۀ.
(قوله أو العلۀ المنحصرة … إلخ) أي للقائل بعدم الدلالۀ المنع عن دلالتها علی الترتب بنحو الترتب علی العلۀ المنحصرة بعد تسلیم
أصل
(170)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 3)، المنع ( 2
صفحۀ 115 من 245
صفحه 173
الصفحۀ 171
علی اللزوم والترتب علی العلۀ.
(أقول) وهذا المنع من القائل بعدم الدلالۀ حق لا ننکره وذلک لما أشیر إلیه فی المقام الثالث من عدم ظهورها فی العلیۀ المنحصرة لا
وضعا ولا انصرافا ولا إطلاقا بمقدمات الحکمۀ وهو یکفی فی عدم ثبوت المفهوم فان النتیجۀ تتبع أخس المقدمات فإذا منعت إحداها
منعت النتیجۀ وان کانت المقدمۀ الأولی والثانیۀ أي دلالتها علی أصل اللزوم وعلی علیۀ الشرط صحیحتین تامتین لا کلام لنا فیهما.
(قوله وأما المنع عن أنه بنحو الترتب علی العلۀ فضلا عن کونها منحصرة فله مجال واسع … إلخ) بل عرفت أنه لا مجال للمنع عن
ظهورها فی الترتب علی العلۀ وان کان للمنع عن دلالتها علی کونها منحصرة مجال واسع کما أفاد.
(قوله ودعوي تبادر اللزوم والترتب بنحو الترتب علی العلۀ المنحصرة … إلخ) إشارة إلی أقوي دلیل یمکن الاستدلال به للقول
بالمفهوم وقد تقدم منا فی المقام الثالث تبعا للمصنف ما تعرف به ضعف هذا الدلیل من عدم عنایۀ ولا رعایۀ علاقۀ فیما إذا استعملت
الجملۀ الشرطیۀ فی غیر العلۀ المنحصرة فتذکر.
(قوله وفی عدم الإلزام والأخذ بالمفهوم … إلخ) عطف علی موارد الاستعمالات.
(قوله وعدم صحته … إلخ) أي وعدم صحۀ الجواب.
(قوله معلوم … إلخ) خبر لقوله وعدم صحته.
(قوله وأما دعوي الدلالۀ بادعاء انصراف إطلاق العلاقۀ اللزومیۀ … إلخ) إشارة إلی دلیل آخر أمکن الاستدلال به للقول بالمفهوم وان
لم
(171)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الوسعۀ ( 2
صفحه 174
الصفحۀ 172
یستدل به فی الخارج (وحاصله) أن إطلاق العلاقۀ اللزومیۀ المستفادة من الجملۀ الشرطیۀ التی اعترف بها المصنف واعترفنا بها بل
وبأکثر منها وهو ظهور الجملۀ فی علیۀ الشرط وسببیته للجزاء وان لم تکن ظاهرة فی العلیۀ المنحصرة منصرف إلی ما هو أکمل أفراد
العلاقۀ وهی الکائنۀ بین العلۀ المنحصرة ومعلولها (وحاصل الجواب) أن ذلک ممنوع کبري وصغري (أما کبري) فلعدم کون الأکملیۀ
موجبۀ للانصراف سیما مع کثرة الاستعمال فی غیر الأکمل أیضا کما فی المقام ضرورة کثرة استعمال الجملۀ الشرطیۀ فی غیر العلۀ
المنحصرة لو لم یکن بأکثر (وأما صغري) فلعدم کون العلاقۀ الکائنۀ بین العلۀ المنحصرة ومعلولها آکد وأقوي من الکائنۀ بین العلۀ
الغیر المنحصرة ومعلولها فان الربط والسنخیۀ بین کل علۀ ومعلولها لا بد وأن یکون بحد یوجب التأثیر والتأثر واما الانحصار وعدمه
فمما لا ربط له بشدة الربط والسنخیۀ کما لا یخفی.
(أقول) نحن وان اعترفنا فی المبحث الرابع من مباحث الصیغۀ أن الأکملیۀ قد توجب الانصراف إلی الأکمل ولکن الصغري فی المقام
ممنوعۀ کما أفاد المصنف وهو یکفی فی بطلان دعوي الانصراف إلی العلۀ المنحصرة.
(قوله ان قلت نعم ولکنه قضیۀ الإطلاق بمقدمات الحکمۀ … إلخ) إشارة إلی دلیل ثالث قد أمکن الاستدلال به للقول بالمفهوم وان
لم یستدل به فی الخارج أیضا وهو التمسک بالإطلاق وهذا أضعف الوجوه الثلاثۀ وله تقریبات عدیدة قد أشار المصنف إلی الأول
صفحۀ 116 من 245
منها بقوله هذا أعنی قوله ان قلت نعم … إلخ (وحاصله) هو مجرد قیاس المقام علی إطلاق صیغۀ الأمر فکما أن إطلاق الصیغۀ بوسیلۀ
مقدمات الحکمۀ یقتضی کون الوجوب نفسیا لا غیریا فکذلک إطلاق العلاقۀ اللزومیۀ بوسیلۀ مقدمات الحکمۀ یقتضی کون العلاقۀ
اللزومیۀ بنحو العلیۀ المنحصرة لا غیرها (وقد أجاب عنه) المصنف بجوابین
(172)
( مفاتیح البحث: الباطل، الإبطال ( 1
صفحه 175
الصفحۀ 173
(الأول) أن مقدمات الحکمۀ إنما تتم هی فی مورد قابل لانعقاد الإطلاق ولا یکاد ینعقد الإطلاق فی مفاد الحروف کمفاد أدوات
الشرط المستفاد منها العلاقۀ اللزومیۀ فان المعنی کما تقدم فی صدر الکتاب لا یکاد یکون حرفیا إلا إذا لوحظ حالۀ لمعنی آخر ومن
خصوصیاته القائمۀ به ومع لحاظه کذلک لا محالۀ یکون المعنی جزئیا لا کلیا والجزئی لا یکاد ینعقد له الإطلاق (وفیه) ما تقدم من
المصنف هناك من کون اللحاظ الآلی خارجا عن المعنی الحرفی کخروج اللحاظ الاستقلالی عن المعنی الاسمی وإلا لکان الاسمی
أیضا جزئیا کالحرفی ومع خروج اللحاظ عن المعنی الحرفی وکونه کالإسمی یکون قابلا لا محالۀ لانعقاد الإطلاق کما لا یخفی.
(الثانی) أن قیاس إطلاق العلاقۀ اللزومیۀ علی إطلاق صیغۀ الأمر قیاس مع الفارق فان الوجوب النفسی کان وجوبا مطلقا ثابتا علی کل
حال والوجوب الغیري کان وجوبا مقیدا بوجوب الغیر ثابتا علی تقدیر دون تقدیر فاقتضی إطلاق الصیغۀ کون الوجوب مطلقا ثابتا
علی کل حال لا مقیدا ثابتا علی تقدیر وهذا بخلاف المقام فان کلا من العلاقۀ اللزومیۀ الکائنۀ بین العلۀ المنحصرة ومعلولها والعلاقۀ
اللزومیۀ الکائنۀ بین العلۀ الغیر المنحصرة ومعلولها بل والعلاقۀ اللزومیۀ الکائنۀ بین المتلازمین هو علی حد سواء فالتعیین مما یحتاج
إلی قرینۀ معینۀ.
(أقول) بل قد عرفت منا فی المبحث السادس من مباحث الصیغۀ أن إطلاق الصیغۀ أیضا مما لا یقتضی کون الوجوب نفسیا لا غیریا
(وعلیه) فیرد علی التمسک المذکور مضافا إلی المنع فی المقیس أن اقتضاء الإطلاق کون الوجوب نفسیا فی المقیس علیه أیضا
ممنوع.
(قوله ثم إنه ربما یتمسک الدلالۀ علی المفهوم بإطلاق الشرط … إلخ)
(173)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1
صفحه 176
الصفحۀ 174
إشارة إلی التقریب الثانی من التمسک بالإطلاق للقول بالمفهوم (وحاصله) أنه لو قال مثلا إن جاءك زید فأکرمه فإطلاق الشرط
یقتضی أن المجیء وحده یؤثر فی وجوب الإکرام فلو کان هناك شیء آخر مؤثرا فی وجوب الإکرام أیضا وقد قارن المجیء أو
سبقه لم یکن المجیء وحده مؤثرا فیه بل کان المؤثر هو والأمر المقارن أو خصوص الأمر السابق (وقد أجاب عنه المصنف) بان
إطلاق الشرط من حیث التأثیر وحده وإن کان یقتضی أن لا یکون هناك شرط آخر غیر المجیء فیکون هو العلۀ المنحصرة ولکن
من المعلوم ندرة تحقق هذا الإطلاق لو لم نقل بعدم اتفاقه.
(أقول) ان تأثیر الشرط وحده له معنیان:
صفحۀ 117 من 245
(فتارة) یکون بمعنی أنه لا یحتاج فی التأثیر إلی ضم شیء آخر معه أصلا وهذا هو الذي یقتضیه إطلاق الشرط فلو لم یکن المجیء
وحده فی المثال المشهور کافیا فی وجوب الإکرام بل کان یحتاج إلی ضم شیء آخر معه یقارنه أو یسبقه لکان علی المولی البیان
ولکن التمسک بهذا الإطلاق مما لا ینفع القائل بالمفهوم فان أقصی ما یقتضیه الإطلاق حینئذ أن المجیء شرط تام لا یحتاج فی
التأثیر إلی ضم شیء آخر معه لا أن الشرط منحصر به وأنه لیس هناك شیء آخر یؤثر فی وجوب الإکرام أصلا.
(وأخري) یکون بمعنی أنه لا یمکن أن یشترك معه فی التأثیر شیء آخر أصلا بل المؤثر فی کل حال هو بنفسه وحده وهذا هو الذي
ینفع القائل بالمفهوم إذ لو کان هناك غیر المجیء فی المثال المتقدم شیء آخر مؤثرا أیضا فی وجوب الإکرام نظیر المجیء وقد
قارن المجیء أو سبقه لم یکن المجیء وحده مؤثرا بل کان المؤثر هو ومقارنه مجموعا أو کان المؤثر هو الأمر السابق علیه ولکن هذا
مما لا یقتضیه إطلاق الشرط إذ لو کان هناك شیء آخر مؤثرا
(174)
( مفاتیح البحث: الوجوب ( 5
صفحه 177
الصفحۀ 175
أیضا فی وجوب الإکرام نظیر المجیء علی نحو لو قارنه أو سبقه کان المؤثر هما جمیعا أو الأمر السابق علیه لم یکن علی المولی
البیان قطعا فإنه فی مقام بیان شرطیۀ هذا لا عدم شرطیۀ ما سواه (وعلیه) فما یقتضیه إطلاق الشرط لا ینفع القائل بالمفهوم وما ینفع
القائل بالمفهوم لا یقتضیه إطلاق الشرط (ومن هنا) یتضح أنه کان الحق فی الجواب هو منع اقتضاء الإطلاق کون الشرط وحده مؤثرا
فی الجزاء بالمعنی الذي ینفع القائل بالمفهوم لا تسلیم اقتضائه ودعوي ندرة تحققه لو لم نقل بعدم اتفاقه.
(نعم) قد یقتضی الإطلاق انحصار الشرط بما ذکر فی لسان الدلیل کما إذا أحرز کون المولی فی مقام بیان ما هو الشرط والعلۀ للجزاء
ولم یذکر فی الدلیل سوي شرط واحد ولکنه مع ندرته جدا هو إطلاق مقامی الذي هو عبارة أخري عن عدم البیان فی مقام البیان لا
إطلاق لفظی کإطلاق الشرط ونحوه فتأمل جیدا فان المقام لا یخلو عن دقۀ.
(قوله وأما توهم أنه قضیۀ إطلاق الشرط بتقریب أن مقتضاه تعینه … إلخ) إشارة إلی التقریب الثالث من التمسک بالإطلاق للقول
بالمفهوم (وحاصله) أن إطلاق صیغۀ الأمر کما أنه یقتضی تعین الوجوب وأنه لیس بتخییري فکذلک إطلاق الشرط یقتضی تعین
الشرط وأنه لا شرط سواه فیثبت الانحصار به والانتفاء عند الانتفاء (وحاصل الجواب) أن نحوة الوجوب التعیینی کما تقدم فی محله
غیر نحوة الوجوب التخییري فالأول مما لا عدل له فی لسان الدلیل والثانی مما له عدل فی لسان الدلیل فیقول مثلا فی الثانی صم ستین
یوما أو أطعم ستین مسکینا فإذا قال صم ستین یوما وکان واجبا تخییریا واقعا ولم یبین له العدل فی لسان الدلیل کان المولی مقصرا فی
بیان نحوة وجوب الصوم بخلاف الشرط فان شرطیۀ الشرط المنحصر وغیر المنحصر علی
(175)
( مفاتیح البحث: المنع ( 1)، الصیام، الصوم ( 1)، الوجوب ( 2
صفحه 178
الصفحۀ 176
حد سواء فإذا قال مثلا ان جاءك زید فأکرمه وکان لوجوب الإکرام علۀ أخري أیضا تؤثر فیه غیر المجیء کالسلام فی قوله وان سلم
علیک فأکرمه لم یکن مقصرا فی بیان شرطیۀ المجیء وعلیته لوجوب الإکرام.
صفحۀ 118 من 245
(وبالجملۀ) ان المولی إذا قال صم ستین یوما وقد أحرز أنه فی مقام بیان وجوبه فمجرد ذلک مما یکفی فی إثبات تعینه إذ لو کان له
عدل آخر فقد قصر فی بیان نحوة وجوب الصوم وهذا بخلاف ما إذا قال إن جاءك زید فأکرمه وقد أحرز أنه فی مقام بیان علیۀ
المجیء فان مجرد ذلک مما لا یکفی فی إثبات تعینه وانحصار العلۀ به إذ لو کان هناك علۀ أخري سواه لم یکن المولی مقصرا فی
بیان علیۀ المجیء.
(نعم) إذا أحرز أحیانا أن المولی فی مقام بیان ما هو الشرط والعلۀ لوجوب الإکرام ولم یذکر غیر المجیء شیئا آخر فعند ذلک
یستکشف إنا بوسیلۀ الإطلاق انحصار العلۀ به ولکن ذلک لیس من باب إطلاق الشرط کما أشرنا بل من الإطلاق المقامی أي عدم
البیان فی مقام البیان کما بینا (وبعبارة أخري) لیس من الإطلاق اللفظی کإطلاق الهیئۀ أو المادة فی صیغۀ الأمر المقتضی لکون
الوجوب مطلقا لا مشروطا أو تعیینیا لا تخییریا بل من الإطلاق المقامی النادر تحققه خارجا فتأمل جیدا.
(قوله واحتیاج ما إذا کان الشرط متعددا إلی ذلک … إلخ) إشارة إلی دفع ما قد یقال من أن بیان الشرط أیضا فیما إذا کان متعددا
یحتاج إلی زیادة مئونۀ فکما أن من إطلاق الدلیل فی الواجب یعرف أنه تعیینی لا تخییري والا لاحتاج إلی مزید بیان فکذلک من
إطلاق الدلیل فی الشرط یعرف أنه واحد منحصر به والا لاحتاج إلی مزید بیان (فیقول فی الدفع) ما محصله أن زیادة المئونۀ فیما کان
الشرط متعددا انما هو لبیان التعدد ولیس من متممات
(176)
( مفاتیح البحث: الصیام، الصوم ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 179
الصفحۀ 177
نحوة الشرطیۀ فإذا لم یبین لم یکن المولی مقصرا فی بیان نحوة الشرط وهذا بخلاف زیادة المئونۀ فی الواجب التخییري فإنه من
متممات نحوة الوجوب فإذا کان الواجب تخییریا ولم یبین له العدل فی لسان الدلیل کان المولی مقصرا فی بیان نحوة الوجوب
(وعلیه) فلا یکاد یتمسک بإطلاق الدلیل لکون الشرط واحدا منحصرا به ویتمسک بإطلاقه لکون الوجوب تعیینیا لا تخییریا.
(قوله فنسبۀ إطلاق الشرط إلیه لا تختلف کان هناك شرط آخر أم لا حیث کان مسوقا لبیان شرطیته بلا إهمال ولا إجمال … إلخ)
أي فنسبۀ إطلاق الشرط إلی نحو الشرطیۀ لا تختلف کی یکون الإطلاق مثبتا لنحو دون نحو کما کان نسبۀ إطلاق الواجب إلی نحو
الوجوب تختلف فکان إطلاقه مثبتا لنحو دون نحو أي للتعیینی منه دون التخییري.
(قوله هذا مع أنه لو سلم لا یجدي القائل بالمفهوم … إلخ) أي هذا مع أنه لو سلم أن الإطلاق یقتضی تعین الشرط بالتقریب المتقدم
لک شرحه منا أي فیما إذا أحرز کون المولی فی مقام بیان ما هو الشرط والعلۀ لوجوب الإکرام ولم یبین سوي المجیء فهذا الإطلاق
مما لا یجدي القائل بالمفهوم فان الإطلاق کذلک قد یتفق انعقاده ندرة وأین هو من دعوي المفهوم دائما.
(أقول) هذا مضافا إلی ما عرفت من أن هذا الإطلاق علی تقدیر تحققه هو إطلاق مقامی لا إطلاق لفظی کإطلاق الشرط الذي قد
استدل به الخصم (قوله ثم انه ربما استدل المنکرون للمفهوم بوجوه أحدها ما عزي إلی السید … إلخ) وحاصل هذا الوجه بطوله أن
تأثیر الشرط انما هو تعلیق الحکم علیه ولا یمتنع أن یتخلف شرط ویقوم مقامه شرط آخر فلا ینتفی الحکم بانتفائه.
(قوله والجواب أنه قدس سره … إلخ) وحاصل الجواب أن السید
(177)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1
صفحۀ 119 من 245
صفحه 180
الصفحۀ 178
قدس سره (إن کان) بصدد إمکان نیابۀ بعض الشروط عن بعض ثبوتا وعدم انتفاء الحکم بانتفاء الشرط لقیام شرط آخر مکانه
فالخصم ممن لا ینکر ذلک وانما یدعی عدم وقوعه إثباتا بمعنی دلالۀ الجملۀ الشرطیۀ فی مقام الإثبات علی خلافه وان الشرط
ومنحصر بما ذکر فی القضیۀ فإذا انتفی الشرط انتفی الحکم المعلق علیه (وان کان) بصدد إبداء احتمال وقوعه إثباتا فمجرد الاحتمال
لا یضر بظهور الجملۀ الشرطیۀ ما لم یکن الاحتمال راجحا أو مساویا ولیس فی ما أفاده أعلی الله مقامه ما یثبت به رجحان الاحتمال أو
تساویه علی نحو یبطل به الظهور ویتوقف (فالحق) فی إنکار المفهوم ما أفدناه من منع التبادر ومنع الانصراف ومنع الإطلاق بتقریباته
الثلاثۀ.
(قوله ثانیها أنه لو دل لکان بإحدي الدلالات … إلخ) وحاصل هذا الوجه الثانی من وجوه المنکرین أن الشرط لو دل علی المفهوم
أي الانتفاء عند الانتفاء لکان بإحدي الدلالات الثلاث أي المطابقۀ أو التضمن أو الالتزام والملازمۀ کبطلان التالی وهو دلالتها علی
المفهوم بإحدي الدلالات الثلاث ظاهرة (وقد أجیب عنه) بمنع بطلان التالی لأن الشرط یدل علی المفهوم بالالتزام وان لم یدل علیه
بالمطابقۀ أو التضمن (فیقول المصنف) قد عرفت بما لا مزید علیه ما قیل أو یمکن أن یقال فی إثبات الدلالۀ علیه بالالتزام وعدمها فان
دلالۀ الشرط علی المفهوم بالالتزام فرع دلالته بالمنطوق علی الخصوصیۀ المستتبعۀ للمفهوم وهی العلیۀ المنحصرة وقد اتضح لک عدم
دلالته علیها لا وضعا ولا انصرافا ولا إطلاقا.
(قوله ثالثها قوله تبارك وتعالی ولا تکرهوا فتیاتکم علی البغاء أن أردن تحصنا … إلخ) وحاصل هذا الوجه الثالث من وجوه
المنکرین أن الشرط لو دل علی المفهوم لدل قوله تعالی ولا تکرهوا فتیاتکم علی البغاء أن أردن
(178)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الباطل، الإبطال ( 2)، المنع ( 1
صفحه 181
الصفحۀ 179
تحصنا علی جواز الإکراه علی البغاء ان لم یردن التحصن وهو باطل بالضرورة (وقد أجاب عنه المصنف) بما حاصله أن عدم دلالۀ
الشرط علی المفهوم أحیانا وبالقرینۀ مما لا یکاد ینکر وانما القائل بالمفهوم یدعی دلالۀ الشرط علیه وضعا أو انصرافا أو إطلاقا
بمقدمات الحکمۀ علی ما عرفت شرح الکل.
(أقول) والحق فی الجواب أن یقال ان الآیۀ الشریفۀ خارجۀ عن محل الکلام بلا کلام فلا وجه للتمسک بها لنفی المفهوم أصلا
(وتوضیحه) أن الشرط علی قسمین:
(فتارة) یکون شرطا للحکم من دون دخل له فی تحقق موضوع الحکم بحیث إذا انتفی الشرط فالموضوع باق محفوظ علی حاله کما
فی قولک ان جاءك زید فأکرمه (وأخري) یکون شرطا للحکم مع دخله فی تحقق موضوع الحکم أیضا بحیث إذا انتفی الشرط فلا
حکم ولا موضوع للحکم أصلا کما فی قولک ان رزقت ولدا فاختنه أو ان رکب الأمیر فخذ رکابه ویعبر عن هذا القسم الثانی
بالشرطیۀ المسوقۀ لبیان تحقق الموضوع والمبحوث عنه بین الأعلام من حیث ثبوت المفهوم وعدمه انما هو القسم الأول من الشرط
وهو ما إذا انتفی الشرط بقی موضوع الحکم علی حاله کما فی المثال الأول فإنه إذا انتفی مجیء زید فزید محقق محفوظ علی حاله
فیقال حینئذ هل ینتفی وجوب إکرامه بانتفاء مجیئه أم لا وأما القسم الثانی الذي إذا انتفی الشرط لم یبق موضوع الحکم علی حاله فلا
صفحۀ 120 من 245
یکاد یکون هو محل البحث والکلام أصلا فإنه إذا لم یرزق الولد أو لم یرکب الأمیر فلا ولد کی یجب ختانه أو لم یجب أو لا رکاب
کی یجب الأخذ به أو لم یجب والآیۀ الشریفۀ التی تمسک بها المنکرون للمفهوم انما هی من القسم الثانی دون الأول فان الفتیات إذا
لم یردن التحصن فلا إکراه هناك کی یحرم أو لا یحرم وهذا کله لدي التدبر واضح فتدبر.
(179)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الجواز ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 182
الصفحۀ 180
المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم بانتفاء شرطه لا انتفاء شخصه (قوله بقی هاهنا أمور الأمر الأول أن المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم المعلق
علی الشرط عند انتفائه لا انتفاء شخصه … إلخ) المقصود من عقد هذا الأمر الأول بیان أن المراد من المفهوم فی الجملۀ الشرطیۀ لیس
هو انتفاء شخص الحکم المعلق علی الشرط عند انتفائه والا ففی اللقب أیضا ینتفی شخص الحکم بانتفائه فان شخص الوجوب المنشأ
بقولک أکرم زیدا منفی عن إکرام عمرو قطعا مع أن المشهور القائلین بالمفهوم فی الجملۀ الشرطیۀ لم یقولوا به فی اللقب بل یظهر
من التقریرات أنه لم یقل به أحد من أصحابنا وان قال به مشهور المخالفین بل المراد من المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم ونوعه بانتفاء
الشرط ففی مثل ان جاءك زید فأکرمه کما أن شخص الحکم المنشأ علی تقدیر المجیء ینتفی بانتفاء المجیء فکذلک طبیعۀ
الوجوب ونوعه ینتفی بانتفاء المجیء بمعنی أنه لا وجوب لإکرامه عند عدم المجیء لا بهذا الإنشاء ولا بإنشاء آخر یماثله بحیث لو
ثبت له وجوب بإنشاء آخر ولو معلقا علی شرط آخر بان قال مثلا وان أحسن إلیک فأکرمه کان ذلک منافیا لمفهوم ان جاءك زید
فأکرمه وان قدم علی المفهوم ووجب تخصیصه به کما سیأتی (ثم ان هذا النزاع) أي ثبوت المفهوم وعدمه کما أشرنا آنفا لا یکاد
یجري فیما کان الشرط دخیلا فی تحقق الموضوع أیضا بحیث إذا انتفی الشرط فلا حکم ولا موضوع للحکم أصلا کما فی قوله ان
رزقت ولدا فاختنه بل یجري فیما إذا کان الشرط شرطا
(180)
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 1)، الوجوب ( 2
صفحه 183
الصفحۀ 181
الحکم فقط بحیث إذا انتفی الشرط کان الموضوع باقیا محفوظا علی حاله فحینئذ یقع الکلام فی انتفاء سنخ الحکم بانتفاء الشرط
وعدمه کما فی قوله ان جاءك زید فأکرمه أو ان سافرت فتصدق بدرهم وهکذا (وقد أشار المصنف) إلی ذلک کله بقوله ولا یتمشی
الکلام فی أن للقضیۀ الشرطیۀ مفهوما أو لیس لها مفهوم … إلخ.
(قوله ومن هنا انقدح أنه لیس من المفهوم دلالۀ القضیۀ علی الانتفاء عند الانتفاء فی الوصایا والأوقاف والنذور والإیمان … إلخ) فإذا
قال مثلا وقفت داري علی أولادي أو علی أولادي الفقراء أو ان کانوا فقراء فالوقف لا یکاد یشمل غیر الأولاد أو الأولاد الغیر
المتصفین بالفقر أو المتصفین به ولکن قد زال عنهم الفقر فعلا ولیس ذلک من باب مفهوم اللقب أو الوصف أو الشرط بل من باب
انتفاء شخص الحکم عقلا بانتفاء موضوعه فان المفهوم عبارة عن نفی سنخ الحکم فیما أمکن ثبوته ولا یکاد یمکن ثبوت سنخ
الحکم فی المقام کی یمکن نفیه بالمفهوم فان الدار مثلا بعد أن وقفها الواقف علی اشخاص معینین بألقابهم أو بوصف شیء أو
بشرط شیء کالفقر ونحوه مما لا تقبل أن تصیر وقفا ولو بإنشاء آخر علی غیرهم أو علیهم عند انتفاء الوصف أو زوال الشرط عنهم
صفحۀ 121 من 245
کی ینفی بالمفهوم وهذا بخلاف الأمر فی المثال المشهور فإنه إذا أنشأ الوجوب لإکرام زید علی تقدیر مجیئه جاز ثبوت وجوب آخر
ولو بإنشاء آخر لإکرامه عند عدم مجیئه ولو معلقا علی شرط آخر بان یقول مثلا وان أحسن إلیک فأکرمه وهذا واضح.
(قوله کما توهم … إلخ) الظاهر أن مراده من المتوهم هو صاحب التقریرات وذلک لما صرح بعدم الفرق فی مفهوم الجملۀ الشرطیۀ
بین أن یکون فی موارد الوصایا أو الأوقاف أو الأقاریر وبین غیرها (قال) فی أول الهدایۀ
(181)
( مفاتیح البحث: النذر ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 184
الصفحۀ 182
الثالثۀ من المنطوق والمفهوم ما هذا لفظه بعد ما عرفت أن الحق هو المفهوم فی الجملۀ الشرطیۀ فهل یفرق فی ذلک بین موارد
الوصایا والأوقاف ونحوها وبین غیره فنقول لا فرق فیما ذکرنا من ثبوت المفهوم بین کون الجمل الشرطیۀ واقعۀ فی موارد الوصایا أو
الأوقاف أو الأقاریر وبین غیره (انتهی).
(قوله بل عن الشهید قدس سره فی تمهید القواعد أنه لا إشکال فی دلالتها علی المفهوم … إلخ) (قال فی التقریرات) فی الهدایۀ
الثالثۀ من المنطوق والمفهوم ما هذا لفظه ویظهر من الشهید الثانی اختصاص النزاع بالثانی أي بغیر موارد الوصایا أو الأوقاف أو
الأقاریر لخروج الأول عن محل التشاجر للقطع بثبوت المفهوم فیها من غیر أن یکون قابلا للنزاع قال فی محکی تمهید القواعد لا
إشکال فی دلالتها فی مثل الوقف والوصایا والنذر والأیمان کما إذا قال وقفت هذا علی أولادي الفقراء أو إن کانوا فقراء أو نحو
ذلک (انتهی).
(أقول) والعجب من صاحب التقریرات رحمه الله فإنه بعد أن نقل الکلام المذکور للشهید قد اعترض علیه بما حاصله أن دلالۀ القضیۀ
علی الانتفاء عن الانتفاء فی موارد الوصایا والأوقاف ونحوهما لیس من المفهوم وانتفاء سنخ الحکم بل هو من باب انتفاء شخص
الحکم (ووجه التعجب) أنه فی أول الهدایۀ الثالثۀ کما تقدم آنفا لم یفرق فی ثبوت المفهوم للجملۀ الشرطیۀ بین أن یکون فی موارد
الوصایا أو الأوقاف أو الأقاریر وبین غیرها وبعده بیسیر قد اعترض علی الشهید بان دلالۀ القضیۀ علی الانتفاء عند الانتفاء فی موارد
الوصایا والأوقاف ونحوهما لیس من المفهوم بل من باب انتفاء شخص الحکم الذي یعترف به کل أحد.
(قوله وذلک لأن انتفائها عن غیر ما هو المتعلق لها … إلخ) تعلیل
(182)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الشهادة ( 3
صفحه 185
الصفحۀ 183
لقوله ومن هنا انقدح … إلخ.
(قوله إشکال ودفع … إلخ) (قال فی التقریرات) بعد ما بین أن المراد من المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم ونوعه لا شخص الحکم (ما
هذا لفظه) وقد یستشکل فی المقام نظرا إلی أن الشرط المذکور إنما وقع شرطا بالنسبۀ إلی الإنشاء الخاص الحاصل بذلک الکلام
دون غیره فأقصی ما یفید الشرطیۀ انتفاء ذلک وأین ذلک من دلالته علی انتفاء نوع الوجوب کما هو المدعی (انتهی) وحاصله أن
الشرط مما علق علیه شخص الحکم لا سنخ الحکم ومقتضی ذلک أنه إذا انتفی الشرط انتفی شخص الحکم المعلق علیه لا سنخ
صفحۀ 122 من 245
الحکم الغیر المعلق علیه فکیف یدعی القائل بالمفهوم أن بانتفاء الشرط ینتفی سنخ الحکم (وحاصل جواب المصنف) عن الإشکال
أن الحکم المعلق علی الشرط هو طبیعۀ الوجوب لا شخص الوجوب وذلک لما عرفت فی صدر الکتاب من أن الاسم والحرف کما
انهما موضوعان لمعنی واحد وان کلا من لحاظ الآلیۀ والاستقلالیۀ خارج عن أصل المعنی والمستعمل فیه فکذلک الخبر والإنشاء
أیضا مثل قولک أنکحت اخبارا وأنکحت إنشاء موضوعان لمعنی واحد غایته أن الخبر وضع لیستعمل فی حکایۀ معناه والإنشاء وضع
لیستعمل فی إیجاد معناه وان کلا من الحکایۀ والإنشاء خارج عن أصل المعنی والمستعمل فیه (وعلیه) فصیغۀ الأمر فی قوله ان جاءك
زید فأکرمه لیس معناها الا طبیعۀ الوجوب وان الخصوصیۀ الناشئۀ من قبل الإنشاء خارجۀ عن أصل المعنی والمستعمل فیه فالمعنی
المستعمل فیه صیغۀ الأمر هی طبیعۀ الوجوب وهی المعلقۀ علی الشرط لا شخص الحکم کی ینتفی الشخص بانتفاء الشرط.
(وفیه أولا) ان المعلق علی الشرط لو کان طبیعۀ الوجوب لا شخصه فلا بد حینئذ من القول بالمفهوم وانتفاء سنخ الحکم بانتفاء الشرط
فان انتفاء
(183)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1
صفحه 186
الصفحۀ 184
الحکم المعلق بانتفاء المعلق علیه أمر عقلی لا ریب فیه فکیف یجوز للمصنف إنکار المفهوم مع تصریحه فی المقام بان المعلق علی
الشرط هو سنخ الحکم لا شخصه.
(وثانیا) قد عرفت منا فی ذیل المعانی الحرفیۀ المنع الأکید عن وضع الخبر والإنشاء لمعنی واحد بان یکون کل من الاخبار والإنشاء
خارجا عن أصل المعنی والموضوع له بل هو نفس الموضوع له بلا شبهۀ ولا ریب فراجع التفصیل هناك ولا نعید الکلام هنا ثانیا.
(وثالثا) أن الصیغۀ بعد ما استعملت فی الطلب فالمنشأ بها لا محالۀ لیس الا شخص الوجوب لا الکلی فیکون الشخص هو المعلق علی
الشرط لا سنخ الوجوب وهذا واضح (وعلیه) فالحق فی الجواب عن الإشکال أن یقال نعم الحکم المعلق علی الشرط فی القضیۀ هو
الشخص ولکن القائل بالمفهوم حیث أنه استفاد من الجملۀ الشرطیۀ أن الشرط علۀ منحصرة للجزاء ولا علۀ سواه فقهرا إذا انتفی الشرط
انتفی شخص الحکم المعلق علیه وکل حکم آخر من سنخه ونوعه وقد أنشأ بخطاب آخر بداهۀ انتفاء المعلول بانتفاء علته المنحصرة.
(قوله ولکنک غفلت عن أن المعلق علی الشرط … إلخ) شروع فی دفع الإشکال وقد عرفت تفصیله مع ما یرد علیه من الإشکالات
الثلاثۀ.
(قوله وأما الشخص والخصوصیۀ الناشئۀ من قبل استعمالها فیه … إلخ) وهی الخصوصیۀ الخارجیۀ الناشئۀ من قبل استعمال الصیغۀ فی
الوجوب وإنشائه (قوله کما لا تکون الخصوصیۀ الحاصلۀ من قبل الاخبار به … إلخ) وهی الخصوصیۀ الذهنیۀ الحاصلۀ من قبل الاخبار
بالوجوب والحکایۀ عنه فان الاخبار به یستلزم اللحاظ الموجب للتشخص الذهنی.
(184)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 2)، الجواز ( 1
صفحه 187
الصفحۀ 185
(قوله وبالجملۀ کما لا یکون المخبر به المعلق علی الشرط … إلخ) أي وبالجملۀ کما لا یکون المخبر به المعلق علی الشرط فی مثل
صفحۀ 123 من 245
قولک ان أکرمتنی أکرمتک خاصا بالخصوصیات الذهنیۀ الناشئۀ من اللحاظ فی مقام الاستعمال فکذلک لا یکون المنشأ بالصیغۀ
المعلق علیه فی مثل قولک ان جاءك زید فأکرمه خاصا بالخصوصیات الخارجیۀ الناشئۀ من قبل الإنشاء فی مقام الاستعمال (وفیه) ما
عرفته آنفا فی الجواب الثالث من أن المنشأ لا محالۀ لیس الا شخص الوجوب لا الکلی فیکون الشخص هو المعلق علی الشرط لا
طبیعته وسنخه.
(قوله وبذلک قد انقدح فساد ما یظهر من التقریرات فی مقام التفصی عن هذا الإشکال … إلخ) وحاصل ما تفصی به التقریرات عن
الإشکال ان الکلام المشتمل علی المفهوم ان کان خبریا کقولک یجب علی زید کذا ان کان کذا فالوجوب فیه کلی فیکون الحکم
المعلق علی الشرط کلیا لا شخصیا کی یتوجه الإشکال وان کان إنشائیا کما فی قولک ان جاءك زید فأکرمه فالحکم المعلق علی
الشرط وان کان شخصیا ولکن نفی سنخ الحکم بانتفاء الشرط علی القول بالمفهوم إنما یکون من فوائد العلیۀ المنحصرة المستفادة من
الجملۀ الشرطیۀ فان انتفاء شخص الحکم غیر مستند إلی ارتفاع العلۀ المنحصرة فإنه یرتفع ولو فی اللقب والوصف کما لا یخفی
(فیقول المصنف) إنه بما ذکرنا من عدم الفرق بین الإخبار والإنشاء وان کلا من الخصوصیات الحاصلۀ من قبلهما خارج عن أصل
المعنی وأن المعنی فی کل منهما کلی لا شخصی ینقدح فساد ما ذهب إلیه التقریرات من کون الوجوب فی الإنشائی جزئیا لا کلیا.
(أقول) بل ضعف ما ذهب إلیه التقریرات لیس إلا من جهۀ التزامه بکلیۀ الحکم فی الإخباري لا من جهۀ التزامه بجزئیۀ الحکم فی
الإنشائی وذلک
(185)
صفحه 188
الصفحۀ 186
لما عرفت من أن الحکم المنشأ فی الخارج لا بد وأن یکون جزئیا لا کلیا سواء أنشئ بصیغۀ افعل أو بالجملۀ الخبریۀ فان الشیء ما لم
یتشخص لم یوجد (وعلیه) فالحق فی دفع الإشکال هو ما ذکرناه من أن الحکم المعلق علی الشرط وإن کان هو الشخص ولکن انتفاء
سنخ الحکم ونوعه بانتفاء الشرط إنما هو من فوائد العلیۀ المنحصرة التی استفادها القائل بالمفهوم من منطوق الجملۀ الشرطیۀ فتأمل
جیدا.
(قوله وأورد علی ما تفصی به عن الإشکال بما ربما یرجع إلی ما ذکرناه بما حاصله أن التفصی لا یبتنی علی کلیۀ الوجوب … إلخ)
(قال فی التقریرات) بعد ما ذکر الإشکال المتقدم ما هذا لفظه وقد یذب عنه بان الوجوب المنشأ فی المنطوق هو الوجوب مطلقا من
حیث کون اللفظ موضوعا له بالوضع العام واختصاصه وشخصیته من فعل الآمر کما أن شخصیۀ الفعل المتعلق للوجوب من فعل
المأمور فیحکم بانتفاء مطلق الوجوب فی جانب المفهوم (ثم ساق الکلام) إلی أن قال ردا علی الذب المذکور إن ابتناء الدفع علی ما
زعمه من عموم الموضوع له والوضع لیس علی ما ینبغی کما عرفت فیما ذکرنا مضافا إلی أن ذلک أیضا مما لم یقم دلیل علیه لو لم
نقل بقیام الدلیل علی خلافه حیث أن الخصوصیات بأنفسها مستفادة من الألفاظ (انتهی) ومرجع الذب هو إلی ما ذکره المصنف فی
مقام الجواب عن الإشکال من أن الصیغۀ موضوعۀ لمطلق الوجوب فیکون هو المعلق علی الشرط وینتفی بانتفاء الشرط لا شخص
الوجوب کی یتوجه الإشکال (ومرجع ما أورده التقریرات) علیه أن دفع الإشکال مما لا یبتنی علی ما أفاده الذاب من کلیۀ الوجوب
وعموم معنی الصیغۀ بل علی ما أفدناه من کون انتفاء سنخ الحکم من فوائد العلیۀ المنحصرة مضافا
(186)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 2
صفحۀ 124 من 245
صفحه 189
الصفحۀ 187
إلی أن دعوي کون الموضوع له للصیغۀ عاما لم یقم علیه دلیل لو لم نقل بقیام الدلیل علی خلافه.
(أقول) ان التقریرات وان أحسن فی الرد علی الذب من حیث عدم ابتناء دفع الإشکال علی ما ذکره الذاب بل یبتنی علی ما ذکره
التقریرات من کون انتفاء السنخ من فوائد العلیۀ المنحصرة ولکن لم یحسن فی إنکار عموم الموضوع له للصیغۀ فان الصیغۀ کما
حققناها من قبل هی موضوعۀ لمعنی عام وهو إنشاء الطلب غایته انها بعد ما استعملت وأنشأ بها الطلب کان الوجوب المتحقق بها لا
محالۀ هو الشخص فیکون هو المعلق علی الشرط لا سنخ الحکم فیتفصی عن الإشکال حینئذ باستفادة العلیۀ المنحصرة من الشرط وأن
من فوائدها انتفاء سنخ الحکم بانتفاء الشرط لا انتفاء شخص الحکم وخصوصه.
(قوله لما أفاده … إلخ) أي لما أفاده التقریرات من کون انتفاء سنخ الحکم من فوائد العلیۀ المنحصرة.
(قوله وکون الموضوع فی الإنشاء عاما لم یقم علیه دلیل … إلخ) إشارة إلی الإیراد الثانی الذي أورده التقریرات علی الذاب وقد أشار
إلیه بقوله المتقدم مضافا إلی أن ذلک أیضا مما لم یقم دلیل علیه … إلخ.
(قوله وذلک لما عرفت من أن الخصوصیات … إلخ) علۀ لقوله المتقدم وبذلک قد انقدح فساد ما یظهر من التقریرات فی مقام
التفصی … إلخ)
(187)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1
صفحه 190
الصفحۀ 188
إذا تعدد الشرط وقلنا بالمفهوم فهل یخصص مفهوم کل بمنطوق الآخر أم لا (قوله الأمر الثانی أنه إذا تعدد الشرط مثل إذا خفی
الأذان فقصر وإذا خفی الجدران فقصر … إلخ) وحاصل ما فی هذا الأمر الثانی أنه إذا تعدد الشرط مثل قوله إذا خفی الأذان فقصر
وإذا خفی الجدران فقصر فان لم نقل بالمفهوم فلا کلام وان قلنا بالمفهوم وبظهور الجملۀ الشرطیۀ فیه فلا بد من التصرف فیهما بأحد
وجوه أربعۀ.
(الأول) أن یخصص مفهوم کل بمنطوق الآخر فیکون المفهوم فی المثال المذکور هکذا إذا لم یخف الأذان فلا تقصر الا إذا خفی
الجدران وهکذا الأمر فی الطرف الآخر أي إذا لم یخف الجدران فلا تقصر الا إذا خفی الأذان ووجه التخصیص أن منطوق کل منهما
أخص من مفهوم الآخر فیخصص به مضافا إلی أن المنطوق مع قطع النظر عن أخصیته هو أقوي دلالۀ من المفهوم فإنه بالنسبۀ إلیه
کالنص بالنسبۀ إلی الظاهر فیقدم علیه فیکون مرجع هذا الوجه لدي التأمل إلی علیۀ کل من خفاء الأذان وخفاء الجدران لوجوب
القصر بنحو الاستقلال فإذا تحقق أحدهما کفی فی وجوب القصر وإذا انتفی کلاهما جمیعا انتفی وجوب القصر.
(الثانی) أن یرفع الید عن المفهوم فیهما رأسا فلا دلالۀ لهما علی عدم علیۀ ما سوي الشرطین أصلا وهذا بخلافهما علی الوجه الأول
فیدلان علی نفی علیۀ أمر ثالث لمحفوظیۀ المفهوم فی کل منهما بالنسبۀ إلی ما سوي منطوق
(188)
( مفاتیح البحث: الأذان ( 5)، الوجوب ( 2
صفحه 191
صفحۀ 125 من 245
الصفحۀ 189
الآخر وان لم یبق محفوظا بالنسبۀ إلی منطوق الآخر.
(الثالث) أن یقید إطلاق الشرط فی کل منهما بالآخر فتکون العلۀ لوجوب القصر مجموع خفاء الأذان والجدران معا لا کلا منهما بنحو
الاستقلال وعلیه فیجب القصر عند تحققهما جمیعا ولا یجب عند انتفاء أحدهما فضلا عن انتفاء کلیهما جمیعا.
(الرابع) أن یکون الشرط هو القدر الجامع بین الشرطین نظرا إلی القاعدة المعروفۀ وهی الواحد لا یصدر إلا من الواحد المبتنیۀ علی
مقدمتین إحداهما أنه لا بد من الربط والسنخیۀ بین العلۀ والمعلول وإلا لصدر کل شیء من کل شیء وأخراهما أن الشیء الواحد بما
هو واحد لا یعقل أن یکون مرتبطا ومتسنخا مع أمور مختلفۀ بما هی مختلفۀ وقد تقدم الکلام فی هذه القاعدة بمقدمتیها فی الجامع
الصحیحی وغیره بنحو أبسط ففی المقام بمقتضی هذه القاعدة یعرف أن بین خفاء الأذان وخفاء الجدران قدر جامع یکون هو المؤثر
فی وجوب القصر لا أن کلا من خفاء الأذان وخفاء الجدران بما هو أمر مختلف مع الآخر مؤثر فیه (وعلیه) فالشرط هو الجامع بینهما
لا هما بنفسهما (ثم ان حاصل کلام المصنف) فی هذه الوجوه الأربعۀ أن العرف مما یساعد الوجه الثانی والعقل مما یساعد الوجه
الرابع.
(أقول) بل الذي یساعده العرف من بین الوجوه المذکورة.
(هو الوجه الأول) (لا الوجه الثانی) فإنه ضعیف جدا فان رفع الید عن المفهوم رأسا بمجرد تعدد الشرط مما لا وجه له بل اللازم علی
القول بالمفهوم هو الاقتصار فی رفع الید عنه علی القدر الذي ورد به دلیل وهو منطوق الآخر لا أکثر.
(وأما الوجه الثالث) فهو أضعف من الثانی فان تقیید شرطیۀ کل منهما
(189)
( مفاتیح البحث: الأذان ( 3)، الوجوب ( 1
صفحه 192
الصفحۀ 190
بوجود الآخر تصرف فی منطوق کل منهما بلا ملزم وهذا بخلاف الوجه الأول إذ لیس فیه تصرف فی المنطوق أصلا ولا فی المفهوم
إلا بالقدر اللازم (وأما الوجه الرابع) فهو لیس وجها مستقلا علی حده فی قبال الوجه الأول بل هو عینه غیر أن العرف فی مقام الإثبات
ودلالۀ الدلیل یري کلا منهما سببا مستقلا للجزاء والعقل فی مقام الثبوت واللب یري الجامع بینهما هو السبب المؤثر فی الجزاء لقاعدة
الواحد لا یصدر إلا من الواحد.
(قوله اما بتخصیص مفهوم کل منهما بمنطوق الآخر … إلخ) إشارة إلی الوجه الأول من الوجوه الأربعۀ المتقدمۀ.
(قوله فیقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطین … إلخ) تفریع علی الوجه الأول وهو تخصیص مفهوم کل منهما بمنطوق الآخر
فان مقتضی هذا الوجه هو انتفاء الحکم بانتفاء کلا الشرطین جمیعا فی قبال الوجه الثانی وهو رفع الید عن المفهوم رأسا فلا یدلان
علی انتفاء الحکم ولو بانتفاء الشرطین جمیعا وفی قبال الوجه الثالث وهو انتفاء الحکم بانتفاء أحد الشرطین بلا حاجۀ إلی انتفاء کلیهما
جمیعا.
(قوله واما برفع الید عن المفهوم فیهما … إلخ) إشارة إلی الوجه الثانی من الوجوه الأربعۀ المتقدمۀ.
(قوله واما بتقیید إطلاق الشرط فی کل منهما بالآخر … إلخ) إشارة إلی الوجه الثالث من الوجوه الأربعۀ المتقدمۀ.
(قوله ولا یجب عند انتفاء خفائهما ولو خفی أحدهما … إلخ) فی العبارة خفاء کما لا یخفی والمقصود أن الشرط علی الوجه الثالث
هو مجموع الخفائین فلا یجب القصر عند انتفاء مجموع الخفائین ولو خفی أحدهما.
صفحۀ 126 من 245
(قوله واما بجعل الشرط هو القدر المشترك بینهما … إلخ)
(190)
( مفاتیح البحث: السب ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 193
الصفحۀ 191
إلی الوجه الرابع من الوجوه الأربعۀ المتقدمۀ.
(قوله ربما یعین هذا الوجه … إلخ) أي الأخیر الرابع.
(قوله بعد البناء علی رفع الید عن المفهوم … إلخ) أي فلا بد من المصیر إلی الوجه الرابع وهو کون الشرط هو الجامع المشترك بین
الشرطین بعد البناء علی رفع الید عن المفهوم فیهما بمقتضی مساعدة العرف علی الوجه الثانی کما تقدم من المصنف آنفا.
(قوله وبقاء إطلاق الشرط فی کل منهما علی حاله … إلخ) عطف علی رفع الید عن المفهوم أي بعد البناء علی رفع الید عن المفهوم
وبعد البناء علی بقاء إطلاق الشرط فی کل منهما علی حاله إذ مع تقیید إطلاق الشرط فی کل منهما بالآخر وکون الشرط هو مجموع
الأمرین کما فی الوجه الثالث لا یمکن المصیر إلی الوجه الرابع وأن الشرط هو الجامع بین الأمرین فإنه علی الرابع یکتفی بشرط واحد
فی وجوب القصر بخلاف الثالث فلا یجب القصر علیه الا عند تحقق الشرطین جمیعا کما تقدم.
(قوله فافهم … إلخ) ولعله إشارة إلی ما أشرنا إلیه من رجوع الوجه الرابع إلی الوجه الأول وعدم کونه وجها مستقلا فی قباله (ثم ان
فی بعض النسخ) بعد قوله فافهم هکذا (وأما رفع الید) عن المفهوم فی خصوص أحد الشرطین وإبقاء الآخر علی مفهومه (فلا وجه)
لأن یصار إلیه الا بدلیل آخر الا أن یکون ما أبقی علی المفهوم أظهر فتدبر جیدا (انتهی) فیکون هذا وجها خامسا فی المسألۀ وقد
ینسب ذلک إلی الحلی ولکن الظاهر سقوطه جدا فان رفع الید عن المفهوم فی خصوص أحد الشرطین وإبقاء الآخر علی مفهومه
جزافا مما لا محصل له والصحیح هو ما قاله المصنف فی رده فلا وجه لأن یصار إلیه … إلخ وأصح منه کان ترك التعرض له رأسا.
(191)
( مفاتیح البحث: الوجوب ( 1
صفحه 194
الصفحۀ 192
إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء فهل یتداخل الأسباب أو المسببات أم لا یتداخل (قوله إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء … إلخ) وحاصل
الکلام فی هذا الأمر الثالث أنه إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء کما إذا قال ان سافرت فتصدق وان کان یوم الاثنین فتصدق وتحقق
الشرطان جمیعا بان سافر فی یوم الاثنین فان قلنا فی الأمر السابق بالوجه الثالث أي قد اخترنا تقیید إطلاق الشرط فی کل منهما بالآخر
بحیث کان الشرط لوجوب الصدقۀ فی المثال مجموع السفر ویوم الاثنین لا کلا منهما علی حده فلا کلام ولا نزاع وان لم نقل بذلک
(فهل یجب الإتیان) بالجزاء متعددا حسب تعدد الشرط (أو یتداخل) ویؤتی به مرة واحدة (أو یفصل) بین ما إذا اختلف جنس الشرط
کما إذا تحقق السفر وتحقق یوم الاثنین وبین ما إذا اتحد جنسه کما إذا تحقق السفر مرتین ففی الأول یؤتی بالجزاء متعددا وفی الثانی
یتداخل والأول منسوب إلی المشهور والثانی إلی جماعۀ منهم المحقق الخوانساري والثالث إلی الحلی وهو ابن إدریس رحمه الله (ثم
ان) التداخل علی قسمین:
(الأول) تداخل الأسباب بمعنی عدم تأثیر السبب الثانی فی الوجوب (والثانی) تداخل المسببات بمعنی أن الشرط الثانی قد أثر فی
صفحۀ 127 من 245
الوجوب کالأول غیر أنه یندك الوجوب الثانی فی الأول ویتأکد الوجوب الأول بالثانی فیکون هناك وجوب واحد أکید متعلق
بالجزاء فیکتفی بإتیانه مرة واحدة ویحتمل أن یکون مراد القائلین بالتداخل هو تداخل الأسباب ویحتمل أیضا
(192)
( مفاتیح البحث: السب ( 1)، الوجوب ( 1)، التصدّق ( 1
صفحه 195
الصفحۀ 193
تداخل المسببات (وعلی کل حال) یخرج من محل النزاع ما إذا لم یکن الجزاء قابلا للتکرار کالقتل ونحوه فإذا قال مثلا إن زنی
بمحصنۀ فاقتله وإن ارتد عن الدین فاقتله ثم زنی بمحصنۀ وارتد لم یمکن قتله مرتین کی یجري فیه مقالۀ المشهور من تکرار الجزاء
وجوبا فإذا لم یقبل التکرار (فان کان) قابلا للتأکد کما فی المثال لجواز تأکد وجوب القتل شرعا جري فیه بقیۀ الوجوه من تداخل
الأسباب أو المسببات أو التفصیل بین اختلاف جنس الشرط واتحاده (وان لم یقبل) التأکد فلا یجري فیه سوي القول بتداخل الأسباب
فقط کما فی الحدث الأصغر فإذا قال مثلا إن بلت فقد أحدثت وإن نمت فقد أحدثت فلا محیص عن القول بعدم تأثیر السبب الثانی
فی المسبب إذ الحدث الأصغر مما لا یقبل التکرار ولا التأکد ومن هنا لا یتکرر الوضوء بتعدد أسبابه ولا یتأکد وجوبه بتکرر موجباته.
(نعم) فی الحدث الأکبر قد یقال بالتأکد کما إذا کانت المرأة مجنبۀ فحاضت کما یظهر من روایۀ سعید بن یسار قال قلت لأبی عبد
الله علیه السلام المرأة تري الدم وهی جنب أتغتسل عن الجنابۀ أو غسل الجنابۀ والحیض واحد فقال قد أتاها ما هو أعظم من ذلک
یعنی به علیه السلام أن حدث الحیض أعظم من الجنابۀ (قوله والتحقیق أنه لما کان ظاهر الجملۀ الشرطیۀ حدوث الجزاء عند حدوث
الشرط … إلخ) وحاصل تحقیق المصنف أنه لا إشکال فی ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی حدوث الجزاء عند حدوث الشرط کما لا
إشکال فی أن مقتضی ذلک أن یتعدد الجزاء بتعدد الشرط ولازمه اجتماع حکمین متماثلین أو أکثر فی شیء واحد وهو محال
کاجتماع الضدین لعدم قابلیۀ المحل لاجتماعهما مع حفظ الإثنینیۀ وعلیه (فان قلنا بالتداخل) فلا بد من التصرف فی الظهور بأحد
وجوه ثلاثۀ (اما بالالتزام) بعدم دلالۀ الجملۀ الشرطیۀ فی حال التعدد
(193)
،( مفاتیح البحث: غسل الجنابۀ ( 1)، سعید بن یسار ( 1)، الجنابۀ ( 1)، القتل ( 2)، الحیض، الإستحاضۀ ( 2)، السب ( 1)، الوضوء ( 1
( الوجوب ( 1
صفحه 196
الصفحۀ 194
علی الحدوث عند الحدوث بل علی الثبوت عند الثبوت وبعبارة أخري نرفع الید عن تأثیر الشرط الثانی فی حدوث الجزاء فیکون
عبارة أخري عن التداخل فی الأسباب (أو بالالتزام) بکون متعلق الحکم فی الجزاء حقائق متعددة منطبقۀ علی فعل واحد فالاجتزاء به
یکون من باب الاجتزاء بمجمع العنوانین لواجبین مستقلین کما فی أکرم هاشمیا وأضف عالما فأکرم الهاشمی العالم بالضیافۀ (أو
بالالتزام) بتأثیر الشرط الأول فی الوجوب والثانی فی تأکد الوجوب (وأما إذا قلنا) بعدم التداخل فلا بد من التصرف فی إطلاق المادة
أي الفعل وتقییدها بمرة أخري أو بفرد آخر کی لا یتعلق الحکم الثانی بعین ما تعلق به الأول ویلزم اجتماع المثلین فإذا جاء یوم
الاثنین فی المثال المتقدم فی صدر البحث وجبت الصدقۀ وإذا سافر فی ذلک الیوم قبل أن یتصدق تعلق الوجوب بفرد آخر من
الصدقۀ لا بالفرد الذي تعلق به الوجوب الأول ومن المعلوم أن التصرف فی إطلاق المادة أهون من الوجوه المتقدمۀ کلها فان تلک
صفحۀ 128 من 245
الوجوه کلها علی خلاف الظاهر بخلاف التصرف فی إطلاق المادة فإنه لیس علی خلاف ظهور الإطلاق فان الإطلاق فی المادة انما
ینعقد بوسیلۀ مقدمات الحکمۀ ومنها عدم البیان وظهور الجملۀ الشرطیۀ فی حدوث الجزاء عند حدوث الشرط یکون بیانا لکون المراد
من المادة فی الجزاء الثانی فردا آخر غیر الفرد الذي وجب بالشرط الأول هذا کله ملخص تحقیق المصنف ومحصله هو مساعدة
المشهور واختیار القوم بعدم التداخل.
(أقول) ویرد علیه من وجوه عدیدة.
(الأول) أن ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی حدوث الجزاء عند حدوث الشرط وان کان حقا بناء علی ما تقدم منا من ظهور الجملۀ الشرطیۀ
فی علیۀ الشرط وسببیته للجزاء وان لم تکن ظاهرة فی علیته المنحصرة ولکن المصنف
(194)
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 1)، الإختیار، الخیار ( 1)، التصدّق ( 2
صفحه 197
الصفحۀ 195
لم یعترف بظهورها فی علیۀ الشرط بل منع عن ذلک بقوله وأما المنع عن أنه بنحو الترتب علی العلۀ فضلا عن کونها منحصرة فله
مجال واسع بل اعترف فقط بظهورها فی أصل الملازمۀ ومن المعلوم أن مجرد الملازمۀ مما لا یقضی بحدوث الجزاء عند حدوث
الشرط ما لم یکن بینهما علیۀ وسببیۀ وان اقتضی الثبوت عند الثبوت کما لا یخفی.
(الثانی) أنه علی القول بالتداخل لا یکاد نحتاج فی التصرف فی الظهور بأحد وجوه ثلاثۀ بل بأحد وجهین اما الأول واما الثالث إذ
مرجع التصرف بالوجه الثانی إلی التصرف بالوجه الثالث ولیس شیئا جدیدا علی حده فان الاجتزاء بمجمع العنوانین وصحۀ الإتیان به
بداعی الأمرین لا یکاد یمکن الا إذا کان مجمعا لأمرین وحیث لا یعقل اجتماع الأمرین فیه مع حفظ تعددهما فلا محالۀ یندك أحد
الأمرین فی الآخر ویتأکد بعضهما ببعض فیکون هناك وجوب واحد أکید متعلق بالمجمع من قبیل تعلق الأمرین بعنوان واحد تأکیدا
لا تأسیسا (ودعوي) أن المجمع مما لا یتصف بوجوبین بل غایته أن انطباقهما علیه یکون منشأ لاتصافه بالوجوب کما أفاد المصنف
فی جواب ان قلت الأول علی ما سیأتی تفصیله فی المتن (هی واضحۀ الضعف) بعد وضوح صحۀ الإتیان به بداعی الأمرین جمیعا
واعترف به المصنف من قبل ان قلت الأول والظاهر أنه إلیه أشار أخیرا بقوله فافهم.
(الثالث) أن إطلاق المادة هب أنه بمقدمات الحکمۀ ومع ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی حدوث الجزاء عند حدوث الشرط لا ینعقد لها
إطلاق ولکن تقییدها بمرة أخري أو بفرد آخر هو أیضا علی خلاف الظاهر فان مجرد عدم انعقاد الإطلاق لها مما لا یقتضی التقیید
بمرة أخري أو بفرد آخر إذ الإطلاق کما یحتاج إلی مئونۀ مقدمات الحکمۀ فکذلک التقیید بمرة أخري أو
(195)
( مفاتیح البحث: الوسعۀ ( 1)، المنع ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 198
الصفحۀ 196
بفرد آخر یحتاج أیضا إلی دلیل خاص (ودعوي) أن ظهور الجملۀ الشرطیۀ فی حدوث الجزاء عند حدوث الشرط هو بیان لکون
المراد من المادة فی الجزاء الثانی فردا آخر غیر الفرد الذي وجب بالشرط الأول (ضعیفۀ جدا) إذ لا منافاة بین ظهور الجملۀ فیما ذکر
وبین إطلاق المادة وتعلق الوجوب الثانی بعین ما تعلق به الأول غایته أنه یندك الثانی فی الأول ویتأکد الأول بالثانی نظیر تعلق الأمر
صفحۀ 129 من 245
بعد الأمر بشیء واحد تأکیدا لا تأسیسا وهو أمر شایع عند العرف لا یحتاج إلی مئونۀ.
(وبالجملۀ) کما أنه فی الأمر بعد الأمر نلتزم بتأثیر کل إنشاء فی وجوب مستقل علی حده ونلتزم بإطلاق المادة ولا نرفع الید عنه
بتقییدها بمرة أخري أو بفرد آخر بل نقول باندکاك الوجوب الثانی فی الأول وتأکد الأول بالثانی فیکون هناك وجوب واحد أکید
متعلق بفعل واحد بحیث کلما أنشأ ثانیا وثالثا زاد الوجوب تأکدا فکذلک نلتزم فی المقام حرفا بحرف بلا زیادة ونقیصۀ إذ لا فرق فی
تعلق الوجوبین بشیء واحد بین أن یکونا مطلقین أو یکونا مشروطین بشرطین قد حصل الشرطان جمیعا (وعلیه) فالحق فی المسألۀ هو
التداخل فی المسببات وعدم وجوب الإتیان بالجزاء متعددا بتعدد الشرط وان کان الاحتیاط فی المسائل الفقهیۀ فی مقام العمل مما لا
یرفع الید عنه والله العالم (قوله بسببه أو بکشفه عن سببه … إلخ) إشارة إلی الخلاف الآتی من کون الأسباب الشرعیۀ هل هی معرفات
وکواشف عما هو المؤثر واقعا أم هی بنفسها مؤثرات وعلل.
(قوله إذا تعدد الشرط حقیقۀ أو وجودا … إلخ) إشارة إلی تعدد الشرط من جنسین وتکرره من جنس واحد فالأول تعدد حقیقۀ
والثانی تعدد وجودا أي مصداقا.
(196)
( مفاتیح البحث: الوجوب ( 3
صفحه 199
الصفحۀ 197
(قوله قلت انطباق عنوانین واجبین لا یستلزم اتصافه بوجوبین … إلخ) قد أشرنا إلی ضعف هذا الجواب وإلی وجه الضعف وأن الحق
فی دفع إشکال اجتماع الحکمین المتماثلین أن یقال انه یندك الوجوب الثانی فی الأول ویتأکد الأول بالثانی فیکون هناك وجوب
واحد أکید متعلق بشیء واحد.
(قوله فافهم … إلخ) قد أشرنا إلی وجه قوله فافهم فلا تغفل.
(قوله ولا یخفی أنه لا وجه لأن یصار إلی واحد منها فإنه رفع الید عن الظاهر بلا وجه مع ما فی الأخیرین من الاحتیاج إلی إثبات…
إلخ) وفیه (أولا) أن الوجه الأول وهو الالتزام بعدم تأثیر الشرط الثانی وان کان خلاف الظاهر وهکذا الوجه الثانی وهو الالتزام بکون
متعلق الحکم فی الجزاء حقائق متعددة منطبقۀ علی فعل واحد وان الاجتزاء به یکون من باب الاجتزاء بمجمع العنوانین لواجبین
مستقلین ولکن الوجه الثالث لیس علی خلاف الظاهر فی قبال رفع الید عن إطلاق المادة أي الالتزام بتقییدها بمرة أخري أو بفرد آخر
بعد ما عرفت أن تأکد الوجوب الأول بالثانی واندکاك الثانی فی الأول أمر شایع عند العرف لا یحتاج إلی مئونۀ.
(وثانیا) لو سلم أن جمیع تلک الوجوه الثلاثۀ علی خلاف الظاهر فاحتیاج الأخیرین إلی إثبات أن متعلق الجزاء متعدد متصادق علی
واحد أو إثبات أن الحادث بالشرط الثانی تأکد الوجوب الأول لا تأسیس وجوب جدید لیس أمرا آخر ما وراء کونهما علی خلاف
الظاهر فکونهما علی خلاف الظاهر لو قیل به لیس الا من جهۀ احتیاجهما إلی إثبات ما ذکر لا لشیء آخر (وعلیه) فلا وجه لعد
احتیاجهما إلی مئونۀ الإثبات وجها آخر غیر کونهما علی خلاف الظاهر.
(قوله ان قلت وجه ذلک هو لزوم التصرف فی ظهور الجملۀ الشرطیۀ
(197)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الوجوب ( 2
صفحه 200
صفحۀ 130 من 245
الصفحۀ 198
…إلخ) أي ان قلت وجه المصیر إلی أحد الوجوه المتقدمۀ علی القول بالتداخل هو لزوم التصرف فی ظهور الجملۀ الشرطیۀ لئلا یلزم
محذور اجتماع الوجوبین فی فعل واحد کما تقدم شرحه عند بیان تحقیق المصنف ولیس المصیر إلیه بلا وجه ولا ملزم.
(قوله قلت نعم إذا لم یکن المراد … إلخ) وحاصل الجواب أنه نعم لکن إذا لم یتعلق الحکم الثانی بفرد آخر غیر الفرد الأول والا
فیندفع محذور الاجتماع بدون المصیر إلی أحد الوجوه المتقدمۀ.
(قوله فی کون الشرط سببا أو کاشفا عن السبب … إلخ) قد أشرنا أن ذلک إشارة إلی الخلاف الآنی من کون الأسباب الشرعیۀ هل
هی معرفات وکواشف عما هو السبب واقعا أو انها بنفسها مؤثرات وأسباب وعلل.
(قوله وقد انقدح مما ذکرناه أن المجدي للقول بالتداخل هو أحد الوجوه التی ذکرناها لا مجرد کون الأسباب الشرعیۀ معرفات لا
مؤثرات فلا وجه لما عن الفخر وغیره من ابتناء المسألۀ علی انها معرفات أو مؤثرات مع أن الأسباب الشرعیۀ حالها حال غیرها … إلخ)
(قال فی التقریرات) فی الأمر الثالث حکی عن فخر المحققین أنه جعل مبنی المسألۀ علی أن الأسباب الشرعیۀ هل هی معرفات
وکواشف أو مؤثرات وعلی الأول فالأصل التداخل بخلافه علی الثانی ولعله تبعه فی ذلک بعض المحققین فی کتابه الموسوم بالعوائد
(انتهی موضع الحاجۀ من کلامه) رفع مقامه (وحاصل کلام المصنف) فی الرد علیه أن المجدي للقول بالتداخل هو أحد الوجوه
الثلاثۀ المتقدمۀ لا مجرد کون الأسباب الشرعیۀ معرفات لا مؤثرات (مضافا) إلی أن حال الأسباب الشرعیۀ کحال غیرها فی کونها
معرفات تارة ومؤثرات أخري (والظاهر) أن مراد المصنف من غیرها هو أسباب الأحکام العرفیۀ أي فکما أن غیر
(198)
( مفاتیح البحث: السب ( 2)، الحاجۀ، الإحتیاج ( 1
صفحه 201
الصفحۀ 199
الأسباب الشرعیۀ من الأسباب العرفیۀ تارة یکون مؤثرا وأخري یکون معرفا أي کاشفا عما هو السبب کما فی قوله ان غضب الأمیر
فاحذره وان لبس الأصفر فاحذره فالأول مؤثر والثانی معرف فکذلک السبب الشرعی فتارة یکون مؤثرا وأخري یکون معرفا أي
کاشفا عما هو السبب کما فی قوله إذا زالت الشمس فصل أو إذا زاد الظل فصل فالأول مؤثر والثانی معرف.
(قوله أن له الدخل فیهما … إلخ) أي فی کل من الحکم الشرعی والحکم الغیر الشرعی.
(قوله نعم لو کان المراد بالمعرفیۀ فی الأسباب الشرعیۀ … إلخ) أي نعم لو ادعی أن المراد بالمعرفیۀ فی الأسباب الشرعیۀ انها لیست
بدواعی الأحکام وعللها وان کانت هی مما یتحقق بها موضوعاتها ففی قوله تعالی فمن شهد منکم الشهر فلیصمه أن شهود الشهر وان
لم یکن علۀ لوجوب الصوم ولکنه مما یتحقق به موضوعه وهو شهر الصیام وهذا بخلاف الأسباب الغیر الشرعیۀ فإنها علل ومؤثرات
دائما (فهذا الدعوي) وان کانت مما له وجه الا انها مما لا تجدي فیما هم وأراده الفخر من ابتناء التداخل علیه.
(أقول) بل الدعوي مضافا إلی أنها لو سلمت هی لا یبتنی علیها أمر التداخل (هی ضعیفۀ) فی حد ذاتها لعدم الفرق بین الأسباب
الشرعیۀ وغیرها من هذه الناحیۀ أیضا فان السبب المأخوذ فی لسان الدلیل فی کل منهما قد یکون لمجرد تحقق الموضوع بها وقد
یکون مضافا إلی ذلک مؤثرا وعلۀ للحکم فتأمل جیدا.
(قوله ثم انه لا وجه للتفصیل بین اختلاف الشروط بحسب الأجناس وعدمه … إلخ) إشارة إلی تفصیل الحلی وهو ابن إدریس کما
تقدم فی صدر البحث بین ما إذا اختلف جنس الشرط فلا یتداخل وبین ما إذا اتحد جنسه
(199)
صفحۀ 131 من 245
( مفاتیح البحث: الأحکام الشرعیۀ ( 1)، الشهادة ( 1)، الصیام، الصوم ( 2)، السب ( 4
صفحه 202
الصفحۀ 200
وتحقق فردان منه أو أکثر فیتداخل (قال فی التقریرات) واحتج ابن إدریس رحمه الله علی ما ذهب إلیه من التفصیل من التعدد عند
اختلاف الأجناس وعدمه عند الاتحاد بدعوي الصدق علی الثانی وبإطلاق السببیۀ علی الأول قال فی محکی السرائر فی مسألۀ تکرار
الکفارة عند تکرر وطء الحائض بعد أن اختار العدم الأصل براءة الذمۀ وأما العموم فلا یصح التعلق به فی مثل هذه المواضع لأن هذه
أسماء أجناس وقال فی بحث السجود ما یظهر منه الوجه المذکور إلی أن قال فاما إذا اختلف الجنس فالأولی عندي بل الواجب
الإتیان عند کل جنس بسجدتی السهو لعدم الدلیل علی تداخل الأجناس (انتهی) ومحصل کلامه رحمه الله أنه إذا قال مثلا إن سافرت
فتصدق وقد سافر مرتین فلا یصح التمسک لوجوب التصدق مرة أخري بعموم قوله ان سافرت فتصدق فان السفر اسم جنس صادق
علی القلیل والکثیر والمرة والمرات بخلاف ما إذا اختلف الجنس کما إذا قال إن سافرت فتصدق وان کان یوم الاثنین فتصدق وتحقق
الشرطان جمیعا فلا یتداخل الأجناس لعدم الدلیل علیه (ومحصل جواب المصنف) أن مقتضی إطلاق الشرط فی مثل قوله ان سافرت
فتصدق هو حدوث وجوب الصدقۀ فی کل مرة لو سافر مرات مثل ما إذا تحقق الشرطان المختلفان عینا والا ففی الشروط المختلفۀ فی
الجنس أیضا یجب أن یقال بالتداخل لرجوعها إلی قدر جامع بین الکل یکون هو الشرط والمؤثر واقعا لما تقدم من قاعدة الواحد
ومن المعلوم أن ذلک الجامع هو من جنس واحد فإذا تحقق الجامع مرتین أو مرات وجب التداخل قهرا.
(قوله هذا کله فیما إذا کان موضوع الحکم فی الجزاء قابلا للتعدد وأما ما لا یکون قابلا لذلک … إلخ) إشارة إلی ما تقدم منا فی
صدر البحث من أن متعلق الحکم فی الجزاء إذا لم یقبل التکرار کالقتل ونحوه فی مثل قوله
(200)
،( مفاتیح البحث: کتاب السرائر لابن إدریس الحلی ( 1)، السجود ( 1)، الصدق ( 1)، الحیض، الإستحاضۀ ( 1)، السهو ( 1)، الوجوب ( 1
( التصدّق ( 1
صفحه 203
الصفحۀ 201
ارتد عن الدین فاقتله وإن زنی بمحصنۀ فاقتله ثم ارتد وزنی بمحصنۀ فهو خارج عن محل النزاع قطعا إذ لا یجري فیه التکرار وعدم
التداخل کی یمکن القول فیه بذلک وحینئذ (فان کان المسبب) قابلا للتأکد کما فی المثال فلا بد من التداخل فی المسببات فیؤثر
السبب الثانی فی الوجوب کالسبب الأول عینا وحیث لا یمکن تعلق الوجوب الثانی بفرد آخر من القتل فیتعلق لا محالۀ بعین ما تعلق به
الوجوب الأول ویندك فیه ویتأکد الوجوب الأول به (وإلا) بان لم یکن المسبب قابلا للتأکد کما فی الحدث الأصغر علی ما مثلنا به
فلا محیص هاهنا عن التداخل فی الأسباب والالتزام بعدم تأثیر السبب الثانی فی شیء أبدا.
فی مفهوم الوصف (قوله فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف وما بحکمه … إلخ) المراد بالوصف هی المشتقات الجاریۀ علی الذوات
کاسم الفاعل والمفعول والصفۀ المشبهۀ وصیغ المبالغۀ واسم الزمان واسم المکان بل المنسوبات أیضا کبغدادي (والمراد) مما بحکمه
ما یؤدي معناه کذي علم ونحوه أو ما هو کنایۀ عنه کما فی قوله صلی الله علیه وآله وسلم لأن یمتلئ بطن الرجل قیحا خیر من أن
یمتلئ شعرا فان امتلاء البطن من الشعر کنایۀ عن الشعر الکثیر وقد عبر عنه فی الفصول بالوصف الغیر الصریح وفی التقریرات بالوصف
الضمنی وفی القوانین بالوصف المقدر (ویحتمل) أن یکون المراد مما بحکم الوصف الأسامی الجامدة الجاریۀ علی الذوات بلحاظ
صفحۀ 132 من 245
اتصافها بعرض کالسواد والبیاض أو بعرضی کالزوجیۀ والملکیۀ ونحوهما مما تقدم شرحه فی المشتق ولعل احتمال الأخیر أقوي من
الأول والثانی (وعلی کل حال) إذا أخذ الوصف موضوعا لحکم کما
(201)
( مفاتیح البحث: القتل ( 1)، السب ( 2
صفحه 204
الصفحۀ 202
فی أکرم العالم فهل الوصف یدل علی انتفاء الحکم بانتفائه بحیث لو دل دلیل آخر علی وجوب إکرام زید الجاهل کان ذلک
مخصصا لمفهوم قوله أکرم العالم أم لا (قال فی الفصول) فأثبته أي المفهوم جماعۀ وعزي ذلک إلی ظاهر الشیخ وحکی عن الشهید
أنه جنح إلیه فی الذکري ونفاه جماعۀ وهو المنقول عن السید والمحقق والعلامۀ (وقال فی التقریرات) ولعل المشهور بین أصحابنا هو
العدم (انتهی) (وقد حکی) قبله عن العلامۀ التفصیل بین ما کان الوصف علۀ کما فی قوله أکرم زیدا لأنه عالم وبین غیره (ثم ان) فی
کل من الفصول والتقریرات تفاصیل أخر لا یعبأ بها کالتفصیل بین ما کان فی مقام البیان وغیره فإنه لو أحرز کونه فی مقام بیان ما هو
موضوع الحکم ولم یبین سوي الوصف المأخوذ موضوعا للحکم فلا کلام حینئذ فی الانتفاء عند الانتفاء (وقال المحقق القمی) ولی
فی المسألۀ التوقف وان کان الظاهر فی النظر أنه لا یخلو عن اشعار کما هو المشهور إذ التعلیق بالوصف مشعر بالعلیۀ لکن لا بحیث
یعتمد علیه فی الاحتجاج الا أن ینضم إلیه قرینۀ (ومختار المصنف) تبعا للمشهور عدم المفهوم نظرا إلی وجوه عدیدة.
(أحدها) عدم ثبوت الوضع له بمعنی أن الوصف لم یوضع لمعنی یستتبع المفهوم والانتفاء عند الانتفاء کالعلیۀ المنحصرة لوضوح
استعماله فی غیرها بلا عنایۀ ولا رعایۀ علاقۀ فلا یصغی إلی ما احتج به المثبتون علی ما فی التقریرات من دعوي التبادر عرفا ان کان
مرادهم من التبادر هو الانسباق الحاقی المستند إلی الوضع.
(ثانیها) عدم لزوم اللغویۀ بدون المفهوم لجواز أن یکون التوصیف لشدة الاهتمام بمورد الوصف مثل قوله إیاك وظلم الیتیم أو إیاك
وظلم المظلوم أو إیاك وغیبۀ العلماء أو لدفع توهم عدم شمول الحکم لمورد الوصف کما فی قوله
(202)
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 3)، الشهادة ( 1)، الجهل ( 1)، الظلم ( 1)، الیتم ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 205
الصفحۀ 203
تعالی ولا تقتلوا أولادکم خشیۀ إملاق أو لعدم احتیاج السامع إلی ما سوي مورد الوصف کقولک لمن لا یجد غیر ماء البئر ماء البئر
طاهر مطهر أو لغیر ذلک من أمور أخر فلا یصغی إلی ما احتج به المثبتون من أنه لو لا المفهوم لزم اللغو والعراء عن الفائدة.
(ثالثها) أنه لا قرینۀ أخري عامۀ تستلزم المفهوم إذ لو کانت لکانت هی الانصراف إلی العلیۀ المنحصرة ولا منشأ له إلا کثرة الاستعمال
فیها أو أکملیتها وکل منهما ممنوع کما عرفت فی مفهوم الشرط.
(أقول) إن الوصف المأخوذ موضوعا للحکم کما تقدم فی المشتق فی ذیل تمسک الأعمی بآیۀ لا ینال عهدي الظالمین (قد یکون)
لمجرد الإشارة إلی المعنون من دون دخل للعنوان فی الحکم أصلا کما فی قولک مشیرا إلی زید أکرم هذا الجالس وفی هذا القسم
لا یکون للوصف مفهوم أصلا فحاله حال اللقب کما سیأتی فهو بمنزلۀ أن یقول أکرم زیدا (وقد یکون) للإشارة إلی علیۀ العنوان
للحکم إما حدوثا لا بقاء کما فی الزانیۀ والزانی فاجلدوا … إلخ أو حدوثا وبقاء کما فی أکرم العالم أو قلد المجتهد وفی هذا القسم
صفحۀ 133 من 245
الثانی لا محیص عن الانتفاء عند الانتفاء فی الجملۀ فان الحکم وإن جاز أن لا ینتفی بانتفاء الوصف الذي هو علۀ الحکم لجواز أن
یقوم مقامه علۀ أخري ولکن إذا انتفی الوصف وکل علۀ أخري سواه انتفی الحکم قهرا (وبعبارة أخري) ان مثل قوله أکرم العالم وإن
لم یدل علی انتفاء وجوب الإکرام فیما عدي العالم عموما کما یدعیه القائل بالمفهوم ولکنه یدل علی انتفائه فیما عدي العالم فی
الجملۀ وإلا بان کان وجوب الإکرام فی کل ما سوي العالم موجودا أیضا فتعلیق الحکم علی العالم لغو جدا (ودعوي) أن التوصیف قد
یکون لشدة الاهتمام بمورد الوصف أو لدفع توهم عدم شمول الحکم لمورد الوصف أو لغیر ذلک
(203)
( مفاتیح البحث: آیۀ لا ینال عهدي الظالمین ( 1)، یوم عرفۀ ( 1)، الکرم، الکرامۀ ( 4)، الطهارة ( 1)، الزنا ( 1)، الوجوب ( 2
صفحه 206
الصفحۀ 204
مما تقدم شرحه آنفا (یدفعها) أنه لیس دائما من هذا القبیل فلو لم یدل الوصف علی الانتفاء عند الانتفاء فی الجملۀ کان التوصیف
لغوا غالبا (ثم ان الظاهر) أن مجرد أخذ الوصف موضوعا للحکم ظاهر فی القسم الثانی أي للإشارة إلی علیۀ الوصف ولو انصرافا لا
وضعا فیکون ظاهرا فی الانتفاء عند الانتفاء فی الجملۀ وإن لم یکن ظاهرا فی علیته المنحصرة کی یستلزم الانتفاء عند الانتفاء مطلقا
(کما أن الظاهر) من إطلاق عناوین القوم هو عدم اختصاص محل النزاع بما إذا کان الوصف معتمدا علی الموصوف وان صرح فی
الفصول أنه اقتصر بعضهم فی تحریر محل النزاع علیه ولکن الحق کما ذهب إلیه الفصول بنفسه عدم الاختصاص به إذ لا فرق بین قوله
أکرم الرجل العالم وبین قوله أکرم العالم فان منشأ المفهوم علی القول به فی الجملۀ أو مطلقا هو استفادة علیۀ المبدأ أو علیته
المنحصرة ومن المعلوم أنه لا یتفاوت الأمر فی ذلک بین ذکر الموصوف وعدمه (ومن هنا) یظهر لک فساد ما قد یتوهم من أن
الوصف لو لم یکن معتمدا فحاله حال القلب (ووجه الفساد) أنه لیس فی اللقب مبدأ یتصف به الذات کی یستفاد منه علیته للحکم
بنحو الانحصار أو بغیر الانحصار ویقال بالمفهوم مطلقا أو فی الجملۀ فالقیاس باطل جدا.
(قوله مطلقا … إلخ) إشارة إلی نفی التفاصیل التی فصلوها فی المسألۀ کتفصیل العلامۀ الذي قد حکاه التقریرات فیما تقدم آنفا بین
ما کان الوصف علۀ مثل قوله أکرم زیدا لأنه عالم وبین غیره أي لا مفهوم الموصف وما بحکمه مطلقا ولو کان علۀ.
(قوله لعدم ثبوت الوضع … إلخ) إشارة إلی الوجه الأول من وجوه عدم المفهوم وقد أبطل به دعوي المثبتین تبادر المفهوم عرفا کما
تقدم شرحه.
(204)
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 3
صفحه 207
الصفحۀ 205
(قوله وعدم لزوم اللغویۀ بدونه … إلخ) إشارة إلی الوجه الثانی من وجوه عدم المفهوم وقد أبطل به دعوي المثبتین أنه لو لا المفهوم
لزم اللغو والعراء عن الفائدة کما تقدم أیضا شرحه.
(قوله وعدم قرینۀ أخري ملازمۀ له … إلخ) إشارة إلی الوجه الثالث من وجوه عدم المفهوم وقد أبطل به فی الحقیقۀ دعوي الانصراف
إلی العلیۀ المنحصرة اما لکثرة الاستعمال فیها أو لأکملیتها علی ما عرفت تفصیل الدعوي آنفا فلا نعید.
(قوله وعلیته فیما إذا استفیدت غیر مقتضیۀ له … إلخ) تضعیف لتفصیل العلامۀ أعلی الله مقامه وهو کما أشیر قبلا قد فصل بین ما إذا
صفحۀ 134 من 245
کان الوصف علۀ مثل قوله أکرم زیدا لأنه عالم فله المفهوم وبین ما إذا لم یکن کذلک فلا مفهوم له (وحاصل التضعیف) أن علیۀ
الوصف فیما إذا استفیدت غیر مقتضیۀ للمفهوم أي للانتفاء عند الانتفاء ما لم یحرز کونها علۀ منحصرة ومع إحراز کونها کذلک فهو
لیس من باب مفهوم الوصف بل من باب اقتضاء العلیۀ المنحصرة المستفادة من القرینۀ علیها بالخصوص.
(قوله ولا ینافی ذلک ما قیل من أن الأصل فی القید أن یکون احترازیا … إلخ) إشارة إلی ما ذکره المحقق صاحب الحاشیۀ (قال)
فیما أفاده فی المقام (ما لفظه) ثم ان هاهنا أمورا ربما یتوهم منافاته للخلاف المذکور فی المقام (إلی أن قال) أحدها ما اشتهر فی
الألسنۀ من أن الأصل فی القید أن یکون احترازیا (انتهی) (وحاصل التوهم) أن الأصل فی القید کما اشتهر علی الألسنۀ أن یکون
احترازیا ولا یکون احترازیا کما فی قولک جئنی بحیوان ناطق الا بدلالته مفهوما علی عدم وجوب الإتیان بحیوان غیر ناطق (وحاصل
الجواب) أن أقصی ما تقتضیه الاحترازیۀ أن توجب هی تضییق
(205)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الکرم، الکرامۀ ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 208
الصفحۀ 206
دائرة موضوع الحکم مثل أن یقول من الأول جئنی بإنسان من غیر دلالۀ له مفهوما علی انتفاء الحکم فیما سواه (وفیه) أن الوصف کما
تقدم منا بمقتضی ظهوره فی العلیۀ ولو انصرافا لا وضعا له ظهور فی الانتفاء عند الانتفاء فی الجملۀ وان لم یکن ظاهرا فی العلیۀ
المنحصرة کی یدل علی الانتفاء عند الانتفاء مطلقا (وعلیه) فالوصف إذا جعل قیدا فمعنی احترازیته لیس مجرد تضییق دائرة الموضوع
به المستلزم لانتفاء شخص الحکم بانتفائه الموجود ذلک حتی فی اللقب بل معناه الدلالۀ علی انتفاء سنخ الحکم عند انتفائه فی الجملۀ
فإذا فرق بین قوله جئنی بإنسان وقوله جئنی بحیوان ناطق فالأول ساکت عما سواه والثانی یدل علی الانتفاء عما عداه فی الجملۀ (ثم ان
صاحب الحاشیۀ) قد ساق الکلام بعد هذا إلی أن قال (ما لفظه) ثانیها عدهم الصفات من المخصصات المتصلۀ للعمومات ولا خلاف
لهم فی ذلک فی مباحث التخصیص وهذا بظاهره مناف لما ذکروه من انتفاء الدلالۀ فی المقام (انتهی) وحاصله أن الصفۀ فی مثل
قوله أکرم العلماء العدول مما یعد عندهم من المخصصات المتصلۀ کما فی قوله أکرم العلماء الا فساقهم ولا تکون الصفۀ مخصصۀ الا
إذا دلت مفهوما علی الانتفاء عند الانتفاء (والمصنف) وان لم یؤشر إلی هذا الأمر الثانی ولکن یظهر حال جوابه عنه مما أجاب به عن
الأمر الأول من أن أقصی ما تقتضیه المخصصیۀ هو تضییق دائرة الموضوع ویجري فیه أیضا ما اعترضنا علیه من اقتضاء الوصف فوق
ذلک وهو الانتفاء عن فساق العلماء فی المثال المذکور فی الجملۀ لا مجرد تضییق دائرة الموضوع المستلزم لانتفاء شخص الحکم
بانتفائه الموجود ذلک حتی فی اللقب.
(قوله کما أنه لا یلزم فی حمل المطلق علی المقید فیما وجد شرائطه إلا ذلک … إلخ) إشارة إلی الأمر الثالث من الأمور المتوهمۀ
منافاتها مع
(206)
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 2
صفحه 209
الصفحۀ 207
الخلاف فی المقام (قال المحقق صاحب الحاشیۀ) بعد أن نقل الأمرین المتقدمین (ما لفظه) ثالثها ما اتفقوا علیه من لزوم حمل المطلق
صفحۀ 135 من 245
علی المقید مع اتحاد الموجب کما إذا قیل ان ظاهرت فأعتق رقبۀ وإن ظاهرت فأعتق رقبۀ مؤمنۀ فإنه لا إشکال عندهم حینئذ فی
وجوب حمل المطلق علی المقید مع أنه لا معارضۀ بینهما لیفتقر إلی الحمل إلا مع البناء علی دلالۀ المقید علی انتفاء الحکم بانتفاء
القید لتقع المعارضۀ بینه وبین إطلاق منطوق الآخر (انتهی) (وحاصله) أنه لا ریب فی وجوب حمل المطلق علی المقید مع اتحاد
الموجب الذي قد أشار إلیه المصنف بقوله فیما وجد شرائطه کما لا ریب فی أن ذلک لیس إلا من جهۀ المعارضۀ بینهما وهی مبتنیۀ
علی القول بالمفهوم ودلالۀ الوصف علی الانتفاء عند الانتفاء وإلا لم تکن معارضۀ بینهما کی توجب حمل المطلق علی المقید
(وحاصل جواب المصنف) أن القید لما أوجب تضییق دائرة الموضوع حصلت المعارضۀ بین المطلق والمقید فحمل الأول علی الثانی
لهذه الجهۀ ولیست المعارضۀ من جهۀ دلالۀ الوصف علی المفهوم والانتفاء عند الانتفاء (وفیه) أن مجرد ضیق دائرة الموضوع فی أحد
الدلیلین مما لا یوجب التعارض بینهما کما فی قولک أکرم العالم وقولک أکرم زید العالم بل المعارضۀ مما لا تحصل إلا من المفهوم
والانتفاء عند الانتفاء ولو فی الجملۀ فالأولی بل اللازم الاعتراف بالمفهوم بهذا المقدار کما تقدم منا قبلا وقد عرفت وجهه.
(وبالجملۀ) إنا نري فرقا واضحا بین قولک أکرم العالم وأکرم زید العالم وبین قولک أکرم العالم وأکرم العالم العادل إذ نشاهد
المعارضۀ فی الثانی دون الأول مع أن ضیق دائرة الموضوع موجود فی کلیهما جمیعا (والسر) فی ذلک لیس الا ما أشیر إلیه من أن
أکرم زید العالم مما لا یدل علی المفهوم والانتفاء عند الانتفاء ولو فی الجملۀ فلا یعارض أکرم العالم الا إذا قیل بمفهوم اللقب
(207)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الکرم، الکرامۀ ( 6)، الوجوب ( 2
صفحه 210
الصفحۀ 208
بخلاف قولک أکرم العالم العادل فیدل علی الانتفاء عند الانتفاء ولو فی الجملۀ فیعارض إطلاق أکرم العالم فیحمل المطلق علی
المقید فتأمل جیدا.
(قوله بل ربما قیل انه لا وجه للحمل لو کان بلحاظ المفهوم … إلخ) القائل هو صاحب التقریرات (قال ما هذا لفظه) ان حمل المطلق
علی المقید انما هو من جهۀ المنطوق من غیر ملاحظۀ المفهوم بل لو فرض اعتبار المفهوم فلقائل أن یقول بعدم الحمل أما الأول فلان
محصل الحمل هو أن المراد من المطلق هو المقید فیکون غیر المقید فی قولک أعتق رقبۀ غیر واجب بمعنی أن اللفظ المذکور
والإنشاء الخاص لا یدل علی وجوبه (إلی أن قال) وأما الثانی فلأنا لو قلنا بثبوت المفهوم الوصف کان التعارض بین المطلق والمقید
من قبیل تعارض الظاهرین وقد تقرر فی مقامه أنه لا بد فی مثله من التوقف والحکم بمقتضی الأصول العملیۀ فلا سبیل إلی الحمل
(انتهی).
(أقول) ومما ذکرنا آنفا یظهر لک ما فی کلامی التقریرات جمیعا.
(أما الأول) فلان حمل المطلق علی المقید لیس من جهۀ المنطوق وتضییق دائرة الموضوع فی المقید والا لوجب الحمل حتی فی مثل
أکرم العالم وأکرم زید العالم مع أنه لا معارضۀ بینهما أصلا ولا یحمل الأول علی الثانی أبدا وذلک لعدم التنافی بینهما.
(وأما الثانی) فلأنه لو فرض اعتبار المفهوم فلیس لقائل أن یقول بعدم الحمل بدعوي کون التعارض بینهما من قبیل تعارض الظاهرین
فان التعارض بینهما وان کان من هذا القبیل ولکن المفهوم من جهۀ ضیق دائرته أظهر فیقدم (ومنه یظهر) ما فی کلام المصنف أیضا
من قوله فان ظهوره فیه لیس بأقوي من ظهور المطلق فی الإطلاق کی یحمل علیه لو لم نقل بأنه الأقوي لکونه بالمنطوق … إلخ فان
المنطوقیۀ وان کانت مقتضیۀ للأقوائیۀ
(208)
صفحۀ 136 من 245
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 3)، العتق ( 1
صفحه 211
الصفحۀ 209
ولکنها مما لا تقاوم الأقوائیۀ الناشئۀ من جهۀ ضیق الدائرة الکائنۀ فی المفهوم فلا تغفل.
(قوله وأما الاستدلال علی ذلک أي عدم الدلالۀ علی المفهوم بآیۀ وربائبکم اللاتی فی حجورکم ففیه أن الاستعمال … إلخ) لم أر
فی الکتب الأصولیۀ التی بأیدینا من تمسک بالآیۀ الشریفۀ لنفی مفهوم الوصف ولعل مقصود المصنف هو دفع توهم الاستدلال بها
لنفی المفهوم لا دفع ما وقع من الاستدلال بها فی الخارج (وکیف کان) حاصل جواب المصنف عن الاستدلال بها أن الاستعمال فی
غیر المفهوم أحیانا مع القرینۀ مما لا یکاد ینکر.
(قوله مع أنه یعتبر فی دلالته علیه عند القائل بالدلالۀ أن لا یکون واردا مورد الغالب کما فی الآیۀ … إلخ) هذا جواب آخر عن
الاستدلال بالآیۀ الشریفۀ لنفی مفهوم الوصف (وحاصله) أنه یعتبر فی دلالۀ الوصف علی المفهوم عند القائل به أن لا یکون الوصف
واردا مورد الغالب کما فی الآیۀ فان الربائب غالبا تکون فی الحجور کالأولاد (ووجه الاعتبار) أنه لا دلالۀ للوصف منطوقا مع وروده
مورد الغالب علی اختصاص الحکم بمورده کی یدل مفهوما علی انتفاء الحکم عن غیر مورده فان الورود مورد الغالب قرینۀ عامۀ علی
صرف الوصف عما کان ظاهرا فیه بالمنطوق من تضییق دائرة الموضوع به واختصاص الحکم بمورده فقهرا لا یدل بالمفهوم علی
انتفاء الحکم عن غیر مورده.
(قوله فافهم … إلخ) ولعل قوله فافهم إشارة إلی أن نفس الورود مورد الغالب فی الآیۀ الشریفۀ هو القرینۀ القائمۀ علی الاستعمال فی
غیر المفهوم الذي قد یتفق أحیانا (وعلیه) فلا یکون قوله مع أنه یعتبر فی دلالته علیه … إلخ جوابا آخر غیر ما أجاب به أولا بقوله ففیه
أن الاستعمال فی غیره
(209)
صفحه 212
الصفحۀ 210
أحیانا مع القرینۀ مما لا یکاد ینکر (اللهم) الا أن یقال ان المراد من القرینۀ فی الجواب الأول هو الإجماع والنصوص التی قامت علی
حرمۀ الربائب مطلقا ولو لم تکن فی الحجور بعد الدخول بالأمهات (وعلیه) فیکون الورود مورد الغالب قرینۀ أخري علی عدم المفهوم
فی الآیۀ الشریفۀ فیکون هو جوابا آخر عن الاستدلال بها فلا یبقی وجه لقوله فافهم جیدا.
(قوله تذنیب … إلخ) (لا إشکال) فی عدم جریان النزاع فیما إذا کان الوصف مساویا مع الموصوف أو کان أعم کما فی قولک جئنی
بإنسان ضاحک أو جئنی بإنسان حساس (وقد علله) التقریرات بما حاصله أن الموضوع مما لا یبقی فیهما بانتفاء الوصف (وهو جید)
إذ لو دل قولک جئنی بإنسان ضاحک أو حساس علی نفی الحکم عن غیر موضوعه کالحیوان الغیر الضاحک أو الجماد الغیر
الحساس فهو من باب مفهوم اللقب أي کلمۀ الإنسان لا من باب مفهوم الوصف وهذا واضح (کما لا إشکال) فی جریان النزاع فیما
إذا کان الوصف أخص من الموصوف کما فی قولک جئنی بإنسان زنجی فان مع انتفاء الوصف یبقی الموضوع علی حاله وهو
الإنسان فیقع الکلام فی دلالۀ الوصف علی انتفاء الحکم بانتفائه وعدمها (وأما الوصف الأخص من وجه) کما فی قوله فی الغنم
السائمۀ زکاة (فلا إشکال أیضا) فی جریان النزاع فی مادة الافتراق من جانب الموصوف أي الغنم الغیر السائمۀ وذلک لبقاء الموضوع
علی حاله (کما لا إشکال) فی عدم جریان النزاع فی مادة الافتراق من جانب الوصف أي فی السائمۀ من غیر الغنم کالإبل السائمۀ
صفحۀ 137 من 245
وذلک لعدم بقاء الموضوع فیه فان قوله فی الغنم السائمۀ زکاة لو دل علی نفی الزکاة عن الإبل السائمۀ فهو من باب مفهوم اللقب أي
کلمۀ الغنم لا من باب مفهوم الوصف أي السائمۀ وهذا أیضا واضح (وأما فی مادة الافتراق من الوصف والموصوف) جمیعا کالإبل
(210)
( مفاتیح البحث: الزکاة ( 3
صفحه 213
الصفحۀ 211
المعلوفۀ فیظهر من بعض الشافعیۀ علی ما فی التقریرات جریان النزاع فیه حیث قال ان قولنا فی الغنم السائمۀ زکاة یدل علی عدم الزکاة
فی معلوفۀ الإبل (وقد استظهر) التقریرات خلاف ذلک نظرا إلی اختلاف الموضوع وهو جید أیضا فان قوله فی الغنم السائمۀ زکاة لو
دل علی عدم الزکاة فی الإبل المعلوفۀ فهو من باب مفهوم اللقب کدلالته علی عدم الزکاة فی الإبل السائمۀ علی ما أشرنا آنفا (ثم
استدرك) التقریرات بقوله نعم یتم ذلک فیما لو قلنا بان الوصف علۀ مستقلۀ یعنی بها المنحصرة (قال) کما فی منصوص العلۀ فیخرج
بذلک عن مفهوم الوصف (انتهی) (وحاصله) أنه لو قلنا ان السوم فی المثال علۀ منحصرة لوجوب الزکاة کما فی منصوص العلۀ کقوله
لا تشرب الخمر لأنه مسکر فیتم ما ادعاه بعض الشافعیۀ فکما أن قوله لا تشرب الخمر لأنه مسکر مما یدل علی نفی حرمۀ ما لم یسکر
ولو لم یکن خمرا فکذلک قوله فی الغنم السائمۀ زکاة یدل علی عدم الزکاة فیما لیس بسائمۀ ولو لم یکن غنما کالإبل المعلوفۀ غیر
أنه لیس حینئذ من باب مفهوم الوصف بل من باب استفادة العلیۀ المنحصرة من الوصف (فیقول المصنف) معترضا علی التقریرات أنه
لو کان وبه ما ادعاه بعض الشافعیۀ هو ذلک أي استفادة العلیۀ المنحصرة من الوصف فیجري النزاع حینئذ حتی فی الوصف المساوي
أو الأعم المطلق فیدل مثل قوله جئنی بإنسان ضاحک أو حساس علی عدم وجوب الإتیان بغیر الضاحک أو بغیر الحساس ولو لم یکن
إنسانا کالحمار أو الجماد فلا وجه لتفصیله بین الوصف المساوي والأعم المطلق والالتزام بخروجهما عن محل النزاع وبین الوصف
الأخص من وجه فی مادة الافتراق من الوصف والموصوف جمیعا کالإبل المعلوفۀ والالتزام بجریان النزاع فیه.
(أقول) والظاهر أن الاعتراض فی غیر محله فان التقریرات یعترف
(211)
( مفاتیح البحث: الزکاة ( 8)، الوجوب ( 1
صفحه 214
الصفحۀ 212
بأنه لو قلنا باستفادة العلیۀ المنحصرة من الوصف الأخص من وجه فهو لیس من باب مفهوم الوصف فهو لا یذعن أنه من باب مفهوم
الوصف کی یعترض علیه بأنه لا وجه للتفصیل بینه وبین الوصف المساوي والأعم بخروج الأخیرین عن محل النزاع ودخول الأول فیه.
(نعم) یرد علی التقریرات أن أقصی ما تقتضیه العلۀ المنصوصۀ کما فی قوله لا تشرب الخمر لأنه مسکر هو حرمۀ المسکر مطلقا ولو لم
یکن خمرا لا عدم حرمۀ ما لم یسکر ولو لم یکن خمرا الا إذا استفید ان العلۀ للحرمۀ منحصرة بالإسکار وهی غیر العلۀ المنصوصۀ.
(وبالجملۀ) قیاس العلۀ المنحصرة علی العلۀ المنصوصۀ مما لا وجه له.
(قوله وأما فی غیره … إلخ) أي فی مورد الافتراق من جانب الوصف والموصوف جمیعا فإنه الذي یظهر عن بعض الشافعیۀ جریان
النزاع فیه لا مطلقا ولو کان الافتراق من جانب الوصف فقط کالسائمۀ من غیر الغنم (قوله فیما إذا کان الافتراق من جانب الوصف…
إلخ) العبارة ناقصۀ والصحیح هکذا فیما إذا کان الافتراق من جانب الوصف والموصوف جمیعا فان کلام بعض الشافعیۀ کان فی مورد
صفحۀ 138 من 245
الافتراق من جانبهما کلیهما کالإبل المعلوفۀ لا من جانب الوصف فقط کالإبل السائمۀ ومنشأه هو نقص عبارة صاحب التقریرات
رحمه الله فان المصنف نقلها علی ما هی علیه من غیر أن یتفطن نقصها فیتدارکه فراجع.
(212)
صفحه 215
الصفحۀ 213
فی مفهوم الغایۀ (قوله فصل هل الغایۀ فی القضیۀ تدل علی ارتفاع الحکم عما بعد الغایۀ … إلخ) فی الغایۀ مقامان من الکلام.
(الأول) أن الغایۀ هل هی داخلۀ فی المغیا أم خارجۀ عنه فإذا قال مثلا صم من أول الشهر إلی الیوم العاشر فهل یجب صوم یوم العاشر
کما یجب قبله أم لا (الثانی) أن الغایۀ سواء کانت داخلۀ فی المغیا أم خارجۀ عنه هل هی تدل مفهوما علی ارتفاع الحکم عما بعد
الغایۀ بناء علی دخولها فی المعنی أو عن نفس الغایۀ وبعدها بناء علی خروجها عن المغیا أم لا.
(أما المقام الأول) فسیأتی الکلام فیه عند تعرض المصنف له.
(وأما المقام الثانی) ففی التقریرات أن المشهور بل المعظم علی الأول أي الدلالۀ وأنه ذهب جماعۀ منهم السید والشیخ إلی الثانی أي
عدم الدلالۀ (وأما تحقیق المصنف)ها هنا فحاصله أن الغایۀ (إن کانت) بحسب القواعد العربیۀ أي بحسب متفاهم أهل اللسان قیدا
للحکم کما فی قوله کل شیء حلال حتی تعرف أنه حرام أو کل شیء طاهر حتی تعرف أنه قذر فهی تدل علی ارتفاع الحکم بمجرد
حصول الغایۀ وذلک للتبادر ولکونه مقتضی التقیید بها (وإن کانت) بحسبها قیدا للموضوع یعنی به متعلق الحکم کالسیر فی قولک
سر من البصرة إلی الکوفۀ فحالها حال الوصف فی عدم المفهوم فلا تدل علی ارتفاع سنخ الحکم بحصول الغایۀ وإن ارتفع به شخص
الحکم ولکنه لیس من باب المفهوم کما عرفته مرارا (ووجه) عدم الدلالۀ عدم وضعها لذلک لغۀ وعدم قرینۀ عامۀ ملازمۀ لذلک
غالبا (وأما فائدة) التحدید بها کسائر التحدیدات
(213)
( مفاتیح البحث: مدینۀ الکوفۀ ( 1)، مدینۀ البصرة ( 1)، الطهارة ( 1)، الصیام، الصوم ( 1
صفحه 216
الصفحۀ 214
علی ما مر فی الوصف غیر منحصرة بالمفهوم فکما أن التوصیف جاز أن یکون لشدة الاهتمام بمورد الوصف أو لدفع توهم عدم
شمول الحکم لمورد الوصف أو لغیر ذلک من أمور أخر فکذلک التحدید بالغایۀ جاز أن یکون لشدة الاهتمام بما قبل الغایۀ کما فی
قوله إذا حضر شهر رمضان فاتلوا القرآن حتی ینسلخ الشهر أو لدفع توهم عدم شمول الحکم لما قبل الغایۀ کما فی قوله أحسن إلی
من أبغضک إلی أن یحبک.
(أقول) ان الغایۀ وان لم تدل علی ارتفاع الحکم بحصول الغایۀ مطلقا علی وجه لو قال صم إلی الیوم العاشر ثم قال ومن العشرین إلی
الآخر کان الثانی منافیا لمفهوم الأول بحیث وجب تخصیص المفهوم به ولکنها مما تدل علی ارتفاع الحکم بحصول الغایۀ فی الجملۀ
والا لکان التحدید بها لغوا غالبا (وأما التحدید) بها لأجل شدة الاهتمام بما قبل الغایۀ أو لغیرها وان کان قد یتفق أحیانا ولکنه لیس
دائما من هذا القبیل ففی الأغلب یکون لأجل ارتفاع الحکم بحصول الغایۀ ولو فی الجملۀ والا لکان التحدید بها عبثا جدا (وأما
الفرق) بین تحدید الحکم بها وبین تحدید متعلقه بها فمما لا وجه له فان الحکم الظاهري کما فی الحدیثین الشریفین وان کان مما
یرتفع مطلقا بمجرد حصول غایته وهو العلم إذ لا یعقل ثبوت الحلیۀ الظاهریۀ أو الطهارة الظاهریۀ مع حصول العلم وارتفاع الجهل
صفحۀ 139 من 245
ولکن الحکم الواقعی لیس من هذا القبیل فیجوز أن یجتمع مع حصول غایته ولو فی الجملۀ فإذا قال مثلا یجب علیک الصوم من أول
الشهر إلی العاشر جاز أن یقول ومن العشرین إلی الآخر من دون أن یکون بینهما تناف عرفا.
(وبالجملۀ) التحدید بالغایۀ فیما سوي الحکم الظاهري مما یدل علی ارتفاع الحکم فی الجملۀ وان لم یدل علی ارتفاعه مطلقا من غیر
فرق بین کون الغایۀ قیدا للحکم الواقعی أو لمتعلقه.
(214)
( مفاتیح البحث: شهر رمضان المبارك ( 1)، القرآن الکریم ( 1)، الجهل ( 1)، الصیام، الصوم ( 1)، الطهارة ( 1
صفحه 217
الصفحۀ 215
(قوله وأما إذا کانت بحسبها قیدا للموضوع … إلخ) ویعنی بالموضوع متعلق الحکم کما أشرنا وان کان إطلاق الموضوع علی متعلق
الحکم خلاف الاصطلاح.
(قوله وان کان تحدیده بها بملاحظۀ حکمه … إلخ) وحاصله أن تحدید الموضوع بالغایۀ وان کان هو بملاحظۀ حکمه المتعلق به
ویکون مرجعه إلی تحدید الحکم بها ولکنه مع ذلک إذا کانت الغایۀ بحسب القواعد العربیۀ ومتفاهم أهل اللسان قیدا للموضوع لا
للحکم لا تدل علی ارتفاع سنخ الحکم بحصول الغایۀ وقد عرفت معنی ارتفاع السنخ فی مفهوم الشرط فلا نعید.
(قوله وقضیته لیس الا عدم الحکم فیها الا بالمغیی … إلخ) أي وقضیۀ تحدید الموضوع بالغایۀ لیس الا عدم الحکم فی القضیۀ الا
بالمغیی من دون دلالۀ لها علی المفهوم وارتفاع سنخ الحکم بحصول الغایۀ.
(قوله وفائدة التحدید بها کسائر أنحاء التقیید غیر منحصرة بإفادته … إلخ) دفع لما قد یتوهم من أن التحدید بالغایۀ لو لم یدل علی
ارتفاع الحکم بحصول الغایۀ فما فائدة التحدید بها فیقول ان فائدة التحدید بها مما لا ینحصر بالمفهوم کما مر فی الوصف بل قد
یکون لشدة الاهتمام بما قبل الغایۀ أو لدفع توهم شمول الحکم لما قبل الغایۀ وقد تقدم التمثیل لهما فتذکر.
(قوله ثم انه فی الغایۀ خلاف آخر کما أشرنا إلیه … إلخ) هذا هو المقام الأول الذي قد أخره المصنف عن المقام الثانی ومقصوده
من قوله کما أشرنا إلیه هو ما تقدم من قوله فی صدر البحث بناء علی دخول الغایۀ فی المغیا أو عنها وبعدها بناء علی خروجها … إلخ
(وعلی کل حال) ان فی هذا المقام أقوال عدیدة (قال فی التقریرات) أما المقام الأول فاختلف القوم فیه علی أقوال فذهب نجم الأئمۀ
إلی الخروج مطلقا نظرا إلی أن حدود الشیء خارجۀ
(215)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1
صفحه 218
الصفحۀ 216
عنه وحمل الموارد التی یظهر فیها الدخول علی وجود القرینۀ فیها وقیل بالدخول مطلقا وفصل ثالث بین حتی وإلی فقال بالدخول فی
الأول وبعدمه فی الثانی اختاره الزمخشري علی ما نسب إلیه وادعی بعض النحاة الإجماع علی الدخول فی حتی ولعله خلط بین العاطفۀ
والخافضۀ کما نص علیه ابن هشام وفصل بعضهم بین ما إذا کان ما قبل الغایۀ وما بعدها متحدین فی الجنس فقال بالدخول وبین غیره
وهنا أقوال أخر (انتهی) ومختار المصنف قدس سره هو ما ذهب إلیه نجم الأئمۀ من الخروج مطلقا ما لم تقم علی الدخول قرینۀ
بالخصوص نظرا إلی کون الغایۀ من حدود الشیء وهی خارجۀ عنه (وفیه) أن حد الشیء ان کان عبارة عن أول جزء من الأمر
صفحۀ 140 من 245
الملاصق للشیء فهو خارج عنه وان کان عبارة عن آخر جزء من أجزاء الشیء فهو داخل فیه ولم یعلم کونه عبارة عن الأول (وعلیه)
فدعوي خروج الغایۀ لکونها من الحدود مما لا یخلو عن نظر (والحق) أن الغایۀ تختلف دخولا وخروجا باختلاف المقامات ولا ضابطۀ
لها (فقد تکون) خارجۀ عن المغیا کما فی قوله تعالی وأتموا الصیام إلی اللیل (وقد تکون) داخلۀ فیه کما فی قولک صم إلی آخر
الشهر وهکذا الأمر فی حتی الخافضۀ التی هی للغایۀ وتکون بمعنی إلی (فقد تکون) الغایۀ فیها خارجۀ عن المغیا کما فی قوله تعالی
وکلوا واشربوا حتی یتبین لکم الخیط الأبیض من الخیط الأسود أو کما نمت البارحۀ حتی الصباح (وقد تکون) داخلۀ فیه کما فی
قولک سرت الیوم حتی الکوفۀ أو صمت الشهر حتی آخره فاللازم فی کل مورد مراعاة القرائن والشواهد الحالیۀ أو المقالیۀ الموجودة
فیه فان کان هناك دلیل علی خروجها أو دخولها فهو والا فنفس الغایۀ بطبعها الأصلی مما لا دلالۀ لها علی الدخول ولا الخروج فلا بد
عند الشک فی حکمها من حیث اللحوق بما قبلها وعدمه من الرجوع إلی الأصل العملی وأما حتی العاطفۀ کما فی قولک
(216)
( مفاتیح البحث: مدینۀ الکوفۀ ( 1)، الزمخشري ( 1)، الصیام، الصوم ( 1
صفحه 219
الصفحۀ 217
أکلت السمکۀ حتی رأسها أو مات الناس حتی الأنبیاء فهی خارجۀ عن محل الکلام لعدم کونها للغایۀ ومدخولها ملحق بما قبلها اتفاقا
کما نص علیه ابن هشام (قال) فیما أفاده فی کلمۀ حتی (ما لفظه) وزعم الشیخ شهاب الدین القرافی أنه لا خلاف فی وجوب دخول ما
بعد حتی ولیس کما ذکر بل الخلاف فیها مشهور وإنما الاتفاق فی حتی العاطفۀ لا الخافضۀ والفرق أن العاطفۀ بمنزلۀ الواو (انتهی).
(قوله وعلیه یکون کما بعدها بالنسبۀ إلی الخلاف الأول … إلخ) أي وبناء علی خروج الغایۀ عن المغیا تکون الغایۀ کما بعدها بالنسبۀ
إلی الخلاف الأول فان قلنا فی الخلاف السابق بالمفهوم وارتفاع سنخ الحکم بحصول الغایۀ فالحکم مرتفع عنها کما بعدها وإن قلنا
بسکوت الغایۀ عن ارتفاع سنخ الحکم بحصولها فهی ساکتۀ عن نفسها کما بعدها کما أن بناء علی دخول الغایۀ فی المغیا تکون کما
قبلها داخلۀ فی المنطوق ومحکومۀ بحکمه.
(قوله ثم لا یخفی ان هذا الخلاف لا یکاد یعقل جریانه فیما إذا کان قیدا للحکم فلا تغفل … إلخ) ووجه عدم الجریان علی ما یظهر
من تعلیقته علی الکتاب أن الغایۀ إذا کانت قیدا للحکم فالمغیا هو نفس الحکم ولا یعقل دخول الغایۀ فی نفس الحکم نعم یعقل
النزاع حینئذ بنحو آخر بأن یقال هل الحکم ینقطع بمجرد حصول الغایۀ أو لا ینقطع إلا بتحقق تمام الغایۀ فإذا قال مثلا یجب علیک
الصوم من أول الشهر إلی العاشر فهل الوجوب ینقطع بمجرد الشروع فی العاشر أو لا ینقطع إلا بتحقق تمام العاشر.
(أقول) إن دخول الغایۀ فی المغیا فی کل مقام بحسبه وإلا ففیما کانت الغایۀ قیدا لمتعلق الحکم أیضا لا معنی لدخول الغایۀ فی متعلق
الحکم فإذا قال مثلا سر من البصرة إلی الکوفۀ فلا معنی لدخول الکوفۀ فی السیر فکما یقال إن
(217)
( مفاتیح البحث: مدینۀ الکوفۀ ( 2)، مدینۀ البصرة ( 1)، الموت ( 1)، الصیام، الصوم ( 1)، الوجوب ( 1
صفحه 220
الصفحۀ 218
دخولها فیه یکون بمعنی اندراجه تحت وجوب السیر فکذلک یقال إن دخول العاشر فی الوجوب یکون بمعنی عدم انقطاعه عنه
(وعلیه) فلا تحتاج إلی هذا التفصیل والتطویل أبدا.
صفحۀ 141 من 245
فی مفهوم الاستثناء (قوله فصل لا شبهۀ فی دلالۀ الاستثناء علی اختصاص الحکم سلبا أو إیجابا بالمستثنی منه ولا یعم المستثنی
ولذلک یکون الاستثناء من النفی إثباتا ومن الإثبات نفیا … إلخ) لا شبهۀ فی دلالۀ الاستثناء علی اختصاص شخص الحکم الذي أنشأه
المتکلم سلبیا کان أو إیجابیا بالمستثنی منه فان الاستثناء قد أخرج المستثنی وتضیقت به دائرة الموضوع والحکم لا یکاد یشمل الا
موضوعه (ولکن) هل ینتفی سنخ الحکم ونوعه عن المستثنی (وبعبارة أخري) هل یدل الاستثناء مفهوما علی نقیض الحکم فی
المستثنی بحیث کان الاستثناء من النفی إثباتا ومن الإثبات نفیا (والحق) تبعا للمشهور أنه یدل وذلک للانسباق فان الاستثناء وان کان
مدلوله المطابقی هو القطع کالمقراض فیخرج المستثنی من المستثنی منه ولازمه العقلی هو اختصاص شخص الحکم بالمستثنی منه
وانتفائه عن المستثنی ولکن العرف یستفید فوق ذلک وهو انتفاء السنخ أیضا بل وثبوت النقیض المستثنی فلو قال مثلا أکرم العلماء الا
زیدا وثبت بدلیل آخر وبإنشاء جدید وجوب إکرام زید کان ذلک معارضا للأول ولیس ذلک الا لاستفادة انتفاء السنخ عن المستثنی
فوق الشخص بل وثبوت النقیض له عرفا فتأمل جیدا.
(ثم ان) المحکی عن أبی حنیفۀ أنه قد خالف المشهور فی الاستثناء
(218)
( مفاتیح البحث: الکرم، الکرامۀ ( 1)، الوجوب ( 2
صفحه 221
الصفحۀ 219
محتجا بقوله صلی الله علیه وآله وسلم لا صلاة الا بطهور بل یظهر من الفصول وقد عنون المسألۀ فی العام والخاص أنه احتج بمثل لا
علم الا بحیاة أیضا (وظاهر التقریرات) أن خلافه ناظر إلی کلا الشقین فلا الاستثناء من النفی یفید الإثبات ولا الاستثناء من الإثبات
یفید النفی ولکن ظاهر استدلاله المذکور هو الاختصاص بالشق الأول بمعنی أن الاستثناء من النفی لا یفید الإثبات لأن الصلاة لا
تکون بمجرد الطهور (ویؤیده) ما حکی عن البهائی فی حاشیته علی الزبدة من أن المشهور أن الحنفیۀ یوافقون فی الاستثناء من
الإثبات (وعلی کل حال) قد أجاب عنه المصنف بجوابین.
(الأول) أن المراد من الصلاة هی الصلاة الواجدة للأجزاء والشرائط أي لا صلاة واجدة للأجزاء والشرائط الا بالطهور ومن المعلوم أن
الصلاة کذلک تکون بالطهور.
(الثانی) أنه لو سلم عدم کون الاستثناء من النفی إثباتا فالاستعمال مع القرینۀ أحیانا کما فی المثال ونحوه مما علم فیه الحال لا یکاد
یجدي (وأجاب عنه) فی تعلیقته علی الکتاب بنحو ثالث قال عند التعلیق علی قوله بکون المراد من مثله (ما هذا لفظه) بل المراد من
مثله فی المستثنی منه نفی الإمکان ذاته وأنه لا یکاد یکون بدون المستثنی وقضیته لیس الا إمکان ثبوته معه لا ثبوته فعلا لما هو
واضح لمن راجع أمثاله من القضایا (انتهی) وحاصله أن المعنی هکذا أي لا صلاة بممکنۀ الا بطهور فتمکن به لا أنه لا صلاة
بموجودة الا بطهور فتوجد به کی یقال إن الصلاة لا توجد بمجرد الطهور وهذا لمن تدبر أمثاله من القضایا واضح کقولک لا إحراق
الا بحطب أي لا إحراق بممکن الا بحطب فیمکن به أو لا حج الا بالزاد والراحلۀ أي لا حج بممکن الا بالزاد والراحلۀ فیمکن بهما
وهکذا.
(219)
( مفاتیح البحث: الحج ( 2)، الصّلاة ( 9
صفحه 222
صفحۀ 142 من 245
الصفحۀ 220
(أقول) ویمکن الجواب عنه بنحو رابع بأن یقال إن المنفی بکلمۀ لا لیس هو الإمکان کما ادعاه المصنف فی الجواب الثالث وان جاز
دعواه بل المنفی هو الوجود کما هو المفروض فی الجواب الأول ویشهد له صحۀ التصریح به بأن یقال لا صلاة بموجودة الا بطهور
ولکن المقصود من الاستثناء من النفی لیس إثبات الوجود بنحو العلیۀ التامۀ کما فی لا نهار الا بالشمس ولا لیل الا بغروب ولا شیء
الا بمشیۀ الله وهکذا کی یقال إنه لا توجد الصلاة بمجرد الطهور بل المراد إثبات الوجود بنحو الاقتضاء أي مع انضمام سایر ما له
الدخل شطرا أو شرطا کما فی لا صلاة الا بفاتحۀ الکتاب ولا علم الا بحیاة ولا حیاة الا بماء وهکذا الأمر فی مثالی الإحراق والحج
وغیرهما.
(ثم) إن فی الاستثناء نزاع آخر غیر ما تقدم وعرفت لم یؤشر إلیه المصنف وهو أن الاستثناء من النفی هل یدل علی حصر النقیض
بالمستثنی أم لا فإذا قال مثلا ما جاءنی القوم الا زیدا فهل یدل علی حصر الجائی بزید علی نحو لو ثبت بعدا أنه جاء مع زید رجل
آخر کان ذلک مخصصا للحصر المستفاد من القضیۀ أم لا.
(أقول) والظاهر أن هذا النزاع بعد الفراغ عن النزاع الأول فبعد الفراغ عن کون الاستثناء من النفی إثباتا وأنه یدل بالمفهوم علی نقیض
الحکم فی المستثنی یقع الکلام فی دلالته مفهوما علی حصر النقیض بالمستثنی (والظاهر) أنه لا إشکال فی استفادة الحصر منه عرفا
فوق ثبوت أصل النقیض له غیر أنه لا وجه لحصر النزاع بالاستثناء من النفی بل ینبغی إجرائه فی الاستثناء من الإثبات أیضا غایته أن
الاستثناء من النفی یدل علی حصر الحکم الإیجابی بالمستثنی والاستثناء من الإیجاب یدل علی حصر الحکم السلبی بالمستثنی.
(قوله لا تکون صلاة علی وجه … إلخ) أي علی القول بالصحیح
(220)
( مفاتیح البحث: یوم عرفۀ ( 1)، الحج ( 1)، الصّلاة ( 4
صفحه 223
الصفحۀ 221
(قوله وصلاة تامۀ علی وجه آخر … إلخ) أي علی القول بالأعم.
(قوله ومنه قد انقدح أنه لا موقع للاستدلال علی المدعی بقبول رسول الله صلی الله علیه وآله إسلام من قال کلمۀ التوحید … إلخ) رد
علی التقریرات والفصول جمیعا حیث استدلا به (فقال فی التقریرات) وقبول رسول الله صلی الله علیه وآله إسلام من قال لا اله الا الله
من أعدل الشواهد علی ذلک أي علی کون الاستثناء من النفی مفیدا للإثبات (وقال فی الفصول) وقد عنون المسألۀ مشروحا فی العام
والخاص کما أشرنا (ما هذا لفظه) وثالثا الاتفاق علی أن کلمۀ التوحید تفیده ولو کان مدلول الاستثناء الإعلام بعدم التعرض لحال
المستثنی لم تفده.
(قوله والإشکال فی دلالتها علیه … إلخ) أي والإشکال فی دلالۀ کلمۀ التوحید علی التوحید … إلخ (وحاصل الإشکال) أن فی کلمۀ
لا اله الا الله ان کان المقدر لخبر (لا) لفظۀ ممکن أي لا اله بممکن الا الله فلا تدل حینئذ علی إثبات وجوده تعالی فضلا عن نفی غیره
وان کان المقدر لخبر (لا) لفظۀ موجود أي لا اله بموجود الا الله فأقصی ما تدل علیه کلمۀ التوحید حینئذ هو إثبات الوجود له جل
وعلا من دون أن تدل علی عدم إمکان اله آخر معه لیثبت بها التوحید.
(قوله مندفع بان المراد من الله هو واجب الوجود … إلخ) وحاصل الدفع أن المقدر لخبر (لا) هو لفظۀ موجود أي لا اله بموجود الا الله
ولکن المراد من الله هو واجب الوجود وحینئذ فنفی وجوده فی الخارج وإثبات فرد منه فیه مما یدل علی امتناع غیره إذ لو لم یکن
الغیر ممتنعا لوجد بعد فرض کونه من أفراد واجب الوجود.
صفحۀ 143 من 245
(أقول) والإنصاف أن الدفع مما لا یحتاج إلی هذه التکلفات فان
(221)
( مفاتیح البحث: الرسول الأکرم محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله ( 2
صفحه 224
الصفحۀ 222
الجواب الصحیح أنه لا یجب فی دلالۀ کلمۀ التوحید علی التوحید دلالتها علی امتناع غیره تعالی بل یکفی فیها دلالتها علی عدم وجود
اله غیره تعالی وهذا هو معنی التوحید وأما امتناع غیره تعالی فهو وإن کان حقا ولکنه أمر آخر لا ربط له بالتوحید کما لا یخفی.
(قوله ثم إن الظاهر أن دلالۀ الاستثناء علی الحکم فی طرف المستثنی بالمفهوم وأنه لازم خصوصیۀ الحکم فی جانب المستثنی منه…
إلخ) والظاهر أن المصنف قد أراد بقوله هذا قیاس المقام بباب الشرط والوصف فکما أن المفهوم فیهما علی القول به کان من لوازم
خصوصیۀ المعنی المنطوق به وهی علیۀ الشرط أو الوصف بنحو الانحصار فکذلک فی المقام ثبوت نقیض الحکم فی المستثنی یکون
من لوازم خصوصیۀ الحکم فی المستثنی منه وهو مما لا وجه له فان نقیض الحکم فی المستثنی کما أشیر فی صدر البحث انما هو من
لوازم المدلول المطابقی للاستثناء وهو القطع وإخراج المستثنی من المستثنی منه بمعنی أنه یلزمه عرفا ثبوت النقیض للمستثنی وان لم
یلزمه عقلا لا أنه من لوازم خصوصیۀ الحکم فی المستثنی منه.
(قوله نعم لو کانت الدلالۀ فی طرفه بالاستثناء لا بتلک الجملۀ کانت بالمنطوق … إلخ) بل الدلالۀ علی نقیض الحکم فی طرف
المستثنی تکون بالاستثناء قطعا بمعنی کون النقیض مدلولا التزامیا له حیث أنه من لوازم مدلوله المطابقی وهو القطع وإخراج المستثنی
من المستثنی منه ومع ذلک لا تکون الدلالۀ بالمنطوق بل بالمفهوم نظیر دلالۀ الحاتم علی الجود مفهوما أي التزاما.
(222)
( مفاتیح البحث: الجود ( 1
صفحه